كان لافتاً قول وزير العلوم والتعليم العالي الروسي فاليري فالكوف بعد غزو بلاده لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي، وفرض الغرب عقوبات على موسكو، إن "العقوبات ليست قيوداً فقط، بل فرصاً جديدة خصوصاً للعلوم والتكنولوجيا المحلية". ويورد تقرير نشره موقع "تايمز هاير إيديوكيشن" أن "أكاديميين شككوا في مرحلة أولى بدفع الكرملين بالسيادة التكنولوجية، قبل أن تظهر موسكو تطلعها لاستقبال أكثر ودية في الشرق، بعدما كشف رئيس الأكاديمية الروسية للعلوم ألكسندر سيرجيف في منتصف إبريل/ نيسان الماضي أن المجموعة ستعلن قريباً مشاريع مشتركة جديدة مع الهند التي وصفها بأنها نموذج إيجابي للتعاون الدولي". وينقل الموقع عن أستاذ اللغة الإنكليزية في جامعة دلهي، ديبياني سينغوبتا، قوله إن "الهند تتمتع بعلاقة وثيقة مع روسيا منذ عقود، ما يجعل توقع عدم تعاونها مع روسيا أمراً غير واقعي. لكن لا يمكن تجاهل واقع أن حرب أوكرانيا جلبت معادلة جديدة تحتم عدم شعور بعض مؤسساتها بارتياح من استمرار البحث العلمي الوثيق مع روسيا، وواضح أنها لا تظهر مخاوفها الأخلاقية حالياً".
وفي 25 إبريل/ نيسان الماضي، أعلنت جامعة شانديغار بمقاطعة البنجاب أنها وقعت مذكرة تفاهم مع جامعة ولاية سان بطرسبرغ. ثم كشفت جامعة جواهر لآل نهرو أن مسؤوليها التقوا وفد باحثين روس لمناقشة تعزيز التعاون الأكاديمي.
ويرى خبراء في شؤون السياسة الخارجية أن الشراكات الحالية لروسيا ليست خياراً. وتشدد أستاذة العلوم السياسية في جامعة ماكغيل الكندية، ماريا بوبوفا، على أن "روسيا لا تملك إلا خيار محاولة إعادة التمحور في ما يتعلق بتطوير قدرات البحث المحلية التي ينسجم مع تعهد رئيسها فلاديمير بوتين إيجاد بدائل محلية للمنتجات التي تقدمها شركات أجنبية غادرت بسبب العقوبات. لكنني أشكك في قدرة الكرملين على دفع عجلة العلوم الوطنية، فالقول هنا أسهل من الفعل، خاصة أن معارضة نظام بوتين أعلى نسبياً بين العاملين في قطاع التكنولوجيا الفائقة، وقد هاجر كثيرون منهم أو يخططون لذلك".
وهنا يعتبر الأستاذ في جامعة هونغ كونغ، أناتولي أوليكسينكو، أن وضع روسيا في العلوم والتعليم العالي يتغير إلى هامشي، مع إنهاء الشراكات أو تدهورها، وتزايد هجرة الأدمغة واكتساب الدولة صورة دولة منبوذة أو إرهابية. وحتى الاستثمار الكبير في العلوم والتكنولوجيا لن يحد من الإحباط المتزايد بين نخبة العلماء الذين اعتادوا التعاون مع كبار العقول في الخارج".