هذه بدائل عن البلاستيك للحفاظ على البيئة

16 أكتوبر 2021
المواد البلاستيكية واحدة من أبرز التحديات التي تواجه البيئة (Getty)
+ الخط -

قد تكون المواد البلاستيكية التي يتم استخدامها يومياً حول العالم، واحدة من أبرز التحديات التي تواجه البيئة، بسبب عدم قدرة هذه المواد على التحلّل. فالعلب البلاستيكية التي يتم استخدامها لتغليف وحفظ الفاكهة والخضار في المتاجر الكبرى، وهي طبقات لامعة وجذابة، والتي يتم في نهاية المطاف إلقاؤها في سلة المهملات، تزيد من التعقيدات التي تواجه خبراء البيئة، الأمر الذي دفع شركات التكنولوجيا إلى البحث عن آليات للمساعدة في التخلص من النفايات البيئية.

بحسب تقرير لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، فقد نجحت شركة Apeel، ومقرّها كاليفورنيا الأميركية، في السعي للتخلّص من النفايات البلاستيكية، من خلال تطوير رذاذ نباتي صالح للأكل، عديم الطعم وغير مرئي، لتغليف الفواكه والخضروات، يعمل كحاجز لإبقاء الأكسجين والرطوبة خارجاً، ما يزيد من مدّة الصلاحية من دون الحاجة إلى استخدام البلاستيك أحادي الاستعمال.

بحسب الشركة، فقد تمّ، في تجربة أولى، رشّ الخيار والأفوكادو في متاجر وول مارت بهذا الرذاذ، لقياس ردود الأفعال، قبل أن يتم تعميم التجربة. وأفاد الرئيس التنفيذي للشركة، جيمس روجرز، بأنّ Apeel تسعى إلى إعادة تصوّر نظام غذائي لا يتمّ بناؤه على أساس البلاستيك أحادي الاستعمال.

تقدّر القيمة المالية لشركة Apeel، وهي جزء من موجة من الشركات الناشئة والمشاريع العلمية التي تتسابق لتطوير مواد يمكن أن تساعد في استبدال المواد البلاستيكية التقليدية أحادية الاستعمال، بنحو مليار دولار، وتعدّ الشركة رائدة في مكافحة التلوث البيئي.

بحسب تقرير "ذا غارديان"، تختلف طرق إنتاج هذه الرذاذات وطرق تطبيقها على نطاق واسع بين الشركات المنافسة، لكن هدفها المعلن واحد: القضاء على آفة النفايات البلاستيكية.

البلاستيك مشكلة قديمة للبيئة

منذ خمسينيات القرن الماضي، أنتج العالم ما يقدر بنحو 8.3 مليارات طن من البلاستيك، انتهى ما يقرب من ثلثيها في مكبات النفايات أو من خلال دفنها في التربة والأنهار والمحيطات، الأمر الذي خنق الحياة البرية.

تكمن المشكلة، بحسب خبراء البيئة، في أنّ البلاستيك مادة رائعة، فهو رخيص الإنتاج وخفيف الوزن ومتين بشكل لا يصدق، وهو لذلك يستغرق قروناً حتى يتحلّل.

هذه المشكلة دفعت العديد من الشركات إلى إنتاج ما يسمى بـ"بلاستيك صديق البيئة"، وهو مصنوع من مصادر حيوية مثل قصب السكر، والطحالب، وحتى نفايات الموز والمحار.

ورغم هذه المحاولات البيئية الجيدة نسبياً، إلاّ أنّ سارة كاكاديليس، الباحثة في التلوث البلاستيكي في إمبريال كوليدج لندن، ترى أنّ هذه الادعاءات الخضراء لا تصمد دائماً. فإذا لم يتم الحصول على المواد الخام بشكل مستدام، قد يتحول البلاستيك الحيوي إلى مادة تحدث ضرراً في البيئة، على المدى البعيد.

ماذا تعرف عن البلاستيك "النباتي"؟

طوّرت شركة الكيمياء الحيوية الهولندية Avantium، التي دخلت في شراكة مع علامات تجارية مثل Carlsberg، بلاستيكاً "نباتياً" بنسبة 100% مصنوعاً من السكريات التي يمكن استخدامها في الزجاجات والأفلام.

تقول الشركة إنّ البلاستيك المصنّع لديها قابل لإعادة التدوير بنسبة 100%، وله بصمة كربونية أقل بكثير من البلاستيك العادي، ويتم الحصول عليه من نباتات مزروعة بشكل مستدام. تخطّط Avantium لفتح أول مصنع لها في عام 2023 في هولندا، وتتوقع أن تكون عبواتها في محلات السوبر ماركت في غضون ثلاث سنوات.

تقوم شركات أخرى بتطوير مواد بلاستيكية تتجنّب الحاجة إلى المحاصيل تماماً. ففي سبتمبر/أيلول الماضي، أطلقت شركة Shellworks الناشئة للتكنولوجيا الحيوية، ومقرّها المملكة المتحدة، مادة بلاستيكية مصنوعة من ميكروبات موجودة في العديد من البيئات البحرية والتربة. تتغذّى هذه على مصادر الكربون، وبناء نظام تخزين الطاقة مثل الدهون.

تقول أمير أفشار، الشريكة المؤسسة لشركة Shellworks، "عندما يتم استخلاص هذه الدهون، فإنها تشبه البلاستيك تماماً، الفرق هو أنه عندما تعود إلى الطبيعة يحاول علماء آخرون تحويل البلاستيك إلى أداة لمعالجة أزمة المناخ من خلال تصنيعه من غازات الاحتباس الحراري".

بلاستيك مصنّع من الماء وثاني أكسيد الكربون؟

بحسب سارة كاكاديليس، الباحثة في التلوث البلاستيكي في إمبريال كوليدج لندن: "يمكن للمرء أن يرى في المستقبل، التقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء، ثم استخدامه لإنتاج البلاستيك".

طوّر العلماء في جامعة روتجرز بولاية نيوجيرسي الأميركية، تقنية يمكنها تحويل الماء وثاني أكسيد الكربون إلى مواد أولية لمواد بلاستيكية مختلفة، والتي يرون أنها يمكن أن تحلّ محل بولي إيثيلين تيرفثالات وألياف البوليستر، الموجودة في كل مكان في صناعة الأزياء (حوالي 60٪ من المواد المصنوعة في الملابس من البلاستيك).

بحسب أندرس لورسن، الرئيس التنفيذي لشركة RenewCO₂، وهي الشركة الناشئة التي انبثقت عن أبحاث روتجرز، فإنّ هذه الطريقة هي "تكرار لعملية الطبيعة لإنتاج النفط والغاز على مدى ملايين السنين، ولكن يتم ذلك في جزء من الثانية". تأمل الشركة في تسخير ثاني أكسيد الكربون المنبعث من البلاستيك أثناء تحلّله أو حرقه واستخدامه لإنتاج منتجات جديدة. تقوم شركة RenewCO₂ ببناء مصنع تجريبي، وتتوقع أن يتم تسويق هذه المنتجات في عام 2025.

بدائل للبلاستيك من الورق

كما أدّت زيادة معارضة المستهلكين للمواد البلاستيكية إلى قيام بعض الشركات بتجربة مواد مختلفة تماماً. فتجري مثلاً "مارس" و"يونيليفر"، تجارب على الورق، الذي يُعاد تدويره على نطاق واسع، وهو أقل ضرراً من البلاستيك، إذا انتهى به المطاف في البحر أو مكب النفايات.

كما بدأت شركة Coca-Cola، هذا الصيف، في اختبار زجاجة ورقية في المجر لشرابها، وهي تقوم بهذا الاختبار بالشراكة مع شركة Paboco الناشئة في كوبنهاغن بالدنمارك، والتي تُصنّع القوارير الزجاجية من لبّ الورق المقولب.

ومع ذلك، لا تزال هذه الزجاجات تحتوي على غطاء بلاستيكي، وهي مبطّنة بغشاء بلاستيكي مُعاد تدويره من مادة البولي إيثيلين تيريفثالات، لمنع تسرب المنتج أو الألياف الورقية من الدخول إلى الشراب.

ويقول الرئيس التنفيذي المؤقت لشركة Paboco، جيتان شولد، إنّ "رؤيتنا النهائية هي تطوير زجاجة ورقية ذات أساس حيوي بالكامل، يمكن إعادة تدويرها أيضاً في مجرى الورق".

هل من ملاحظات سلبية على هذه البدائل للبلاستيك؟

بحسب ساندر ديفرويت، الذي يقود مبادرة "اقتصاد البلاستيك الجديد" في "مؤسسة إلين ماك آرثر" ومقرّها المملكة المتحدة، فإنّ الأسئلة الكبرى حول هذه الابتكارات تتعلق بكيفية الحصول على المواد البلاستيكية الحديثة، وأين ينتهي بها الأمر؟

الورق، على سبيل المثال، ليس مادة تغليف مستدامة إذ قد يؤدي إلى إزالة الغابات أو دراسة كا إذا كانت القوارير الورقية وأغلفة الحلويات لا تدخل في مجاري إعادة التدوير. من المحتمل أيضاً أن يستغرق الأمر سنوات عديدة قبل أن تتّسع هذه المواد بما يكفي لإحداث تأثير في 300 مليون طن من البلاستيك المُنتَج كل عام.

يشعر مارك ميودونيك، أستاذ المواد والمجتمع في جامعة كوليدج بلندن، بالقلق من انتشار المواد التي يتمّ تطويرها دون التفكير الكافي في كيفية ملاءمتها لأنظمة تصريف النفايات الحالية. ويقول: "في الغالب ما نريد القيام به هو صنع مواد بلاستيكية تدوم لوقت طويل حتى نحتفظ بها في النظام - أي أننا نريد إعادة تدويرها".

ويعتقد أنّ أفضل الأمثلة الموجودة عن التحلّل البيولوجي وقابلية التسميد، هي في المنتجات مثل بطانات العلبة لحاويات فضلات الطعام وأكياس الشاي.

حفاضات أطفال خالية من البلاستيك وقابلة للتسميد

قبل أن يتم تدريبهم على استخدام المرحاض، يمكن للطفل استخدام حوالي 6000 حفاضة يمكن التخلص منها، ويكاد يكون من المستحيل إعادة تدويرها.

ابتكرت شركة gDiapers الأسترالية حفاضاً خالياً من البلاستيك قابلاً للتسميد جنباً إلى جنب مع خدمة التوصيل والتحصيل. يقول جيسون جراهام ناي، الذي شارك في تأسيس gDiapers مع زوجته كيم: "لقد أنتجنا هذا الشيء ووضعناه بين يدي العالم، وسنقوم بإعادة استخدامه مرة أخرى".

تجري الشركة تجربة لتوصيل وجمع الحفاضات القابلة للتسميد في غرب بابوا، إندونيسيا، حيث تشكّل الحفاضات حوالي 20% من نفايات المحيط، ويتم استخدام السماد الناتج في الأرض، وهي تجربة قد يمكن أن تؤسس لمزيد من الفرص والتجارب.

المساهمون