طالبت مؤسسات حقوقية ومدنية فلسطينية اليوم الثلاثاء، بوقف ملاحقة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان قضائيا، ووقف التضييق على مؤسسات المجتمع المدني، بالتزامن مع وقفة احتجاجية لتلك المؤسسات أمام مجمع المحاكم في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية.
وتتزامن تلك المطالبات مع جلسة محاكمة مستشار ائتلاف شؤون مكافحة الفساد عزمي الشعيبي، والمدير التنفيذي للائتلاف عصام حج حسين، بعد تقديم مكتب ديوان الرئيس الفلسطيني محمود عباس شكوى ضدهما على خلفية تقرير "أمان" السنوي الذي أورد قضية ابتزاز رجل أعمال فلسطيني للتنازل عن أملاكه.
وخلال الوقفة عقدت جلسة محاكمة "أمان"، وأجلت المحكمة القضية إلى 31 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بعد طلب الدفاع مهلة لتقديم دفوعه، فيما أكد المستشار القانوني لـ"أمان" بلال البرغوثي لـ"العربي الجديد" أن الجلسة شملت الاستماع لشاهدين هما شخص من مكتب ديوان الرئيس ومفوض عن المشتكي، انتصار أبو عمارة رئيس ديوان الرئاسة الفلسطينية، والثاني من المباحث العامة، شهد على صحة تفريغ كتابي لفيديو إطلاق التقرير السنوي لأمان الذي يعود للسابع عشر من مايو/ أيار الماضي.
وأوضح البرغوثي أن "الدفاع قدم دفوعا شكلية متعلقة بصحة الخصومة، فيما قرر القاضي البت فيها خلال الجلسة المقبلة"، مؤكدا أن إجابات شاهد الرئاسة في معظمها كانت أنه لا يتذكر ولا يعلم الإجابات على الأسئلة التي وجهت له.
ورفع المشاركون في الوقفة الاحتجاجية أمام المحكمة لافتات تندد بمحاكمة ملاحقي الفساد، وأخرى ترفض الإفلات من العقاب، وتطالب بمحاكمة الفاسدين، وترفض المساس بحرية التعبير.
من جهتها، قالت عضو مجلس إدارة أمان والعضو السابق في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، لـ"العربي الجديد" إن هذه القضية مفصلية، لأن هناك ما سمّته هجمة على مؤسسة جوهرية وأساسية في مكافحة الفساد في فلسطين، واصفة تلك الهجمة بأنها لا تنسجم مع القانون والعدالة.
واعتبرت عشراوي هذه الملاحقة القضائية تكميما للأفواه وعقابا للفاعلين، ومحاولة للجم أي نوع من التدخل من قبل المجتمع المدني لمساءلة الفاسدين والمفسدين، أو محاولة الوصول إلى نظام مبني على النزاهة والمساءلة والشفافية والديمقراطية الحقيقية، مضيفة: "إن ذلك يعني محاولة تلقين بقية نشطاء المجتمع المدني درسا، وتكميما للأفواه وتكريسا للسيطرة المركزية على المجتمع المدني والحريات والحقوق الأساسية في فلسطين".
وتابعت عشراوي: "جاءت هذه القضية من مكتب الرئيس لأن أمان في تقريره السنوي قال بكل وضوح إن هناك مناصب عليا في مكتب الرئيس لديها ضلع في قضية التمور والشركات، بما يعني أنها وصلت إلى مرحلة قدمت من خلالها شخصية داخل مكتب الرئيس شكوى للنائب العام، ومن المفارقات ان النائب العام والمحاكم لا تتحرك عادة، والآن تحركت خلال يوم واحد، من أجل محاكمة شخصيتين لم تنتهكا القانون، وإذا وصلت الأمور إلى أن مكافحة الفساد تهمة فقد وصلنا إلى الحضيض".
وتعد جلسة اليوم هي الثانية في القضية المرفوعة ضد الشعيبي وحج حسين، وقالت مديرة العمليات في ائتلاف أمان هامة زيدان لـ"العربي الجديد": إن ائتلاف أمان لا يتحدث عادة في أي قضية إلا حين يملك بيانات واضحة بخصوصها، وهو جاهز لعرض كافة الوثائق على المحكمة.
واعتبرت زيدان أن ملاحقة أمان تعد مؤشرا خطيرا لكافة مؤسسات المجتمع المدني، لأنها حسب تعبيرها، محاولة لتكميم الأفواه وتضييق الخناق على تلك المؤسسات، متسائلة: "هل سيعني ذلك أنه ستتم ملاحقة أية مؤسسة أهلية تقوم بواجبها، وسيتم استخدام المناصب العليا والأجهزة الرسمية لملاحقتها؟".
وأشارت زيدان إلى أن مؤسسات المجتمع المدني أطلقت حملة ليس فقط للدفاع عن أمان وإنما لحماية تلك المؤسسات.
واعتبر مدير مركز بيسان للبحوث أبي العابودي في حديث مع "العربي الجديد" أن هذه الملاحقة ستؤسس ليكون الكلام ممنوعا، وأن كشف قضايا الفساد لا مجال له.
بدوره، اعتبر أحد العاملين في ائتلاف أمان فخر الرنتيسي، والذي سبق واعتقل سياسيا، أن هذه الملاحقة ستؤثر على عمل مؤسسات المجتمع المدني، مضيفا لـ"العربي الجديد" أن التراجع عن تعاون المؤسسات الحكومية مع تلك المؤسسات سيحدث فجوة كبيرة ويعيق عملها، خاصة في حقل مكافحة الفساد كما هو عمل ائتلاف أمان.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
