أقرّت دائرة التخطيط في محافظة المثنى العراقية، الإثنين، بتخطي مستوى الفقر في المحافظة الحدودية مع السعودية حاجز الـ50 في المائة من مجمل السكان البالغ عددهم نحو مليون نسمة.
وحذر مراقبون وناشطون من موجة تظاهرات شعبية جديدة في عدد من المدن العراقية، وخصوصا الجنوبية، بسبب غياب المعالجات الحقيقية لتفشي البطالة، والارتفاع المستمر في كلفة المعيشة.
يأتي ذلك بعد يوم واحد من تظاهرات في ذي قار وبغداد، قادها عاطلون عن العمل، وطالبوا فيها بتوفير الوظائف، متهمين الحكومة بالتنصل من وعود سابقة حيال برنامج التخفيف من البطالة وخلق فرص العمل.
وقال مدير دائرة التخطيط في محافظة المثنى، قابل حمود، إنّ "أكثر من نصف سكان محافظة المثنى يعانون من الفقر الذي يرتبط بانخفاض الدخل، ونصيب الفرد من الاستهلاك، وبحجم الأسرة الكبير، وضعف المشاركة الاقتصادية للنساء، وانخفاض التعليم".
وأضاف حمود في تصريحات أوردتها صحيفة الصباح الرسمية، أنه "رغم وجود برامج حكومية للتخفيف من الفقر إلا أن عدد الفقراء لا يزال كبيراً بسبب استمرار المشكلات السياسية والأمنية والاقتصادية. التخصيصات المالية لمحافظة المثنى خلال الأعوام الماضية لا تتناسب مع الاحتياجات الخدمية ومتطلبات التنمية، مما يتطلب إعداد دراسة حقيقية للقضاء على البطالة، وإدامة المشاريع الصغيرة بجدوى اقتصادية".
وأشار إلى أن "تخفيف الفقر يستلزم رؤية جديدة وبرامج أكثر واقعية والعمل وفق الأولويات التي تشمل توفير عمل مستدام للفقراء، وتحسين الوضع الصحي والتعليمي لهم، مع توفير سكن ملائم وإصلاح نظام الحماية الاجتماعية وآليات الاستهداف، وشمول أوسع وأكثر فاعلية لأنظمة الإقراض الصغيرة للأسر الفقيرة، إضافة للحاجة الفعلية لتعزيز السياسات الموجهة نحو الأنشطة الإنتاجية".
وقال عضو التيار المدني العراقي، أحمد حقي، إن البرنامج الحكومي للتخفيف من الفقر يذهب بالمجمل لصالح أعضاء الأحزاب والقوى النافذة في المحافظة مثل الفصائل المسلحة بينما يدفع المواطنون العاديون الثمن.
وأضاف حقي لـ"العربي الجديد"، أن محافظة المثنى تعتمد على الزراعة وتربية المواشي إلى جانب مصانع ومعامل مختلفة، لكن أغلبها خرجت عن الخدمة وسرح موظفوها، كما أن الفلاحين يواجهون خسائر مستمرة وتربية المواشي لم تعد مدعومة من الدولة، وهذا سبب رئيسي لكون الفقر بالمحافظة أكثر من أي مكان آخر بالعراق".
وبيّن أن أهالي المحافظة صاروا يتوجهون للعمل بالجيش والشرطة أو في فصائل الحشد الشعبي مجبرين من أجل المرتب حتى وإن لم يكن لهم دافع لذلك"، متحدثا عن صيدلاني لم يجد عملا بعد تخرجه وذهب للعمل مع أحد فصائل "الحشد الشعبي".
وشهدت محافظة المثنى منذ الربع الأخير من العام 2019، موجة احتجاجات واسعة، على غرار مدن جنوب ووسط العراق وبغداد، شارك فيها عشرات آلاف المواطنين، مطالبين بتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية لديهم، خاصة في مدن السماوة والرميثة والوركاء.
شابٌ عاطلٌ عن العمل في محافظة المثنى يحاول إحراق نفسه خلال تظاهرة في السماوة. 52 % من سكان المثنى يعانون من الفقر. مع أن فعل هذا الشاب جريمة بحق نفسه، إلا أنه يؤكد مرحلة اليأس التي يعيشها شبابنا بسبب أوضاع البلد وغياب العدالة! pic.twitter.com/zPlkNkG9fl
— Mustafa Saadoon (@SaadoonMustafa) February 13, 2022
عضو مجلس مدينة الرميثة السابق، أحمد الأسدي، قال لـ"العربي الجديد"، إن نسبة الفقر في محافظة المثنى عموما وصلت إلى 52 بالمائة لغاية نهاية العام الماضي 2021.
وأضاف الأسدي أن "المجتمع في المحافظة منهك بالفقر والبطالة، وهذا خلق مشاكل اجتماعية كثيرة داخل الأسر وبدأت حالة نزوح اختيارية للسكان بحثا عن مصادر رزق وعمل".
واعتبر أن معالجات الحكومة بشأن الفقر متواضعة ولا ترتقي لحجم المشكلة، وكان المؤمل منها دعم الفلاحين والمزارعين وإعادة تأهيل المصانع وخلق فرص جديدة، لكن بدلا من ذلك اتجهت لمشاريع بسيطة استفادت منها الشريحة القريبة من القوى السياسية بالمحافظة".