هل تُمهّد أفغانستان لفتح مدارس الفتيات؟

21 سبتمبر 2022
حالفهن الحظ ببدء الدراسة (جافد تانفير/ فرانس برس)
+ الخط -

في تطور لافت، أعلن الناطق باسم حركة "طالبان" ذبيح الله مجاهد، مساء أول من أمس، أن زعيم الحركة الملا هيبت الله أخوند زاده قد أجرى سلسلة من التغييرات في الحكومة، أبرزها إقالة وزير التربية والتعليم المولوي نور الله منير وتعيين المولوي حبيب الله آغا، الرئيس السابق لمجلس شورى علماء الدين في قندهار، وزيراً جديداً للتربية والتعليم.
ولم تعلن طالبان عن دوافع وأسباب إقالة الوزير وخصوصاً أن الأمر بات متوقعاً، لا سيما بعد تصريحات منير الأخيرة وإغلاقه خمس مدارس للفتيات كانت قد فتحت أبوابها في ولاية بكتيا شرق البلاد نتيجة التنسيق بين مدراء تلك المدارس والزعامات القبلية. وفي 11 من الشهر الجاري، أعلن خلال زيارته لولاية أرزوکان (وسط البلاد) أن الآباء الأفغان لا يسمحون بإرسال بناتهم اللواتي تتجاوز أعمارهن الـ 16 أو الـ 17 عاماً، مضيفاً رداً على سؤال لأحد الصحافيين: "لو تجرون مسحاً ميدانياً، فستجدون أن الكثير من الأهل في الأحياء و القرى لا يريدون إرسال بناتهم في الوقت الراهن إلى المدرسة. من هنا، علينا احترام رأي الشعب وأعرافه".
تصريحات أثارت غضب الشعب الأفغاني، وأطلقت حملات شجب وإدانة على وسائل التواصل الاجتماعي، ونظمت تظاهرات في معظم المدن الجنوبية، بالإضافة إلى قرى وأرياف من ولاية أرزوکان، التي قال الوزير إن الآباء فيها لا يرسلون بناتهم إلى المدرسة
وتعالت الأصوات داخل قيادات طالبان بشأن القضية وتصريحات الوزير. ويقول الجنرال مبين وهو أحد القياديين البارزين في الحركة لـ "العربي الجديد": "تعليم الفتيات أمر لا بد منه. لا أعلّق على ما قاله الوزير لأنه أقيل من منصبه الآن. لكن أقول بشدة إننا نؤيد تعليم الفتيات، والعرف الأفغاني يسمح بالتعليم بل ويشجع وهذا ما يقوله ديننا الحنيف. لا يمكن لنا أن نعمل بخلاف طموحات شعبنا وإرادته، ومستقبل البلاد مرهون بتثقيف وتعليم البنين والبنات معاً". 

ولا شكّ في أنّ إغلاق طالبان مدارس عدة للفتيات في العاشر من الشهر الجاري في ولاية بكتيا، والجدال الذي نشأ بين طالبان وقبائل بكتيا على خلفية خطوة الأولى، قد ساهما في إقالة الوزير. وتظاهرت مئات الفتيات بعد إغلاق المدارس في مدينة كرديز عاصمة ولاية بكتيا تنديداً بما فعلته طالبان. ولم تقف الأمور عند هذا الحد بل عقدت قبائل ولاية بكتيا اجتماعاً قبلياً مطالبة حكومة طالبان بتغيير سياستها إزاء القضية قبل انتفاض القبائل. وقال الاجتماع إن "القبائل تدعو طالبان إلى فتح مدارس الفتيات، وتندد بما قاله الوزير، لأن الأعراف الأفغانية ليست كما يفسرها هو".
في هذا السياق، يقول الأكاديمي والباحث الأفغاني محمد عطاء أنس لـ "العربي الجديد" إن "طالبان كانت بصدد تغيير سياستها إزاء القضية، وكانت إقالة الوزير ضرورية"، مؤكداً أن "ملف تعليم الفتيات أصبح أحد أهم التحديات التي تواجه طالبان، علماً أنه لا يحتاج إلى كل هذه التعقيدات". ويشير إلى أن زعيم الحركة الملا هيبت الله أخوند يؤيد فتح مدارس الفتيات، لكنّ كان البعض يرجئ الأمر، من بينهم وزير التربية والتعليم السابق، وتصريحاته الأخيرة خير دليل". 

يضيف أنس أن تنحي الوزير كان ضرورياً من أجل تهدئة غضب الشعب والاستياء الحاصل داخل الحركة، وتحديداً بين فئتي الشباب والشيوخ. ويقول إنه "ما من معلومات كثيرة حول الوزير الجديد المولوي حبيب الله آغا، باستثناء أنه كان يرأس  مجلس شورى علماء الدين في قندهار، عدا عن كونه أحد المقربين لزعيم الحركة الملا هيبت الله. لكن من خلال متابعتنا لخطابين له (أمام اجتماع علماء الدين في قندهار في الـ 31 من أغسطس/ آب الماضي، واجتماع قبلي في قندهار حضره زعيم الحركة في 22 أغسطس/ آب الماضي)، يبدو أنه يحرص كثيراً على إرضاء الشعب، إذ يخاطب علماء الدين وقيادات طالبان ويخبرهم أنه لولا هذا الشعب، لما كنا قد انتصرنا على أعدائنا. من هنا، يجب تجنب أي خطوة تثير استياءه وتزيد معاناته. وفي اجتماع حضره عدد من السياسيين السابقين، قال إنه بعدما كنا أعداء، أصبحنا أشقاء اليوم نعمل من أجل الدين والوطن وأن تكون أفغانستان مثل دول العالم. ولقيادة طالبان، قال: يريد منا العدو أن نكون أعداء مع أبناء بلادنا مرة أخرى. لكن علينا أن نكون على دراية. الشعب منا ونحن من الشعب، وسنعمل للحفاظ على النظام وإرضاء الشعب".
في هذا الإطار، يتوقع إجراء بعض التغييرات في مجال التعليم وخصوصاً تعليم البنات، وهذا ضروري لطالبان ليس فقط من أجل القضاء على الفجوة الموجودة بينها وبين الشعب، بل من أجل انتزاع الاعتراف الدولي. 

المساهمون