بريطانيا: منظمة بيئية تدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة أزمة البلاستيك

24 مايو 2021
تنتج المملكة المتحدة نفايات بلاستيكية أكثر من أي دولة أخرى (Getty)
+ الخط -

يحثّ نشطاء حكومة المملكة المتحدة على حظر تصدير النفايات البلاستيكية إلى جميع البلدان، والاستثمار في صناعة إعادة التدوير المحلية، وتحديد هدف ملزم للحدّ من البلاستيككما يضغطون من أجل تعديل مشروع قانون البيئة، الذي من المقّرر أن يعود إلى البرلمان يوم الأربعاء، للتعامل بشكل أكثر فعالية مع أزمة النفايات البلاستيكية العالمية.

وتنتج المملكة المتحدة نفايات بلاستيكية أكثر من أي دولة أخرى في العالم تقريبا، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية. لكن تدعي الحكومة أن ما يقرب من نصف العبوات البلاستيكية في المملكة المتحدة يعاد تدويرها، ولكن هذا ليس صحيحًا لأنّ أقل من 10٪ من البلاستيك اليومي يُعاد تدويره في المملكة المتحدة.

وقد وجد تحقيق جديد لمنظمة السلام الأخضر (غرين بيس) أنّ نفايات تحمل علامات بريطانية ومن عدد من المتاجر البريطانية تُلقى وتُحرق في الهواء الطلق في تركيا. مع العلم أنّه من غير القانوني أن ترسل الحكومة النفايات البلاستيكية إلى أي بلد إذا لم تكن ستجرى إعادة تدويرها.

وقد انتقلت تركيا، في غضون خمس سنوات فقط، من كونها لاعبًا ثانويًا في تجارة النفايات العالمية لتصبح الصين الجديدة. وزادت صادرات النفايات البلاستيكية من المملكة المتحدة إلى تركيا بمقدار 18 مرة بين عامي 2016 و2020، من 12000 طن فقط إلى 210،000 طن بين عامي 2020 و2042، عندما استلمت تركيا تقريبًا 40٪ من صادرات المملكة المتحدة من النفايات البلاستيكية. ما يقرب من نصف هذا كان البلاستيك المختلط، الذي تصعب إعادة تدويره.

على الرغم من أن المملكة المتحدة هي إلى حد بعيد أكبر مصدر للنفايات البلاستيكية إلى تركيا، لكنها لم تكن الدولة الوحيدة التي استفادت من موقف تركيا المنفتح تجاه النفايات البلاستيكية. بل استغلّت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تصدير نفاياتها البلاستيكية إلى تركيا بمقدار 20 ضعفًا في عام 2020، وفعلت ذلك في عام 2016، مع زيادة الحجم من 22000 طن إلى 447000 طن. ذلك على الرغم من وجود قواعد لدى المملكة المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي تهدف إلى منع تصدير النفايات البلاستيكية التي لا تمكن إعادة تدويرها.

ويوجد العديد من المستوردين الأتراك الذين يتعاملون مع النفايات البلاستيكية من المملكة المتحدة في أضنة في منطقة كيليكيا، التي تمتد على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​حتى الحدود مع سورية. وتقع أضنة على بعد أقل من 100 كيلومتر من مرسين، أكبر ميناء في تركيا ونقطة توقف لسفن الحاويات التي تسافر إلى شرق آسيا عبر قناة السويس.

إلى ذلك، يقول تقرير "غرين بيس" إنّ المنطقة تضررت بشكل كبير من البلاستيك. كما وجدت دراسة حديثة لـ"الصندوق العالمي للطبيعة" أن الساحل الكيليكي يعاني من تلوث بلاستيكي أكثر من أي منطقة أخرى في البحر الأبيض المتوسط. وأنّ نهر سيحان الذي يمر وسط أضنة، ونهر جيحان الذي يمتد إلى الجنوب الشرقي، مسؤولان عن 9٪ من التلوث البلاستيكي في البحر الأبيض المتوسط ​​كل عام، ويأتيان في المرتبة الثانية بعد نهر النيل.

ويكشف التحقيق الذي أجرته منظمة السلام الأخضر البريطانية في مارس/آذار 2021، أيضاً، عن أدلة جديدة عما يحدث للنفايات البلاستيكية البريطانية المرسلة إلى تركيا، ووثّق المحقّقون في عشرة مواقع منتشرة حول ضواحي أضنة أكواما من النفايات البلاستيكية ملقاة بشكل غير قانوني في الحقول، بالقرب من الأنهار، وعلى مسارات القطارات وعلى جوانب الطرق.

في بعض الحالات، دُفنت طبقات من النفايات البلاستيكية تحت التربة قبل إلقاء المزيد من النفايات البلاستيكية فوقها، ما أدى إلى إنشاء تلال اصطناعية. وكانت النفايات البلاستيكية الأخرى تتسرب إلى المجاري المائية وتطفو في اتجاه مجرى النهر على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

وعلى الرّغم من تحرّك الحكومة التركية لتقييد كميات النفايات التي تدخل البلاد، وإعلانها في أواخر عام 2020 فرض حظر على استيراد الكثير من أنواع النفايات البلاستيكية، لقي هذا الحظر معارضة من شركات في تركيا، وكان له تأثير ضئيل: ففي يناير/كانون الثاني 2021، أرسلت المملكة المتحدة بالفعل نفايات بلاستيكية إلى تركيا أكثر مما فعلت في يناير السابق، إذ ارتفعت من 12400 طن إلى 14500 طن. وفي فبراير/شباط 2021، زادت صادرات المملكة المتحدة من النفايات البلاستيكية إلى تركيا بأكثر من ضعف ما كانت عليه في فبراير الماضي، بزيادة من 14000 طن إلى 30300 طن. ومع ذلك، في هذه المرحلة من غير الواضح ما إذا كان هناك انخفاض حقيقي في البلاستيك المخلوط المُصدَّر إلى تركيا، أو ما إذا كانت الشركات تتحايل على الحظر عن طريق تصنيف نفاياتها بشكل خاطئ.

وتطالب منظمة "غرين بيس" حكومة المملكة المتحدة باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة أزمة البلاستيك. وتقول إنّ الخطوة الأولى يمكن أن تبدأ من خلال حظر الصادرات إلى البلدان الأخرى، بما في ذلك إلى أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. قد تكون هناك حاجة أيضًا إلى تحديث البنية التحتية لتصبح قادرة على إعادة التدوير، حتى تتمكن المملكة المتحدة من التعامل مع النفايات البلاستيكية الخاصة بها.

والأهم من ذلك، تحتاج المملكة المتحدة إلى خفض كمية البلاستيك المنتجة بشكل كبير في المقام الأول، فإن الحد من استخدام البلاستيك لمرة واحدة بنسبة 50% لن يسمح فقط للمملكة المتحدة بإنهاء صادرات النفايات، ولكنه سيعني أيضًا تقليل كمية البلاستيك التي تُحرق وتُدفن، وبحسب المتخصصين، فإنه يجب أن تفرض الحكومة خفضًا بنسبة 50% في البلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة بحلول عام 2025.

ويظهر تحليل بيانات التجارة الحكومية الرسمية لعام 2020 أن بريطانيا صدّرت معظم نفاياتها البلاستيكية إلى ثلاثة دول، وهي تركيا (209.642 أطنان - 39%)، ماليزيا (65000 طن 12%)، وبولندا (38000 طن 7%)، ما يقرب من نصف صادرات المملكة المتحدة من النفايات البلاستيكية، إما مختلطة من البلاستيك أو الستايرين أوالبولي فينيل كلوريد، وهي مواد من الصعب إعادة تدويرها على نطاق واسع.

من جهتها، قالت تركيا إنها ستحظر استيراد معظم أنواع النفايات البلاستيكية في غضون 45 يومًا من كشف منظمة "غرين بيس" عن هذه الأدلة.

المساهمون