نزوح جديد لسكان مخيم عين الحلوة

09 سبتمبر 2023
هُجّروا من المخيم مجدداً (العربي الجديد)
+ الخط -

بعد هدوء استمر حوالي ثلاثة أسابيع إثر توقف الاشتباكات التي شهدها مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا في جنوب لبنان، بين قوات الأمن الوطني الفلسطيني التابعة لحركة "فتح" ومجموعات مسلحة، وذلك أواخر شهر يوليو/ تموز واستمرت حتى بداية شهر أغسطس/ آب، تجددت الاشتباكات ليل الخميس الماضي، وطاولت القذائف المناطق المجاورة للمخيم ومخيم المية ومية ومنطقة الفيلات وسرايا صيدا وحي الزهور، ما أدى إلى نزوح عدد كبير من سكان المخيم إلى مدينة صيدا، وإصابة عشرين على الأقل.
وساد الهدوء مرة جديدة بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وأكدت "هيئة العمل الفلسطيني المشترك للقوى الوطنية والإسلامية" (تضم ممثلين عن جميع الفصائل) في صيدا، "الالتزام بتثبيت وقف إطلاق النار". وتشير المعلومات إلى أن الهجوم الذي شنّته قوات الأمن الوطني التابعة لفتح على المجموعات المتطرفة قد يكون رداً على عدم تسليم المشتبه فيهم بالأحداث الأخيرة. 
تقول السورية انتصار العقاد المولودة في لبنان، والمقيمة في منطقة جبل الحليب في مخيم عين الحلوة: "زوجي في السجن وعندي أربعة أولاد. كنت عائدة من عملي عندما بدأ إطلاق الرصاص، وعلمنا أن الاشتباكات تجددت. تركت بيتي وتوجهت مع أولادي نحو مدينة صيدا وتحديداً إلى مسجد الموصللي. لم نتمكن من أخذ أي شيء معنا. حين وصلنا، قدموا لنا الفرش. لكن ليس باستطاعتي تأمين الطعام والمياه لأولادي". تضيف: "لا أتوقع أن تتوقف الاشتباكات قبل تسليم المتورطين بقتل قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه إلى الدولة اللبنانية".
من جهتها، تقول الفلسطينية عائشة المقيمة في منطقة التعمير في المخيم: "كنا في بيوتنا بأمان وفجأة سمعنا أصوات الرصاص والقذائف فخرجنا من بيوتنا إلى الشوارع من دون أن نعرف إلى أين نذهب. عباءتي التي خرجت بها كانت ممزقة. كنت في بيتي أعيش حياتي بشكل طبيعي لأضطر إلى حمل أولادي والخروج تاركة كل شيء. لا مال ولا أوراق ولا طعام ولا ملابس. بتنا ليلتنا في المسجد. هذه الحياة لم تعد تطاق. نريد حلاً نهائياً لمشكلتنا".

من جهتها، توضح الحاجة مريم مرعي (75 عاماً)، والمتحدرة من بلدة الناعمة بفلسطين: "بعد هذا العمر، ها أنا أجلس في الشارع. عشت الحرب في مخيم النبطية في مدينة النبطية بجنوب لبنان (دمر المخيم بالكامل عام 1974 من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية، وكان قد تعرض للتدمير الجزئي في غارات متعددة بدأت عام 1969)". تضيف: "جئت إلى مدينة صيدا وعشت الحروب مجدداً وتدمرت بيوتنا. ما زلت أشهد الحرب. نسينا بيوتنا ونسينا كل شيء. وليل الخميس، خرجت من منزلي مع جيراني المقيمين إلى جانبي خوفاً من القذائف والرصاص".

محاولة للوقوف عند احتياجات النازحين (العربي الجديد)
محاولة للوقوف عند احتياجات النازحين (العربي الجديد)

وتطالب المعنيين بإيجاد حل للأزمة حتى يتمكن النازحون من العودة إلى بيوتهم. تقول: "خرجنا من بيوتنا ولم نتمكن من أخذ أي شيء معنا. حتى دوائي تركته في المنزل. أعاني من الضغط والسكري. وما إن لملمنا أنفسنا بعد عودتنا إلى بيوتنا بعد توقف الاشتباكات الأولى، حتى نزحنا مرة ثانية".
من جهتها، تقول مريم مزيان المقيمة في المجمع في حي البستان في مخيم عين الحلوة: "دمرت بيوتنا وقتل شبابنا وهجرت نساؤنا وأطفالنا. ما يحدث اليوم يتكرر دائماً. ليست المرة الأولى التي نعاني فيها من جراء التهجير والقتل، ولن تكون الأخيرة. لا نريد العودة إلى المخيم إلا إذا استقرت الأوضاع نهائياً. وفي حال لا يريدون عودتنا إلى المخيم، فليخبرونا. لم نعد نحتمل ما يحصل معنا. في كل مرة تقصف منازلنا ونتهجر. من يتحمل مسؤوليتنا ويعوض علينا ما نخسره في كل معركة؟ من يصون كراماتنا؟ دمروا كل شيء لدينا. لم نعد نملك شيئاً. وفي الوقت الحالي، نبيت في الشوارع. نريد حلاً نهائياً للأزمة".

الاشتباكات تشرد الأهالي أكثر من مرة (العربي الجديد)
الاشتباكات تشرد الأهالي أكثر من مرة (العربي الجديد)

إلى ذلك، تقول سمية المقيمة في حي البستان في المخيم: "بعد توقف الاشتباكات الأولى وعودتنا إلى بيوتنا، لم يهدأ الوضع في المخيم. لا ننام. جعلونا نموت باكراً وهجرونا من بيوتنا ليلاً. تركنا كل شيء خلفنا. وأثناء هروبنا، أصيبت يد إبني بشظية. عولج لاحقاً وهو في حالة جيدة الآن. لماذا يفعلون بنا كل هذا نحن الأهالي؟ لا ننتمي إلى أية فصيل. مع ذلك، يهددون ابني بالقتل في حال عاد إلى المخيم. لسنا مع أي فصيل وابني لا ينتمي إلى أي حزب. هذا عدا عن التهجير المتكرر. يريدون القضاء على المخيم وتهجيرنا بشكل دائم".
يشار إلى أنه أطلقت على وسائل التواصل الاجتماعي مبادرة للتبرع للعائلات المحتاجة النازحة من مخيم عين الحلوة بالفرش والطعام والحفاضات والحليب للأطفال. 

وفي 29 يوليو الماضي، اندلعت اشتباكات في مخيم عين الحلوة استمرّت أياماً عدّة بين مسلحين من مجموعات متطرفة وقوات الأمن الوطني الفلسطيني، أدت إلى سقوط 13 قتيلاً وأكثر من 60 جريحاً، ونزوح مئات العائلات، إضافة إلى أضرار جسيمة في الممتلكات والمنازل، وسببت أضراراً في الممتلكات والبنى التحتية داخل المخيم وفي محيطه، وصولاً إلى تضرر مبانٍ في صيدا جنوباً.

كل ما يطلبونه هو العيش بأمان (العربي الجديد)
كل ما يطلبونه هو العيش بأمان (العربي الجديد)

وفي 18 أغسطس/ آب الماضي، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، تعليق جميع خدماتها في مخيم عين الحلوة، احتجاجاً على "استمرار وجود مقاتلين مسلّحين في منشآتها"، مشيرة إلى أنها "لا تتسامح إطلاقاً مع انتهاك حرمة وحيادية منشآتها".

المساهمون