استمع إلى الملخص
- **تأثير الهجرة والأوضاع السياسية على التعليم في السويداء:** شهدت السويداء هجرة كبيرة منذ 2015، مما أدى إلى نقص المدرسين وإغلاق بعض المدارس. بدأت بعض القرى بمبادرات لدعم المدرسين عبر صناديق لتغطية تكاليف إقامتهم ونقلهم.
- **التوجه نحو التعليم الخاص كبديل:** في محافظات مثل اللاذقية وحمص، يفضل المدرسون العمل في المعاهد الخاصة بسبب الرواتب الأعلى، مما دفع الحكومة لإعادة المعلمين المكلفين بوظائف إدارية إلى التدريس.
تواجه المدارس في المحافظات ضمن مناطق سيطرة النظام السوري نقصاً حاداً في الكوادر التعليمية والتدريسية، نتيجة لعدد من العوامل والأسباب، منها ضعف الدخل المادي للمدرسين في الوقت الحالي والتهجير والظروف الأمنية الصعبة وغياب المحفزات والدوافع، ما دفع الكثير من المعلمين إلى ترك المهنة والعزوف عنها، أو التوجه للتعليم الخاص.
محافظة القنيطرة من بين المحافظات التي تعاني مدارسها من نقص حاد في المدرسين، حيث كشف مدير تربية محافظة السويداء لـ"صحيفة الوطن" المقربة من النظام السوري أن عدد الشواغر في مدارس التعليم الأساسي والثانوي بلغ 823 مدرساً، لافتاً إلى أن المديرية أعادت 250 من المدرسين والمعلمين إلى المدارس خلال الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي الماضي، موضحاً أن عدد الطلاب في الشعب الصفية يقرب من 60 طالباً، وهذا يشكل ضغطاً على المعلمين والمدرسين.
نقص المدرسين في السويداء
وكذلك محافظة السويداء من بين المحافظات التي تعاني نقصاً حاداً في المدرسين، وفق ما كشف المدرس ضياء المرشد في حديثه لـ"العربي الجديد" وقال: "في السويداء منذ عام 2015 شهدت المحافظة حركة هجرة كبيرة، الآلاف من سكان المحافظة غادروها، الأرقام التي شهدناها كانت مرعبة للغاية، حتى إن هذا العام أطلق عليه عام الهجرة. أكثر من غادر المحافظة في هذا العام هم المعلمون والمعلمات من المرحلة الابتدائية، إضافة إلى المرحلة الثانوية، ومديرو المدارس، إضافة إلى أساتذة مختصين في اللغات والفيزياء والكيمياء".
وأضاف: "تَبع موضوع الهجرة إغلاق لبعض المدارس، وشهدنا في عام 2018 إغلاق لمدرسة بلدة الشبكي، حيث أجبر طلاب في المراحل الإبتدائية والإعدادية والثانوية على الدوام خارج المدرسة والالتحاق بمدارس أخرى. في البداية، قيل إن ذلك لأسباب أمنية، ثم تطور الأمر إلى نقص حاد في عدد المدرسين. السويداء كانت المصدر الرئيسي للمدرسين في جميع أنحاء سورية، حيث كان الآلاف منهم يذهبون كل عام إلى المحافظات المختلفة ليعملوا هناك لمدة خمس سنوات".
وأوضح أن "السويداء أصبحت تعاني من نقص في عدد المدرسين بسبب الهجرة والأوضاع السياسية منذ عام 2011، حيث كان يُفصَل أي مدرس يشارك في المظاهرات. في ظل هذه الظروف، بدأت القرى بتنفيذ مبادرات لإنشاء صناديق لدعم المدرسين. بعض القرى أنشأت صناديق لدعم إقامتهم وتوفير تكاليف النقل على حساب الأهالي. آخر مبادرة كانت في بلدة تشقة بريف السويداء الشرقي، حيث أنشأوا صندوقاً كاملاً وحددوا الأجور والبدلات للمدرسين بالتواصل معهم، وكانوا يضمنون حضورهم ويحددون لهم أجور النقل".
يشابه الوضع في محافظة اللاذقية الوضع في محافظة السويداء، من حيث النقص في الكوادر التدريسية، وهذا ما أشار إليه المدرس سليم الجبلاوي خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "في أغلب المناطق توجد معاهد متابعة، بعضها مرخص وبعضها غير مرخص. المدرس يذهب إلى تلك المعاهد بدلاً من البقاء في وظيفته الحالية، حيث يمكنه الحصول على راتب أعلى بكثير. فبدلاً من الحصول على 300 أو 400 ألف، يحصل على مليون أو مليون ونصف. وربما يتابع عدة طلاب في وقت واحد. لماذا يضيع وقته طوال العام بلا فائدة؟ لذلك، هناك مدرسون يتركون وظائفهم ويتوجهون للعمل في المعاهد الخاصة".
مدرس مادة الفيزياء في المرحلة الثانوية أحمد عبد الحق المقيم في مدينة حمص، قال في حديثه لـ"العربي الجديد": "من غير الممكن الاعتماد على الراتب الممنوح من قبل وزارة التربية والتعليم للمدرسين، أنا منذ عدة سنوات أعمل في مدرسة خاصة، إضافة إلى دورات أجريها في المعاهد، المردود أفضل بكثير، المدرس لديه عائلة ولديه مسؤوليات، وهذا ما دفع الكثير منا إلى الاستقالة من الوظيفة الحكومية والتوجه للعمل الخاص".
ومن الخطوات التي لجأت إليها حكومة النظام لتعويض النقص في الكوادر التدريسية، إعادة المعلمين المكلفين وظائف إدارية إلى التدريس، والقرار الذي كشفت عنه صحيفة الوطن في 21 أغسطس/آب لاقى اعتراضات وإشكاليات عديدة من قبل عدد من المعلمين والمعلمات، ولا سيما من يعانون حالات مرضية لا تسمح بعودتهم إلى صفوف الدراسة، وأولئك الذين لديهم أطفال صغار.