"هيومن رايتس ووتش" تحذر من أوضاع "مروّعة" في سجون لبنان

23 اغسطس 2023
الدولة اللبنانية غائبة عن تأمين خدمات السجون (جوزف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

نقلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تفاصيل مروّعة عن سجون لبنان، محذّرة من أن الأوضاع تدهورت بشكل خطير وسط الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، داعية السلطات اللبنانية إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتخفيف الاكتظاظ.

وقالت "هيومن رايتس ووتش"، في بيان أصدرته اليوم الأربعاء: "أصبح الاكتظاظ القاعدة، وتدنى مستوى الرعاية الصحية، في حين يهدد تقاعس الحكومة عن دفع الفواتير المستحقة الإمدادات الغذائية للسجون".

وأشارت المنظمة إلى أن "نحو 80 في المائة من السجناء في لبنان موقوفون احتياطياً، أي قبل المحاكمة. ويفترض أن يستوعب سجن رومية الأكبر في لبنان ويقع قرب بيروت، 1200 سجين، لكنه يضمّ حالياً نحو 4 آلاف، وفقاً لنقابة المحامين في بيروت".

وتبلغ الطاقة الاستيعابية لمراكز الاحتجاز في أنحاء لبنان 4760 سجيناً، لكنها تستوعب حالياً حوالي 8502، بينهم 1094 فقط محكومون، بحسب قوى الأمن الداخلي التي تشرف على السجون.

وقال رمزي قيس، من "هيومن رايتس ووتش": "في وقت ينتظر فيه 4 من كل 5 سجناء بت القضاء في ملفاتهم، ليس مستغرباً أن سجن رومية يغصّ بالسجناء، والأزمة الاقتصادية المستمرة ليست عذراً لوضع الناس الذين يجب أن ترعاهم الدولة في ظروف مزرية".

ونقلت المنظمة عن أفراد من أربع عائلات لسجناء وعضو في "لجنة أهالي السجناء في لبنان" تفاصيل للظروف المتدنية في سجن رومية، كما تحدثت إلى رئيس لجنة السجون في نقابة محامي طرابلس (شمال) المحامي محمد صبلوح، ومستشار للصحة العقلية عمل في سجن رومية بين عامي 2011 و2018، وعاملين في مجموعات دولية معنية بمشاريع إعادة تأهيل السجون اللبنانية.

وقال أقارب المحتجزين إن "إمكانية الحصول على طعام في السجون تدهورت بشكل خطير منذ بداية الأزمة الاقتصادية عام 2019". وأوضح صبلوح أنه "قبل الأزمة الاقتصادية، كان معظم السجناء لا يعتمدون على الطعام الذي توفره السجون، ويختارون بدلاً منه الطعام الذي تجلبه عائلاتهم أو يشترونه من كافيتريا السجن بأسعار أعلى من السوق، لكنهم أصبحوا أكثر اعتماداً على طعام السجن بعدما أوقفت السلطات الزيارات العائلية أثناء تفشي فيروس كورونا. ورغم استئناف الزيارات العائلية، خلق ارتفاع التضخم وأسعار المواد الغذائية والوقود حواجز لا يمكن التغلب عليها لعائلات عدة كانت تدعم أقاربها المحتجزين".

وأبلغت قوى الأمن الداخلي المنظمة أن زيادة الطلب على المواد الغذائية التي توفرها السجون في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيمة العملة اللبنانية مقارنة بالدولار، أدى إلى صعوبة الدفع لموردي المواد الغذائية المتعاقدين، وقالت: "استجابت قوى الأمن، التي تعمل مع وزارتي المالية والداخلية، مع حلول مؤقتة تضمنت توفير مدفوعات غذائية شهرية حتى نهاية العام".

لكن العائلات قالت إنه "حتى مع ضمان توصيل الطعام، يظل الطعام غير كافٍ وذا نوعية رديئة لدرجة أنه يكون غالباً غير صالح للاستهلاك".

وقالت والدة سجين في سجن رومية: "لا يأكل حتى الكلاب الطعام المقدم"، أما والدة سجين آخر فعلّقت: "في الماضي كانوا يجبلون أربعة طناجر كبيرة من البرغل، وهو القمح المكسر، لـ500 سجين، أما الآن فيجلبون طنجرة واحدة". 

كما لفتت صبلوح وسجناء وأهالٍ إلى مشكلة توصيل الأدوية إلى سجناء في رومية، في وقت تفتقر فيه صيدلية السجن إلى أدوية أساسية.

وأفادت "منظمة العفو الدولية" بأن عدد الوفيات تضاعف تقريباً في مراكز التوقيف والسجون اللبنانية خلال العام الماضي مقارنة بعام 2018.

وقال قيس: "رغم تخصيص ملايين الدولارات لتحسين أوضاع السجون في لبنان، ما زالت معاملة السجناء وظروف احتجازهم بائسة، ما يحتم وضع السلطات اللبنانية بشكل عاجل خططاً فورية وطويلة الأمد لتصحيح الوضع في السجون وضمان حقوق الناس".

ويعيش لبنان منذ نهاية عام 2019 أزمة اقتصادية حادة تعتبر الأخطر في تاريخه، مع تسجيل انهيار في قيمة العملة الوطنية تخطى الـ90 في المائة، وارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والمحروقات والأدوية والسلع الاستهلاكية، والاحتياجات الضرورية، وزيادة حادة في الرسوم والضرائب وتعرفة الخدمات الأساسية والفواتير الطبية والصحية والدوائية، مقابل غياب تام للخدمات البديلة التي يفترض أن تؤمنها الدولة للمواطنين، خصوصاً على الصعيد الصحي.

وانسحبت الأزمة على السجون التي تفاقمت معاناة المعتقلين فيها، وزادت أيضاً نتيجة إضرابات القضاة الطويلة، وشلل المؤسسات، التي زادت من مشاكل الاكتظاظ وحرمت مئات من الأشخاص من الحرية.

المساهمون