من الظواهر الغريبة التي تثير حيرة كبيرة لدى زوار اليابان القادمين من الخارج تنقل أطفال بمفردهم في القطارات، ومعرفتهم كيفية سلوك الطرق إلى الحدائق من دون مراقبتهم. قد يفكر هؤلاء الزوار أن أولياء الأمور اليابانيين فقدوا أذهانهم، أو أنهم يشعرون بقلق من تصرفات أولادهم، لكن التنقل الفردي في سن مبكرة شائع جداً في اليابان، ويقول تقرير لموقع "جابان توداي" إنه "يعمل في شكل جيد بتأثير التعليم الذي يتلقاه التلاميذ في المدرسة من خلال إرشادات خاصة بسلامتهم التي تجعل هذا البلد أحد أكثر البلدان أماناً في العالم".
بالنسبة إلى أطفال كُثر، تتمثل أول نزهة يقومون بها بمفردهم في المشي إلى المدراس التي تنصح إدارتها أولياء الأمور بتدريب أطفالهم على ذلك قبل فترة من بدء مسيرتهم التعليمية. وتوصي المدارس هؤلاء الأولياء بتعريف أولادهم على الطريق، وكيفية عبور شارات المرور والنقاط الرئيسية بأمان، وجعلهم يكتشفون أكبر عدد ممكن من "الكودومو" (منازل الأمان للأطفال) المنتشرة على طول الطرق.
وفي تربية السلوك، يجب أن يهتم الوالدان أو أحدهما بإقناع الأطفال بالتزام قواعد الطريق، وعدم الرد على تشجيع صديق لهم بسلوك مسار أطول أو أخذ منعطف مختلف. ويجب إرشاد الأطفال إلى عدم تناسي وضع حقيبة المدرسة والقبعة في المنزل. وقبل الخروج للعب، يتعلم الأطفال ضرورة إبلاغ ذويهم إلى أين سيذهبون، ومن يرافقهم، وماذا سيفعلون، ومتى سيعودون في المنزل، علماً أن مدارس أو حدائق تُطلق الرنين المسائي كمؤشر لحلول الظلام، وضرورة العودة إلى المنزل. وهكذا يفرّ الأطفال من الحدائق فوراً. ومن القواعد المطبقة في مواعيد اللعب الفردية للطفل في منزل صديق له تأكيد وجود شخص في المنزل المقصود، علماً أن صفوف المدارس تجمع أرقام هواتف الاتصال بالمنازل الخاصة بالزملاء، ما يساعد في ترتيب مواعيد اللعب الفردي. وتمنع الإرشادات الأطفال من اللعب في مواقف السيارات أو المصاعد أو المراكز المكتظة، وتوجههم إلى عدم البحث عن المشاكل، والفرار إذا شعروا بخوف أو خطر إلى متجر قريب أو مؤسسة أخرى، والاتصال بالشرطة فوراً. ولا يأخذ الأطفال المال حين يلعبون معاً، ويمنعون من اقتراض أشياء أو إقراضها، بينما تبقى الهواتف الخلوية أداة مفيدة لربط الآباء بالأطفال. هذه القواعد قد تبدو عالمية، لكن المدارس في اليابان تضطلع بدور رئيسي في نشر مبادئ توجيه العائلات، وتدرسها منذ سن مبكرة. وبالنسبة إلى الأطفال، فإن معرفة مكانهم وما يتوقع منهم تُساعد في تنمية شعورهم بالمسؤولية والاستقلال.