هكذا تلد حوامل أوكرانيا وسط "الجحيم"

03 مارس 2022
في قبو مستشفى للتوليد بالعاصمة الأوكرانية كييف (كريس ماكغراث/ Getty)
+ الخط -

مع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا يومها السابع، تبدو التداعيات كبيرة على أكثر من نطاق إنساني، لا سيّما ما يطاول النساء والأطفال الذين يُعَدّون الفئتَين الأكثر ضعفاً في الحروب والصراعات عادة. وبالنسبة إلى نساء أوكرانيات كثيرات، فقد أتت الحرب لتؤثّر على حملهنّ وعلى استعداداتهنّ لمرحلة جديدة من حياتهنّ.

وفي الطبقة السفلية من أحد مستشفيات التوليد في العاصمة كييف، تنتظر نساء حوامل بقلق موعد ولاداتهنّ، وسط شعور بالخوف، وتؤكد إحداهنّ وتُدعى سارا فيوتسيس، لموقع "لوس إنجليس تايمز" الأميركي، أنّ الخوف والقلق اللذَين يشعرنَ به على أنفسهنّ كما على أزواجهنّ وأطفالهنّ المنتظرين غيّرا كثيراً من "مفاهيم الحياة" لديهنّ. وفيوتسيس كانت قد وضعت مولودة جديدة تتمتّع بصحة جيدة في قبو ذلك المستشفى، بعد ما خضعت لعملية قيصرية، علماً أنّها بعد انتهاء عملية الولادة نُقلت إلى غرفة صغيرة برفقة طفلتها.

وكانت 12 امرأة حاملاً قد لجأنَ إلى مستشفى التوليد هذا مع بداية الحرب، إذ اقتربت مواعيد ولاداتهنّ وقد خشينَ ألا يتمكّنّ من مغادرة منازلهنّ عندما يحين ذلك بسبب القصف.

من جهتها، لا تجد ألينا شينكار، التي لجأت إلى المستشفى نفسه، الكلمات المناسبة لوصف مشاعرها ومعاناتها في ظلّ الحرب القائمة، وقد صرّحت لوكالة "رويترز": "نحن نعيش في جحيم حقيقي". وتتشارك شينكار يومياتها في قبو مستشفى التوليد، مع نساء وضعنَ أطفالهنّ في خلال الأيام الأولى من الحرب. وتخبر شينكار أنّها استيقظت عند الساعة الخامسة فجراً يوم الرابع والعشرين من فبراير/ شباط الماضي، على أصوات غارة جوية لتعلم بأنّ الحرب قد بدأت.

في ذلك اليوم أيضاً، وصلت يولا، وهي امرأة حامل بطفلها الأوّل، إلى مستشفى التوليد نفسه. وبعد أربعة أيام، أنجبت طفلاً سمّته مارك. تصف يولا شعورها بعدما أصبحت أمّاً بـ"الرائع"، وعلى الرغم من ذلك، لا تنكر خوفها ممّا ستؤول إليه الحرب.

الصورة
 نساء حوامل في قبو مستشفى في أوكرانيا (كريس ماكغراث/ Getty)
(كريس ماكغراث/ Getty)

وينصّ القانون الدولي الإنساني على مراعاة احتياجات النساء الحوامل في خلال الحرب، وتقديم كلّ المساعدات الصحية لهنّ، سواء أكانت جسدية أم نفسية. كذلك فإنّ القوانين الخاصة بحقوق المرأة تضع في قائمة الأولويات الاهتمام بصحّة الحوامل والمرضعات.

وقد تسبّب النقص في المعدات والأدوية وما إليها في زيادة حالة القلق لدى الحوامل والأمّهات اللواتي وضعنَ مواليدهنّ حديثاً، خصوصاً أنّ كثيرين من هؤلاء الأطفال لم يُوضَعوا في غرف مخصصة لهم ومجهّزة لرعايتهم. هم أُبقيوا في الطبقات السفلية من المستشفيات المكتظة بالمرضى، إلى جانب أمّهاتهم وذويهم عموماً، الأمر الذي قد يؤثّر سلباً على صحتهم.

على الرغم من ذلك النقص، فإنّ مستشفى التوليد المشار إليه آنفاً، في العاصمة كييف، ما زال يعمل على مدار الساعة. وبحسب ما يفيد مدير المستشفى ديميتريو جوفسييف، فإنّ الفريق الطبي يعمل منذ بدء الحرب لتقديم كلّ المساعدات اللازمة، مؤكداً أنّ نحو 70% من الموظفين يلازمون المستشفى منذ بداية الحرب.

وبحسب شهادات أوكرانيات كثيرات وضعنَ مواليدهنّ في الأيام الأخيرة، فإنّ عمليات الولادة لم تكن سهلة. منهنّ من وضعت صغيرها أو صغيرتها في قبو مستشفى، فيما أخريات أُجبرن بعد ساعات قليلة من خضوعهنّ إلى عمليات ولادة قيصرية، على ترك غرفهنّ والتوجّه إلى الملاجئ من دون الحصول على ما يحتجنَ إليه من راحة، علماً أنّ المسكّنات والأدوية المختلفة غير كافية لتلبية احتياجتهنّ.

وفي السياق نفسه، يقول طبيب التوليد فلاديسلاف بيريستويفي في مستشفى التوليد الحكومي رقم 5 في كييف لشبكة "سي بي إس" الأميركية: "كان من الصعب على الأطباء مشاهدة آباء كثر يغادرون المستشفى للمشاركة في الحرب، فيما الأمّهات يلدنَ بمفردهنّ". ويؤكد الطبيب أنّه على الرغم من كلّ الصعوبات، فقد وُلد أكثر من 100 طفل على أيدي فريقه منذ بداية الحرب، وهو ما يُعَدّ نجاحاً.

المساهمون