وصل الطالب المغربي إبراهيم سعدون، المحكوم بالإعدام في شرق أوكرانيا، ليلة السبت، إلى مطار محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء، قادماً من المملكة العربية السعودية، التي توسطت لإطلاق سراح 10 أسرى لدى السلطات الانفصالية الموالية لروسيا في إقليم دونيتسك، شرق أوكرانيا.
ولقي الطالب المغربي، بعد وصوله إلى المطار قادماً من العاصمة السعودية الرياض، التي مكث فيها أربعة أيام بعد عملية الإفراج عنه، استقبالاً على الطريقة المغربية بالحليب والتمر والورود من قبل عائلته، بعيداً عن أعين وسائل الإعلام، وذلك بعد انتظار دام خمسة أشهر في الأسر.
وقبل لحظات من وصول الطالب المغربي بدا والده منتشياً فرحاً بعودة إبراهيم الذي أصبح ضمه إلى صدره وعناقه بين ذراعيه حقيقة لا حلماً بعد أن انتهى كابوس استمر منذ 18 إبريل/ نيسان الماضي، تاريخ إعلان السلطات الانفصالية في إقليم دونيتسك اعتقاله خلال مشاركته مع الجيش الأوكراني، مبدياً، خلال حديثه للصحافة، امتنانه للسلطات المغربية والسعودية ولكل المغاربة وللعرب لفرحهم لفرحه.
وفي غمرة فرحه اليوم بنجاة ابنه من مقصلة الإعدام وتذوقه طعم الحرية مرة ثانية، بدا لافتاً تفاؤل الوالد الطاهر بمستقبل ابنه بالقول، قبل دقائق من وصوله إلى مطار محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء، "إبراهيم ما زال شاباً والمستقبل أمامه، سيكون هناك تأهيل نفسي له لأنه عانى هناك في الأسر، إن شاء الله بعد التأهيل النفسي في بلاده سيختار العودة للدراسة التي يحبها وعانى وغامر من أجل تحقيق حلمه".
وكان إبراهيم قد ذهب إلى أوكرانيا في عام 2019 من أجل اكتشاف الآفاق التي تتيحها للطلبة الراغبين في إتمام دراستهم العليا بها، قبل أن يلتحق بكلية الأيروديناميكية وتقنيات القضاء بمعهد كييف.
وفيما كان الحضور الإعلامي لتغطية عودة الطالب المغربي لافتاً، لجأت سلطات مطار محمد الخامس إلى إخراجه من أبواب خلفية بعيداً عن بوابة المغادرة، حيث كان يتجمع ممثلو وسائل الإعلام المغربية والدولية.
وكانت السلطات الانفصالية الموالية لروسيا في إقليم دونيتسك قد أفرجت، الأربعاء الماضي، عن الطالب المغربي إلى جانب 9 معتقلين آخرين كان تم أسرهم في مناطق الشرق الأوكراني، في وقت كانت فيه الأنظار تتجه إلى مآل طلب استئناف الحكم الذي تقدمت به هيئة الدفاع عنه.
وجاء الإفراج عن الطالب المغربي، المحكوم بالإعدام، إلى جانب 9 معتقلين آخرين، بعد وساطة سعودية قادها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في حين لم يصدر إلى حد الساعة أي تعليق من السلطات المغربية.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية عن نجاح مبادرة ولي العهد السعودي بالإفراج عن 10 أسرى من مواطني المغرب والولايات المتحدة وبريطانيا والسويد وكرواتيا، لافتة إلى أن الإفراج عنهم يأتي في إطار عملية تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا.
وقالت الخارجية السعودية، في بيان لها، إن الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية قامت باستلام الطالب المغربي إلى جانب المعتقلين التسعة الآخرين، ونقلهم من روسيا إلى السعودية، والعمل على تسهيل إجراءات عودتهم إلى بلدانهم.
وكانت محكمة تابعة للانفصاليين في دونيتسك قد قضت، في 9 يونيو/ حزيران الماضي، بإعدام سعدون البالغ من العمر21 عاماً، بتهمة "المشاركة في التحضير لأعمال عدائية وتنفيذها ضدّ جمهورية دونيتسك، والارتزاق والتآمر الجماعي لتنفيذ أعمال تهدف إلى الاستيلاء بالقوة على السلطة، وتغيير النظام الدستوري لمجلس النواب الشعبي بالقوة".
وفي الأول من يوليو/ تموز الماضي قدمت هيئة دفاع الطالب المغربي طلباً لاستئناف الحكم الصادر في حقه بالإعدام. ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن فريق الدفاع عن سعدون أنّه تقدّم بطلب استئناف نقض لتخفيف العقوبة بحقّ الطالب المغربي.
وخلف ملف سعدون سجالاً واسعاً في المغرب، خاصة بعد الحكم عليه بالإعدام، وما رافق ذلك من صمت حكومي أو من تدخل من طرف الجهات المغربية المخولة لها ذلك. في حين طالبت منظمات وهيئات حقوقية مغربية الرئيس الروسي بوتين بالتدخل لدى سلطات إقليم دونيتسك لوقف حكم إعدامه، وناشدت، في بيان مشترك، منح الشاب ظروف اعتقال إنسانية ومحاكمة عادلة تحترم المعايير الدولية.
وكان طاهر سعدون والد الطالب المغربي قد قال لـ"العربي الجديد" إن ابنه حاصل على الجنسية الأوكرانية منذ عام 2020، أي قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وعلى هذا الأساس يجب أن يعامل كأسير حرب وليس مرتزقاً، وبالتالي الحكم عليه بخمس سنوات سجناً على أكثر تقدير وليس الإعدام.
وأوضح أن ابنه اضطر للعمل مترجماً داخل الجيش الأوكراني، بعد أن تمت الاستعانة به بمعية طلبة معهد علم ديناميكا وتكنولوجيا الفضاء بالنظر إلى تمكنه من إتقان الإنكليزية والروسية بطلاقة، كما أنه لم يوقع أي عقد من أجل القتال معهم.
وأضاف أن ابنه "لم يتم إلقاء القبض عليه، بل سلّم نفسه بناء على اتفاق مسبق"، لافتاً إلى أنه تلقى بمعية زملائه الطلبة وعداً غادر بموجبه المنطقة الخطرة بعد تنفيذ شرط ارتدائهم اللباس المدني من أجل السماح لهم بمغادرة المكان مع المدنيين، لكن ما حدث لم يكن في الحسبان، إذ تم إلقاء القبض عليه وهو يسلم نفسه".