نزوح جديد إلى إقليم كردستان بعد إغلاق المخيمات العراقية

21 فبراير 2021
يمرّ النازحون بظروف صعبة (فلوران فيرنيي/فرانس برس)
+ الخط -

أفادت مصادر محلية وحكومية في إقليم كردستان العراق بوصول مئات الأسر النازحة من المناطق العراقية، غالبيتها من محافظتي نينوى والأنبار، إلى الإقليم منذ مطلع العام الجاري، بعد أن أقدمت الحكومة العراقية على إغلاق عشرات المخيمات التي استقرّ فيها النازحون أكثر من أربع سنوات، رغم أنّ مدنهم الأصلية لا تزال منكوبة وخالية من أيّ حماية أمنية من جهة، كما من المقومات الأساسية للحياة من خدمات وفرص عمل من جهة أخرى.

وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إنّ "النازحين الذين دخلوا إلى إقليم كردستان يمرّون بظروفٍ صعبة، حيث باتوا بلا سكن ولا معيل بسبب عدم استقبال أيّ من المخيمات في الإقليم هؤلاء النازحين، بسبب وجود قاعدة بيانات متفق عليها بين بغداد وأربيل تمنع استقبال أيّ من النازحين العرب الذين أُغلقت مخيماتهم".

وبحسب رئيسة "منظمة تولاي" هيمان رمزي، وهي ناشطة مدنية، فإنّ "الحكومة العراقية أعدّت قاعدة بيانات تتضمّن أسماء الذين خرجوا من مخيماتهم التي أُغلقت أخيراً"، وأضافت لـ"العربي الجديد" أنّ "المخيمات في إقليم كردستان لا تستطيع استقبال أيّ من هؤلاء النازحين، ولذلك فإنّ من دخل كردستان بحجة السياحة وهم من النازحين قد يكونوا توزّعوا في مدن الإقليم بصورة غير نظامية أو رسمية".

وفي السياق، نقل موقع "باسنيوز"، وهو موقع إخباري عراقي يبثّ من إقليم كردستان، عن رئيس مؤسسة "لوتكه" لشؤون النازحين واللاجئين في إقليم كردستان آري جلال، قوله إنّ "المئات من النازحين العراقيين عادوا إلى إقليم كردستان بعد قرار الحكومة الاتحادية إغلاق المخيمات، لأنّ مناطقهم الأصلية تفتقر إلى الخدمات وفرص العمل والاستقرار الأمني". وأشار إلى أنّ "المعلومات تؤكّد وصول أكثر من ألف و300 نازح إلى مناطق الإقليم منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي فقط، وتمَّ إسكانهم في مخيمات بمحافظتي أربيل ودهوك".

وقال كريم النوري، وكيل وزارة الهجرة والمهجرين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأنباء التي تتحدّث عن هجرة عكسية إلى إقليم كردستان، من النازحين الذين خرجوا من مخيماتهم التي أغلقت أخيراً، عارية عن الصحة، ولا وجود حقيقياً لها على أرض الواقع". وأشار إلى أنّ "النازحين خرجوا من المخيمات برغبة كاملة منهم، ولم يرغمهم أحد على ذلك"، من دون مزيدٍ من التفاصيل.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد ذكرت، في بيان سابق، أنّ "عمليات إغلاق مخيمات النازحين في العراق من دون إعطاء مهل كافية، ستؤدي ببعض سكّانها إلى التشرّد والفقر. وقالت الباحثة الأولى في شؤون الأزمات والنزاعات في المنظمة بلقيس والي إنّ "إعادة دمج العائلات في المجتمع العراقي لتتمكن من بدء حياة طبيعية، بعدما قضت سنوات داخل المخيمات، خطوة إيجابية، لكن النهج الحالي المتمثل في إجبار الأشخاص على الخروج من المخيمات التي وفّرت لهم الطعام والمأوى والأمن لسنوات، بمهلة أقل من 24 ساعة غالباً، سيزيد ضعفهم".

وتأثّر الكثير من النازحين سلباً بهذا الإجراء، لا سيما أنّ مناطق عدّة تحتلها المليشيات في صلاح الدين والأنبار ونينوى وشمال محافظة بابل، مثل بلدة "جرف الصخر"، تمنع المليشيات عودة أيّ من النازحين إليها، بالرغم من تحريرها منذ 6 سنوات.

وبحسب آخر تصريحات لوزارة الهجرة والمهجرين في العراق، فإنّه "بقيت 45 ألف أسرة نازحة، أي نحو 150 ألف نازح، بعد إغلاق 17 مخيماً في عموم العراق، وإرجاع قاطنيها إلى مناطقهم الأصلية". ولفتت الوزارة في بيان سابق إلى "وجود 24 ألف أسرة سورية نازحة تقطن إقليم كردستان العراق، كما أنّ لديها خطة لإغلاق جميع المخيمات تنفيذاً للبرنامج الحكومي الذي قدّمه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لإنهاء ملف النزوح، بعد الحصول على قراءات تشير إلى أنّ أغلب العائلات ترغب في العودة، بعد إزالة التحديات التي تقف أمامها".

من جهته، لفت الناشط العراقي في شؤون النازحين محمد الدليمي إلى أنّ "الحكومة عملت، خلال الأشهر الأربعة الماضية، على إرغام النازحين على الخروج من المخيمات، رغم أنّ هذا القرار غير مدروس ولا ينسجم مع طبيعة المناطق الأصلية للنازحين، وفي حين أنّ معظمها محتل من قبل الفصائل المسلحة، فإنها لا تزال مهدّدة أمنياً من قبل تنظيم (داعش) الذي يسعى للانتقام من الأهالي". وأوضح، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "حكومة الكاظمي تسعى إلى تحقيق انتصارات ورقية وإعلامية على حساب المواطنين، الذين لا يملكون منازل ولا أي فرصة عمل للبدء من جديدة بحياة كريمة، ولذلك فإنّ معظم الناشطين والحقوقيين يرفضون هذه الإجراءات لعدم وجود أيّ بدائل لمئات الأسر النازحة".

المساهمون