هل بدأ العد العكسي لإنتاج لقاحات ضد السرطان؟

هل بدأ العد العكسي لإنتاج لقاحات ضد السرطان؟

11 مارس 2024
تحصل على اللقاح المضاد لفيروس الورم الحليمي البشري (داميين ميير/ فرانس برس)
+ الخط -

شكّلت اللقاحات ضد فيروس كوفيد-19 التي تقوم على أساس تقنية الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) بارقة أمل لإمكانية استخدام هذه التقنية في علاجات ضد الأمراض المزمنة والخطيرة، وتحديداً مرض السرطان. وبدأت العديد من شركات الأدوية البحث عن علاجات مختلفة للقضاء على مرض السرطان. ويشكل الكشف عن علاج فعال أو لقاحات لمنع الإصابة بالمرض، تطوراً هائلاً في عالم الطب يُساعد الملايين حول العالم.
يعرّف المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة الأميركية السرطان بأنّه المرض الذي تنمو فيه بعض خلايا الجسم بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وتنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. ويحدث السرطان بسبب تغيّرات أو طفرات في الحمض النووي داخل الخلايا. يتجمع الحمض النووي الموجود داخل الخلية في عدد كبير من الجينات الفردية، ويحتوي كل منها على مجموعة من التعليمات التي تخبر الخلية بالوظائف التي يجب أن تؤديها، بالإضافة إلى كيفية نموها وانقسامها. ويمكن أن تؤدي الأخطاء في هذه التعليمات إلى توقف الخلية عن أداء وظيفتها الطبيعية، وقد تسمح للخلية بأن تصبح سرطانية، بحسب "مايو كلينك".
وتشير التقديرات إلى أن عام 2022 شهد نحو 20 مليون حالة سرطان جديدة و9.7 ملايين وفاة. كما بلغ العدد التقديري للأشخاص الباقين على قيد الحياة في غضون 5 سنوات تلت تشخيص إصابتهم بالسرطان 53.5 مليون شخص. ويصاب شخص واحد تقريباً من كل 5 أشخاص بالسرطان خلال حياته، ويودي المرض بحياة رجل واحد تقريباً من كل 9، وامرأة واحدة من كل 12. 
وبناء على ما سبق، فإن الكلفة الصحية والنفسية والمادية لمعالجة المرضى عادة ما تكون باهظة ولها انعكاسات واضحة على مختلف القطاعات الحيوية. فهل فعلاً يمكن إنتاج لقاحات أو علاجات فورية تساعد في الشفاء من المرض أو حتى الوقاية منه؟

ويتحدّث المتخصص في طب الأورام طارق الحاج، عن احتمال أن تساهم بعض التقنيات الحديثة، وتحديداً تقنية الحمض النووي الريبي المرسال، في المساعدة في علاج السرطان وحتى القضاء عليه. يقول لـ"العربي الجديد": "حتى الآن، لم يتم الإعلان عن تبني أي شركة دولية كبرى علاجاً أو لقاحاً جديداً ضد السرطان"، لافتاً إلى أن جميع اللقاحات الموجودة وقائية، وتحديداً اللقاح المضاد لفيروس الورم الحليمي البشري، أو لقاح فيروس الكبد "ب" الذي يحمي إلى حد ما من سرطان الكبد. بالتالي، فإن النخب الطبية نجحت إلى حد كبير في إنتاج لقاحات استباقية، إن صح التعبير، هدفها وقائي وتساعد في تخفيف أثر الإصابة بالسرطان.
يضيف: "الثورة العلمية الحالية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي قد تساهم إيجاباً في إنتاج لقاحات لعلاج المرضى. لكن حتى الآن، لم يتم إنتاج أي لقاح فعال لعلاج مريض السرطان أو الحد من انتشار الأورام. وجميع التقنيات المستخدمة قائمة على أساس المعالجات التقليدية كالأدوية والعلاج الكيميائي أو الاستئصال".

خلال حصولها على العلاج الكيميائي (جاهي شكوندو/ Getty)
خلال حصولها على العلاج الكيميائي (جاهي شكوندو/ Getty)

مؤخراً، سلطت العديد من الصحف الأميركية في الأيام الماضية الضوء على بدء برنامج جديد من قبل وكالة مشاريع البحوث المتقدمة للصحة (ARPA-H)، يقوم على أساس تحليل العلاجات الدقيقة للسرطان واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وغيرها للقضاء على السرطان بشكل نهائي. وسيكون هناك عمل مشترك بين الأطباء في الولايات المتحدة والباحثين في مجال البيولوجيا والطب وتكنولوجيا البيانات والإحصائيات، لدراسة تطور المرض وتحليله لتعزيز رعاية المرضى والسعي إلى معالجة المرض قبل تفاقمه. ويأتي البرنامج في إطار تنفيذ سياسة صحية وضعها الرئيس الأميركي جو بايدن تقوم على أساس تحقيق هدفين طموحين، هما خفض معدل الوفيات بالسرطان إلى النصف خلال 25 عاماً، ومنع أكثر من مليون حالة وفاة بسبب السرطان بحلول عام 2047.  
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد كشف أن العلماء الروس على وشك تطوير لقاحات للسرطان ومثبطات المناعة، ما قد يحدث ثورة في مجال علم الأورام. وعلى الرغم من عدم وجود تفاصيل محددة بشأن أنواع السرطان التي تستهدفها هذه اللقاحات المقترحة أو آليات عملها، فإن حديث بوتين وبدء الوكالة الأميركية برنامجها الجديد، يسلط الضوء على التقدم الذي يتم إحرازه في مجال البحوث الطبية، كما يقول الحاج.

يضيف أن "السباق لاكتشاف علاجات ثورية في عالم الطب، وتحديداً في ما يتعلق بالأمراض المزمنة بين الدول الكبرى وتحديداً بين الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى كل من بريطانيا والصين وغيرها من الأقطاب الدولية، قائم وموجود منذ منتصف القرن الماضي". يضيف: "يعد هذا التنافس الطبي حلقة مهمة في عالم الطب؛ فعلى الرغم من أن الاكتشافات الطبية تعد جزءاً من سياسة هذه الدول، إلا أنه لا يمكن النظر إلى التنافس بسلبية، بل هو مفيد جداً لأنه سيساعد في شفاء ملايين المرضى.
يضيف: "لم تعلن الدول عن كيفية تقديم العلاج أو اللقاحات المتوفرة. لكن من المرجح أن الخبراء في كلا البلدين يسعيان إلى تطوير برامج اللقاحات الخاصة بفيروس كورونا واستخدامه لعلاج السرطان". ويقول: "بدأت كبرى الشركات، من ضمنها شركة موديرنا، في إعداد دراسات لتطوير لقاحات تجريبية للسرطان. وأظهرت بعض الدراسات أن اللقاحات ساعدت في انخفاض المرض بنسبة 50 في المائة".  
ولم يصدر أي تعليق من منظمة الصحة العالمية حول ماهية اللقاحات التي يجري العمل عليها للقضاء على السرطان. وبحسب موقع المنظمة، فإن اللقاحات المرخص لها دولياً لا تزال محصورة أو تستهدف 6 أمراض، ومن ضمنها فيروسات الورم الحليمي البشري (HPV)، فضلاً عن ﻟﻘﺎح اﻟﺗﮭﺎب اﻟﮐﺑد اﻟوﺑﺎﺋﻲ ب. بالتالي، لا خيار سوى انتظار نتائج الأبحاث السريرية التي يمكن أن تساعد في إظهار مدى فاعلية اللقاحات ضد السرطان للقضاء عليه بشكل أساسي.