أجمع العديد من الخبراء، وأساتذة الجيولوجيا حول العالم على أن زلزال المغرب كان أعنف زلزال يضرب البلاد في تاريخها الحديث، معتبرين أن الأضرار الكبيرة التي وقعت ليست مفاجئة، إذ تسبب فيها عدد من العوامل الجغرافية والهندسية.
ووفق تقديرات خبراء استطلعت آراءهم كل من شبكة "بي بي سي" وموقع science media center البريطاني، فإن الموقع الجغرافي للمغرب من جهة، والأبنية التقليدية القديمة، منحت الزلزال قوة تدميرية أعلى، مرجحين أن ترتفع حصيلة القتلى خلال الأيام القادمة مع استمرار عمليات البحث والإنقاذ.
وقال المدير المساعد وخبير الزلازل في مختبرات Arup، زيغي لوبكوفسكي، إن زلزال المغرب يصنف على أنه الأكثر تدميراً منذ الزلزال الذي ضرب البلاد في عام 1960، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 ألف شخص، وإنه لم يفاجأ بحجم الدمار الحاصل، إذ إن المواد التي تم استخدامها لبناء العقارات في المنطقة المنكوبة مواد هشة، ولا يمكنها مقاومة الهزات الأرضية القوية.
وقال أستاذ هندسة الزلازل في جامعة بريستول، روف كولين تايلور، إن الدمار الهائل الذي خلفه الزلزال في المغرب لم يكن مستبعداً نظراً لطبيعة المباني التقليدية القديمة، وقد كشف الزلزال عن التحديات التي تواجه تطبيق مبادئ هندسة الزلازل في الدول المكتظة بالسكان، مشيراً إلى أن وقوع هزات أرضية شديدة في مناطق الغالب فيها هو البناء القديم يؤدي إلى هذا الحجم من الدمار، كما أن الانهيارات الأرضية والانهيارات الصخرية تؤدي عادة إلى إعاقة جهود الإنقاذ.
بدوره، يؤكد رئيس قسم الزلازل في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية، بريان بابتي، أن الزلازل لاتزال تشكل معضلة في المغرب، نظراً لوقوع البلاد بين الصفيحتين الأوروبية والأفريقية، ويوضح أن الأحداث التاريخية تعد شاهداً على ما تعرضت له البلاد من زلازل، سواء في عام 1960 أو 2004، لكن هناك علامات استفهام يمكن طرحها في الزلزال الحالي، فهو يقع في منطقة لا تعرف بالنشاط الزلزالي، على عكس مناطق الشمال الشرقي في البلاد، ويتوقع أن تؤثر الهزات الارتدادية على المنطقة خلال الأسابيع المقبلة، لكن عددها سينخفض مع مرور الوقت.
ويرى البروفيسور ديفيد روثيري، أستاذ علوم الأرض، أن الطبيعة الجغرافية للمغرب معقدة بشكل كبير، إذ تقع البلاد بين صفيحتي أفريقيا وأورواسيا، وحصل الزلزال في المنطقة بين أغادير ومراكش، على بعد نحو 500 كيلومتر من جنوبي الحدود بين الصفيحة التكتونية الأفريقية والصفيحة الأوراسية، وهذا ما جعل الزلزال قوياً إلى هذه الدرجة، ورجح أن الدمار الحاصل، جاء نتيجة غياب قدرات السكان وضعف إمكانات السلطات المحلية في مواجهة مثل هذه الكوارث.
وأعادت أستاذة جيولوجيا الزلازل ورئيس معهد UCL للحد من مخاطر الكوارث، البروفيسور جوانا فور ووكر، التأكيد على أن الموقع الجغرافي يلعب دوراً في حدوث الزلزال، وأن وقوع المغرب إلى شمال الصفيحة الأفريقية التي تتقارب بشكل غير مباشر مع الصفيحة الأوروبية منذ ملايين السنين، يعرضه للاهتزازات المتكررة، وقد تعرضت البلاد للعديد من الزلازل خلال القرون الماضية.
وأبدى الأستاذ الفخري للمخاطر الجيوفيزيائية والمناخية في كلية لندن الجامعية، البروفيسور بيل ماكغواير، مفاجأته من وقوع الزلزال، نظراً لأن المغرب لا يقع على خط زلزالي نشط. ويرى أن ما حصل في البلاد يعد كارثة بكل ما للكلمة من معنى، خاصة أن الزلزال يعد الأعنف منذ 120 عاماً. لكن تكمن المشكلة في أنه عندما تكون الزلازل المدمرة نادرة، فإن المباني لا يتم بناؤها بطرق تجعلها قادرة على التعامل مع الهزات الأرضية القوية، ما يؤدي إلى انهيار العديد منها، وبالتالي سقوط عدد كبير من الضحايا.
وتقول عالمة البراكين في جامعة بورتسموث، كارمن سولانا، إن الزلازل متوقعة دائماً في المغرب، وإن بدرجات قوة محدودة، لكن هذا الزلزال يعد الأكبر، وكان قريباً من مدينة مراكش الكبيرة، مستبعدة أن يكون لزلزال المغرب علاقة بالزلزال الذي وقع في جنوبي تركيا في فبراير/ شباط الماضي.
ويصف الأستاذ المشارك في الهندسة الإنشائية وهندسة الزلازل بجامعة ساوثهامبتون، محمد كاشاني، الزلزال بأنه ينتمي إلى الزلازل الضحلة، إذ كان عمقه نحو 18.5 كيلومتراً، ويقول إن الزلازل الضحلة عادة ما تكون أكثر تدميراً، وإنه من السابق لأوانه معرفة حجم الأضرار، ومع ذلك، فإن الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة تشبه إلى حد كبير الزلزال الأخير الذي وقع في تركيا.