وفاة غامضة تجدد الأزمة بين أطباء مصر والشرطة

04 ابريل 2023
تكررت اعتداءات أفراد الشرطة على أطباء مصر (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

تتصاعد تداعيات وفاة الطبيب المصري رجائي وفائي محمد داخل قسم شرطة، لتنذر بأزمة جديدة بين وزارة الداخلية ونقابة أطباء مصر التي تقدمت ببلاغ إلى النائب العام.

أعلن أمين لجنة الإعلام في نقابة أطباء مصر، أحمد حسين، استقالته من مجلس النقابة؛ اعتراضاً على ما وصفه بـ"الرضوخ للضغوط من خارج المجلس لحذف خبرين جرى نشرهما على الصفحة الرسمية لنقابة الأطباء في موقع "فيسبوك"، بشأن تقديم بلاغ إلى النائب العام في واقعة وفاة الطبيب رجائي وفائي".
وكتب عضو مجلس النقابة المستقيل، عبر حسابه على موقع "فيسبوك"، أن هذا يحدث "بدلاً من أن نفخر بأننا نتخذ المسار القانوني لمحاسبة المخطئ مهما كانت الجهة التي ينتمي إليها. عذراً، لن أستطيع أن أكون نقابياً مقيداً بحواجز سوى القانون وآداب المهنة، عذراً، فأنا أحترم نفسي في الظل أفضل من أن أكون في دائرة الضوء بينما أحتقر نفسي. زملائي: حاولت قدر استطاعتي أن أستمر، ولكن من العبث أن أستمر في العبث".
وتزامنت استقالة أمين لجنة الإعلام، مع نشر النقابة بياناً توضيحياً بشأن البلاغ في واقعة وفاة الطبيب داخل قسم شرطة مدينة جمصة في محافظة الدقهلية (شمال). وقالت النقابة في بيانها الجديد: "صدرت بعض المعلومات والأخبار عن نقابة أطباء مصر في واقعة وفاة الطبيب رجائي وفائي محمد، أخصائي الطب النفسي بالدقهلية، على إثر حبسه احتياطياً بقسم شرطة جمصة، ومجلس النقابة يؤكد تمسكه بواجباته الأصيلة في دعم الأطباء وأسرهم في حقوقهم كافة بمختلف القضايا المهنية والاجتماعية، كما يؤكد مجلس النقابة أن هذا الدعم في أطر الالتزام بالقانون في المسارات المشروعة كافة".


وأوضح بيان مجلس النقابة أن "البلاغ الذي تقدم به (الخميس 30 مارس/آذار) إلى النائب العام للتحقيق في واقعة وفاة الطبيب رجائي وفائي؛ كان بناء على شكوى من زوجة الطبيب، والتي لجأت إلى نقابة الأطباء، وما أورده بلاغ النقابة العامة للأطباء هي اتهامات للتحقيق فيها، ولا تحمل الإدانة، كما لا تحمل التبرئة". وطالبت النقابة النائب العام، بالتوجيه للتحقيق الكاشف، مؤكدة أنها "تعي جيداً الفواصل الفارقة والواضحة بين تصرفات وتجاوز الأفراد وبين الجهات أو المهن التي يمتهنونها، والنقابة ستتابع مسار البلاغ حتى استجلاء كامل الحقيقة وتحقيق العدالة".
وفي بلاغها إلى النائب العام، طالبت النقابة بتوجيه تهمة القتل العمد إلى مأمور وضباط وأفراد قسم شرطة جمصة الذين تعاملوا مع الطبيب رجائي وفائي، وذلك استناداً إلى قانون العقوبات المصري، والذي ينص على أن: "كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم، أو فعل ذلك بنفسه، لحمله على الاعتراف؛ يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات، وإذا مات المجني عليه يحاكم بالعقوبة المقررة للقتل العمد".
وقبل ساعات من استقالة أمين الإعلام في النقابة، أحمد حسين، وصدور بيانها التوضيحي؛ أعلن حسين، أنه تلقى "مكالمة تهديد من ضابط في الأمن الوطني، يطالبه بحذف خبرين منشورين على حساب النقابة في موقع فيسبوك"، في إشارة إلى بيان النقابة بشأن بلاغها للنائب العام، ومنشور آخر يضم مادة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تنص على أنه "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة".

الصورة
احتجاج سابق لأطباء مصر ضد الاعتداء عليهم (محمد الراعي/الأناضول)
احتجاج سابق لأطباء مصر ضد الاعتداء عليهم (محمد الراعي/الأناضول)

وتوفي الطبيب رجائي وفائي محمد في 6 مارس داخل قسم شرطة جمصة، خلال خضوعه للحبس الاحتياطي، وفي 30 مارس، بدأ تدخل نقابة الأطباء الرسمي، فطالبت في بيان رسمي حمل بلاغاً إلى النائب العام المصري، بمساءلة مأمور قسم الشرطة وجميع الضباط وأفراد الشرطة به، وأكدت أن مستشارها القانوني، محمود عباس، تقدم بالبلاغ إلى النائب العام وكيلاً عن نقيب الأطباء، حسين خيري، ووكيلاً عن أرملة الطبيب رجائي وفائي.
وشرح المستشار القانوني لنقابة الأطباء، في البلاغ، أن الطبيب رجائي وفائي، أخصائي الطب النفسي، جرى التحقيق معه في قضية مهنية، وأصدرت النيابة العامة قراراً بحبسه لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيق، وأُودع الحبس في قسم شرطة جمصة، ثم جُدد حبسه لمدة 15 يوماً جديدة، وخلال فترة حبسه الاحتياطي، واجه تعنتاً ومعاملة سيئة من قبل ضباط وأمناء الشرطة بقسم جمصة، كما تعرض للتعذيب النفسي والبدني، ما يعد انتهاكاً لجميع المواثيق والمعاهدات الدولية التي التزمت بها مصر لحماية حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب بأشكاله كافة، إضافة إلى الدستور المصري الذي تضمن العديد من المواد التي تحمي حقوق الإنسان، ومنها المادة 55 التي تنص على أن "كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ كرامته، ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً".

ونفت وزارة الداخلية المصرية، في بيان رسمي عبر صفحتها على موقع "فيسبوك"، وفاة الطبيب في قسم شرطة جمصة، نتيجة الإهمال الطبي أو التعذيب، رداً على البلاغ الذي قدمته النقابة العامة لأطباء مصر إلى النائب العام للتحقيق في الوفاة، وجاء في بيان وزارة الداخلية أنه "لا صحة لما جرى تداوله من ادعاءات بشأن وفاة طبيب نفسي أثناء حبسه احتياطياً بقسم شرطة جمصة في الدقهلية نتيجة عدم تقديم الرعاية الصحية له". وشرح البيان تفاصيل القبض على الطبيب وسبب الوفاة، مشيراً إلى أنه "بتاريخ 28 فبراير/شباط الماضي، توفي نزيل بأحد مراكز العلاج من الإدمان والأمراض النفسية الخاصة الكائنة بدائرة القسم، وباستدعاء المدير المسؤول، وهو طبيب الأمراض النفسية، قرر أن المتوفى نزيل بالمركز، وكان يعالج من الإدمان، وبالعرض على النيابة العامة؛ قررت تشكيل لجنة من إدارة العلاج الحر والمجلس الإقليمي للصحة النفسية للانتقال إلى المركز لإجراء المعاينة اللازمة، وعقب ذلك وجهت النيابة العامة للمدير المسؤول تهمتي تقديم مواد ضارة للنزيل المذكور أدت إلى وفاته، وعدم استيفاء إجراءات ترخيص المنشأة الطبية المشار إليها، وقررت حبسه على ذمة القضية".
وتابع البيان: "بتاريخ 6 مارس، شعر الطبيب بحالة إعياء، وجرى نقله إلى مستشفى جمصة المركزي لتلقي العلاج، إلا أنه توفي، وورد تقرير من المستشفى يفيد بأن الوفاة طبيعية، وكانت نتيجة أزمة تنفسية حادة، وبسؤال زوجته، وهي طبيبة أيضاً، لم تتهم أحداً بالتسبب في ذلك، وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية، وتولت النيابة العامة التحقيق".

المساهمون