نعمت شفيق... قمع الطلاب بعد نجاحات مهنية

30 ابريل 2024
تولت نعمت شفيق رئاسة الجامعة في يوليو/تموز 2023 (درو أنجيرير/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- نعمت شفيق، رئيسة جامعة كولومبيا ذات الأصول المصرية، تواجه انتقادات بعد قمع التظاهرات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين واستدعاء شرطة نيويورك، مما أثار جدلاً حول الحرية الأكاديمية وحقوق الطلاب.
- لديها خلفية متميزة في الاقتصاد والسياسة، وشغلت مناصب رفيعة في مؤسسات دولية قبل العودة للأوساط الأكاديمية، مما يضيف تعقيداً للجدل حول قراراتها.
- الاحتجاجات تفاقمت بعد تصريحاتها المؤيدة لإسرائيل، مما أدى لتعليق الدراسة واستدعاء الشرطة، وأثار مطالبات بتحقيق مع قيادة الجامعة بتهمة تقويض الحرية الأكاديمية.

أثارت قرارات رئيسة جامعة كولومبيا، مصرية الأصل نعمت شفيق (61 عاماً)، قمع التظاهرات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين في حرم الجامعة، إلى درجة الاستعانة بشرطة نيويورك، موجة من الانتقادات حولها، فمن تكون شفيق؟

تتصدّر رئيسة جامعة كولومبيا الأميركية، نعمت شفيق، صفحات الصحف العالمية بسبب قراراتها المتعلقة بقمع الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين. ووجهت لجنة الإشراف في الجامعة انتقادات حادة لإدارتها، علماً أنها لم تتمكن من السيطرة على الاحتجاجات، فعمدت إلى استدعاء شرطة نيويورك إلى الحرم الجامعي لإنهاء الاعتصامات. وبحسب لجنة الإشراف في الجامعة، فإن شفيق وبقراراتها هذه، أدت إلى تقويض الحرية الأكاديمية وانتهكت الحقوق القانونية للطلاب. فمن هي نعمت شفيق؟ وما هي خبراتها العلمية والأكاديمية؟ وهل سبق لها أن أصدرت قرارات مثيرة للجدل؟

ولادة نعمت شفيق ونشأتها

بحسب موقع جامعة كولومبيا، عُيّنت نعمت شفيق رئيسة للجامعة في يوليو/تموز 2023، وهي من مواليد الإسكندرية في مصر في الثالث عشر من أغسطس/آب عام 1962. انتقلت إلى الولايات المتحدة بعد أربع سنوات، بعدما تركت عائلتها مصر خلال الاضطرابات السياسية والاقتصادية. تخرّجت من جامعة ماساتشوستس في أمهرست، وحصلت على بكالوريوس في الاقتصاد والسياسة عام 1983 ونالت مرتبة الشرف. ثم تابعت دراستها العليا وحصلت على شهادة الماجستير ثم الدكتوراه في الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. بدأت شفيق حياتها المهنية في البنك الدولي، وعُيّنت نائبة لرئيس البنك ووُصفت حينها بأنها أصغر نائب للرئيس، إذ كانت في عمر الـ 36. وبحسب مجلة فوربس الأميركية، شغلت مناصب أكاديمية في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا وقسم الاقتصاد بجامعة جورج تاون. 

وعام 2008، عُيّنت سكرتيرة دائمة لوزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة، وقادت عملية إصلاح شاملة للمساعدات الخارجية البريطانية. بعد ذلك، شغلت منصب نائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي ثم نائبة محافظ بنك إنكلترا، وكانت جزءاً من جميع لجان السياسات النقدية والمالية والاحترازية، ومسؤولة عن ميزانية عمومية تزيد عن 500 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل حوالي 605 مليارات دولار). وعام 2017، عادت إلى الأوساط الأكاديمية رئيسة لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. كما تولت شفيق منصب نائبة رئيس مجلس أمناء المتحف البريطاني، وكانت عضوة في مجلس إدارة المجلس الإشرافي لشركة سيمنز العالمية للطاقة، ومؤسّسة بيل وميليندا غيتس، ومجلس معهد الدراسات المالية. ومُنحت لقب "بارونة" وعُيّنت في مجلس اللوردات البريطاني، كما كرمتها الملكة إليزابيث الثانية الراحلة عام 2015.  

الحياة الأكاديمية لنعمت شفيق

تولّت نعمت شفيق رئاسة الجامعة في الأول من يوليو 2023، وسعت من خلال منصبها الجديد إلى تحويل سنوات خبرتها في المؤسسات المالية والمصرفية، والعلمية والأكاديمية، لخدمة منصبها الجديد. بدت داعمة لوجود الشباب في الإدارة، وبعيدة عن البيروقراطية والتحكم أو الانفراد في السلطة. تقول شفيق لمجلة الجامعة إن فلسفتها القيادية تركّز على إعطاء الفرص للمواهب والكوادر اللامعة لإحداث فرق في الإدارة.
بعد أشهر من توليها المنصب، وخلال حفل التنصيب الرسمي لها في 4 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بدأ أول الاحتجاجات في الجامعة، بحسب صحيفة كولومبيا سبكتاتور الطلابية، وكانت تُطالب بإصلاحات حقيقية. وكانت مجموعة من المتظاهرين تعترض على سوء إدارة الجامعة عقوداً، والاعتداء الجنسي من طبيب أمراض النساء السابق في المركز الطبي بجامعة كولومبيا، روبرت أ. هادن، كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز.

من الاحتجاجات في جامعة كولومبيا (جيف كوالسكي/ فرانس برس)
من الاحتجاجات في جامعة كولومبيا (جيف كوالسكي/ فرانس برس)

وبحسب معطيات مركز إيرفينغ الطبي بجامعة كولومبيا (CUIMC)، شملت تحرشات الطبيب ما لا يقل عن 226 امرأة. بعد يومين من عملية طوفان الأقصى في غلاف قطاع غزّة، أي في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول، أصدرت نعمت شفيق بياناً أعربت فيه عن تأثّرها بـ"الهجوم المروّع على إسرائيل". تصريحات شفيق، مع ما تشهده الساحة الفلسطينية، شكلت أيضاً دافعاً لقيام عدة طلاب بالتظاهر والاحتجاج في حرم الجامعة، الأمر الذي دفع الإدارة حينها إلى إغلاق الحرم الجامعي والمناطق المؤدّية إلى الكليات. كما عمدت الجامعة إلى إلغاء احتفالية "يوم العطاء"، وهو حدث سنوي يطلب فيه من الخريجين والمانحين إرسال الأموال إلى الجامعة. 
وبدأت شفيق التعامل بمسار مختلف مع احتجاجات الطلاب، وأعلنت أنها تعتزم تأسيس فريق عمل لمكافحة ما سمّتها معاداة السامية في الجامعة. وجاءت هذه الخطوة محاولة منها لمعالجة "الأسباب الجذرية" للكراهية في الحرم الجامعي، بحسب صحيفة الجامعة، مشيرة إلى أنها ستتخذ بعض الخطوات لتقييد مكان وزمان تنظيم التظاهرات الطلابية. ولم تهدأ الاحتجاجات الطلابية بل تفاعلت أكثر، وخصوصاً أن الإدارة قامت أيضاً بتعليق نشاط مجموعتين طلابيتين مؤيدتين للفلسطينيين، طلاب من أجل العدالة في فلسطين والصوت اليهودي من أجل السلام، تتهمهما إدارة الجامعة بانتهاك السياسات بشكل متكرّر، والتي تتطلب منهما الحصول على إذن وإعطاء إشعار قبل عشرة أيام عمل من تنظيم أي حدث. هذه الخطوات من الإدارة دفعت بعض الكوادر التعليمية والطلاب إلى الاحتجاج في حرم الجامعة.

استدعاء الشرطة

لم تكتف نعمت شفيق بالإجراءات السابقة، ولم تسع إلى احتواء الاحتجاجات الطلابية، بل عمدت، في خطوة مثيرة للجدل، إلى الاتصال بالشرطة في 18 إبريل/ نيسان الجاري، إلى تفكيك مخيّمات الاحتجاجات في حرم الجامعة، بحجة أن الخيام تسبّب اضطرابات، وتشكل خطراً واضحاً وقائماً على الجامعة. وبدأت الشرطة بالدخول إلى حرم الجامعة والاشتباك مع الطلاب وقمعهم. وبعد فشل فك الاحتجاج الطلابي، أصدرت إدارة الجامعة قراراً بأن تصبح الدراسة عن بعد، على اعتبار أن هذه الخطوة قد تخفّف من حدّة وجود الطلاب في الجامعة، إلا أن التظاهرات والاحتجاجات ما لبثت أن توسّعت في جامعات عديدة. وبعد فشل نعمت شفيق في السيطرة على الوضع في الجامعة، اجتمع مجلس أمناء الجامعة وأصدر قراراً بغالبية 62 صوتاً مقابل 14 وامتناع ثلاثة أعضاء عن التصويت، يدعو إلى إجراء تحقيق مع قيادة الجامعة، واتهمت الإدارة بانتهاك البروتوكولات المعمول بها، وتقويض الحرية الأكاديمية، وانتهاك حقوق الإجراءات القانونية الواجبة لكل من الطلاب والأساتذة.

المساهمون