نزوز ونزوح

28 ديسمبر 2022
موقع سد مروي في السودان (إيف جيلي/ Getty)
+ الخط -

"النز" في اللغة العربية هو ما يرشح ويتحلّب أو يسيل من الأرض من الماء، وكلمة الجمع هي نزوز. والظاهرة تتعدّد أسبابها، ويكثر النازحون بسببها جراء تهدّم المنازل وغرق المزروعات. 
في عام 2017، بدأ الحديث عن أن سد مروي في السودان يحبس حوالي 130 مليون طن من الطمي سنوياً، بسبب تخزين المياه لإنتاج الكهرباء. ويزيد حبس الطمي بهذه الطريقة تسريب المياه إلى باطن الأرض ما يسبب ظاهرة النز التي تأثر بها عدد من المناطق بالولاية الشمالية.

وقضت الظاهرة في غضون أعوام قليلة على عشرات المنازل والمزارع، وهددت مناطق غنية بالآثار بالزوال، مثل منطقة الدفوفة التي تضم واحدة من أقدم وأهم الحضارات الإنسانية على وجه الأرض، وتهدد مناطق نوري وتنقاسي والقرير على النهر والبرقيق شمالي مدينة دنقلا. ووصل وقتها عدد المتضررين إلى 460 أسرة تهدمت منازلها تماماً، فيما بقيت 780 أسرة في منازل آيلة للسقوط. وواجه المواطنون ضعف الاستجابة في ظل زيادة التخوّف من ارتفاع نسبة تضرر الأرض تدريجياً.
المواطنون في المنطقة لا يعرفون الأسباب التي أدت إلى تفاقم الظاهرة، بحسب لجنة المتضررين، في حين اختلفت الجهات الرسمية الحكومية المسؤولة حول تحديد الأسباب. ورجح بعض المزارعين أن يكون تشبُّع التربة بالمياه جراء تحول الري من نظام الآبار السطحية (المترات) إلى ترع نيلية قد ساهم في زيادة الظاهرة.
ويقول الباحث الجيولوجي سمير مصطفى إنّ "دراسة أجريت في وقت سابق خلصت إلى أنّ المياه الخارجة من أبواب تصريف الطمي من بحيرة سد مروي التي توجد أسفل السد، تنحدر بسرعة عالية جداً بسبب ضغط مياه البحيرة، ما خلق ثغرات في الصخور الرملية سربت المياه التي وجدت طريقها إلى المناطق شمال غرب موقع السد". يضيف: "الصخور الصلبة الموجودة بمنطقة تمبس منعت تسريب المياه، ما دفعها إلى الارتداد نحو سطح الأرض في منطقة كرمة والبرقيق". 
وهذا التحليل العلمي يؤكد أنّ سدّ مروي كان سبباً في نشوب نسبة 70 في المائة من الظاهرة.

موقف
التحديثات الحية

ويؤكد من يدافعون عن السد أن عام 2018 تم التحذير من نتائج كارثية لظاهرة النز بأم درمان وسط السودان، حيث انهارت منازل ومؤسسات في الأحياء المجاورة للنيل، ورُصد انهيار أكثر من 100 منزل بمنطقة بيت المال، فيما جرى تهديد حي العباسية المجاور لخور أبوعنجة. 
وعزا رئيس لجنة البحث العلمي بالوزارة يومها سبب الظاهرة إلى الضغط الاسموزي مع عدم التنفيس العلوي، على خلفية ضعف نظام التصريف. 
ومؤخراً استجابت الجهات الرسمية لمطالبات بدرس الأمر، غير أنّ الأمر يقتضي المزيد من الدراسات للأثر البيئي للسد بمشاركة أصحاب المصلحة من المواطنين تطبيقاً لمبدأ الشفافية والمصداقية. 
(متخصص في شؤون البيئة)