هكذا احتفل ذوو إعاقة بميلاد زميلتهم في يومهم العالمي خلال اعتصامهم برام الله
عوضاً عن احتفالها بعيد ميلادها في منزلها وبين أفراد عائلتها، أتمت الشابة الفلسطينية شذى أبو سرور، من مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، اليوم الخميس، عامها الخامس والثلاثين، في الوقت الذي تواصل اعتصامها مع أربعة زملاء آخرين في داخل مقر المجلس التشريعي الفلسطيني المنحل، بمدينة رام الله، منذ واحدٍ وثلاثين يوماً، مطالبين الحكومة الفلسطينية بنظام صحي شامل وعادل لذوي الإعاقة، الذين يتجاوز عددهم تسعين ألف فرد في الضفة وقطاع غزة.
ويتزامن عيد ميلاد شذى، التي تُعاني منذ ولادتها من إعاقةٍ بصرية كاملة، مع الاحتفال باليوم العالمي لذوي الإعاقة، 3 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، الأمر الذي تعتبره هذه الشابة الصلبة فرصةً للتغيير.
تقول شذى أبو سرور لـ"العربي الجديد": "صحيح أنني ما زلت في المجلس التشريعي ومستمرة مع زملائي في الاعتصام، لكنني أعتبر الاحتفال بذكرى ميلادي اليوم من أجمل أعياد الميلاد في حياتي؛ نظراً لالتفات ذوي الإعاقة وأهاليهم والمتضامنين إلى مطلب واحد لذوي الإعاقة، إن يوم ميلاد كل إنسان فرصة ليتعلم كيف يجب أن يكون هذا اليوم، وفرصة لإعادة النظر في هذه الحياة، ويكون احتفاله بيوم ميلاده احتفالاً بإنجازٍ حقيقي، يستطيع الناس استشعاره في حياتهم".
وتدفع مصادفة عيد ميلاد شذى، الناطقة باسم "حراك حياة كريمة من أجل ذوي الإعاقة في فلسطين"، مع تواصل اعتصام التشريعي؛ لتقييم عملها خلال عام بأكمله، خاصة أنها تعمل مع مؤسسة "الشبان المسيحية" العاملة في مجال التمكين، وتقول شذى "من يعمل في مجال المناصرة يُسعده أن يرى نتائج مطالبه تتحقق على أرض الواقع، وأنا أتساءل هل وجودي هنا في اعتصام التشريعي سيشكل جسراً سوف يعبر من خلاله أشخاص آخرون؟ إن عيد الميلاد مثل مراجعتنا لأنفسنا نهاية اليوم، لكن بدلاً من أن نقول ماذا أنجزنا خلال النهار؟ نسأل أنفسنا عن أفعالها خلال السنة".
ولم يستطع حمد سمامرة، المعتصم في المجلس التشريعي، تهنئة زميلته شذى بعيد ميلادها، ويقول لـ"العربي الجديد"، بحرقة واضحة، "إذا قلت لشذى كل عام وأنت بخير، ستكون غصة في قلبي، لأننا لسنا بخير، وعندما جاءت شذى معنا إلى المجلس التشريعي لم تعد تمثل نفسها بل ذوي الإعاقة الذين أعتقد أنهم اليوم ليسوا بخير".
ورغم مشاعر الألم التي لا تغادر ذوي الإعاقة الخمسة المعتصمين في المجلس التشريعي، عبد الرحمن وعبد الرحيم عواد وتحرير بطران وحمد سمامرة وشذى أبو سرور، بعد مرور أكثر من شهر على بقائهم بين جدران المجلس التشريعي وفي ساحاته الخالية من الناس، حاولت شذى إيصال رسالة فرح إلى ذوي الإعاقة وأهاليهم الذين حضروا احتفالاً باليوم العالمي لذوي الإعاقة، كما نظموا مسيرة من المجلس التشريعي نحو مجلس الوزراء، أمسكت شذى بـ"الطبلة" وبدأت بالدق عليها ومشاركة الحضور الغناء.
يقول عوض عبيات لـ"العربي الجديد"، وهو من ذوي الإعاقة البصرية ونشطاء العمل الاجتماعي لصالح ذوي الإعاقة، "أعرف شذى منذ سبعة عشر عاماً، تجدون الصدق وحُب الخير في شخصها، لديها الإصرار ولديها المعرفة، وهي الإنسان الذي يملأ من حوله بالحُب والثقة، وهي اليوم تمارس دورها للتأكيد على مطالب ذوي الإعاقة".
أما والدة شذى، انشراح أبو سرور، فقد جهزت نفسها من منزلها في مدينة بيت جالا غربي بيت لحم، لتقصد مدينة رام الله، وسط الضفة، حيث تغيب ابنتها عن ناظريها منذ أكثر من شهر، كي تحتفل معها بيوم ميلادها مع ساعات المساء، وهي التي اعتادت الاحتفال بهذا اليوم في منزل العائلة، وتقول الأم لـ"العربي الجديد": "أنا فخورة أن ابنتي شذى المتميزة بالعطاء، بهذا أهنئها في يوم ميلادها".
لا يعتبر ذوو الإعاقة أن الحكومة الفلسطينية فعلت شيئاً أو حققت مطالبهم حتى الآن رغم إيعازها بإعفاء ذوي الإعاقة من نسبة 5% من مساهمتهم في التأمين الصحي، تنهي شذى أبو سرور بقولها لـ"العربي الجديد"، بينما يغني لها زملاؤها وذوو الإعاقة ويقطّعون قوالب "الغاتوه"، "إن مطلبنا واضح ومحدد لا يُعالج إلا بنظام كامل، كان مسعى الحكومة تجزئة مطالبنا، لكننا لن نخرج من هنا ولن ننهي اعتصامنا إلا عند توقيع الحكومة على نظام صحي كامل عادل وشامل لذوي الإعاقة".
شذى التي درست تخصص علم الاجتماع وحصلت على شهادة البكالوريوس من جامعة بيت لحم، سافرت قبل سنوات إلى الولايات المتحدة الأميركية وحصلت على درجة الماجستير في تخصص "إدارة مؤسسات المجتمع المدني"، ولم تمنعها إعاقتها البصرية من المشاركة في حملات مناصرة مكثفة من أجل ذوي الإعاقة، فهذا اعتصامها الثاني في المجلس التشريعي، خلال عامين، للضغط على الحكومة وإقرار حقوق ذوي الإعاقة وكذلك اليوم، من أجل إقرار نظام صحي لذوي الإعاقة.