نازحو غزة... عام من الترحال بلا أي متطلبات إنسانية

06 أكتوبر 2024
تزداد الصعوبات مع كل عملية نزوح جديد (إياد البابا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعيش نحو مليوني فلسطيني في غزة حياة نزوح قسري منذ بدء الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر، حيث يواجهون نقصًا حادًا في الماء والغذاء والدواء وظروف معيشية قاسية في مراكز الإيواء والمدارس المكتظة.
- تتفاقم معاناة النازحين بسبب استمرار العدوان، مما أدى إلى تدهور أوضاعهم الاقتصادية ونفاد مدخراتهم، مع نقص شديد في المساعدات وارتفاع الأسعار.
- يواجه النازحون تحديات يومية تتعلق بعدم الاستقرار والتهديد، وضعف الخيام في مواجهة الظروف الجوية، وانتشار الأمراض بسبب منع دخول الأدوية.

يعيش نحو مليوني فلسطيني في غزة حياة الترحال المتكرر والنزوح القسري والقاسي جداً منذ أن بدأت الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وهم يواجهون ظروفاً إنسانية ومعيشية معقدة جداً ترتبط بواقع معاناتهم من النقص الشديد في مختلف مقومات الحياة، وعيشهم في صعوبات لا يومية لا حدود لها نتيجة العدوان والحرب والتجويع.
واضطر النازحون منذ اليوم الأول لرحلتهم القاسية في مواجهة العدوان إلى اللجوء إلى مدارس ومراكز إيواء باتت مكتظة. ودفع ذلك مئات الآلاف من النازحين إلى إنشاء خيام من أخشاب وأقمشة وبلاستيك لم تحمهم خلال الأشهر الماضية من حرارة الصيف وبرودة الشتاء وسيول الأمطار، في ظل ضعف قدرتها على مواجهة التحديات التي تفرضها التقلبات المناخية القاسية دائماً في غزة.

ويواجه النازحون في مختلف مراكز ومدارس الإيواء والخيام الهشّة مجموعة تحديات، بدءاً باستهداف المناطق التي يزعم الاحتلال أنها "آمنة" وارتكابه مجازر متتالية فيها، مروراً بالنقص الشديد في مختلف المتطلبات الأساسية، وفي مقدمها الماء والغذاء والدواء، بفعل مواصلة القوات الإسرائيلية إغلاق المعابر وتشديدها عليها بعدما نفذت اجتياحاً برياً لمدينة رفح، وصولاً إلى حال الغلاء الجنوني الذي يعصف بمختلف متطلبات النازحين الذين ينقصهم كل شيء.
ولا تتوقف معاناة النازحين من المشاكل التي تتفاقم يوماً بعد يوم جراء طول أمد العدوان الذي دخل عامه الثاني، في وقت تضاءلت فيه قدراتهم الاقتصادية وإمكانات صمودهم في شكل كبير بسبب نفاد أموالهم ومدخراتهم، وباتت خيامهم وملابسهم وأحذيتهم مهترئة من دون أن يملكوا القدرة على إيجاد بدائل لها بسبب الشح في البضائع ومستلزمات الحياة وغلاء الأسعار.
يقول زيد الكيلاني، وهو نازح مع أسرته من مدينة غزة، لـ"العربي الجديد": "عشت ويلات الحرب منذ الأيام الأولى حين فقدت منزلي ومختلف محتوياته، ثم اضطررت إلى المبيت في منزل أقاربي الذين انتقلت معهم بعد فترة إلى المحافظات الوسطى من دون أن أستطيع اصطحاب أيٍّ من المستلزمات الأساسية لأطفالي".
يتابع: "تنقلت طوال عام من الحرب بين عشرة أماكن، هي مدارس ومراكز إيواء، ثم نصبت خيمة قرب شاطئ البحر في مدينة دير البلح، حيث بدأ فصل جديد من معاناتي غير المنتهية بسبب صعوبة الحصول على ماء وغذاء، وقساوة المبيت داخل غرفة مصنوعة من البلاستيك لا يمكن أن تحمي أسرتي من درجات الحرارة المرتفعة أو من البرد القارس".
ويخبر أن ما يزيد من صعوبة واقعه المعيشي، ترافق قساوة النزوح مع النقص الشديد في كل شيء، بالتزامن مع الأوضاع الاقتصادية السيئة بسبب فقدان مصدر دخله الوحيد، في وقت يعاني فيه من نقص المساعدات المادية والغذائية والإغاثية.

ترافقت قساوة النزوح مع نقص شديد في كل شيء (إياد البابا/ فرانس برس)
ترافقت قساوة النزوح مع نقص شديد في كل شيء (إياد البابا/ فرانس برس)

أيضاً يُخبر أشرف الخالدي "العربي الجديد" أنه يواجه تحديات كبيرة منذ أن بدأ ترحاله القسري، وأن أوضاعه زادت صعوبة مع كل عملية نزوح جديد بسبب اضطراره إلى فكّ خيمته وتركيبها مجدداً، ما تسبب في تهشيم أخشابها وتمزيق النايلون والشوادر المخصصة للتغطية. وهو لم يستطع إيجاد بدائل لما تضرر بسبب نفادها من الأسواق، وعدم تسليم الجهات المختصة أياً منها.
وعن تفاصيل حياته اليومية داخل خيمة النزوح، يقول الخالدي: "أبدأ النهار مبكراً بتعبئة المياه المخصصة للشرب والاستخدام اليومي، ثم أرسل الهواتف الجوالة وبطاريات الإضاءة إلى نقاط الشحن التي تعتمد على الطاقة الشمسية لتوفير الطاقة لساعات، وأحاول الحصول على طعام من التكيات أو أجلب بعض المكونات من أجل طهيها على نار الحطب في ظل النقص الشديد في غاز الطهي".

أما أنعام سالم، فتتحدث لـ"العربي الجديد" عن أن "هواجس عدة تشغل بال النازحين طوال الوقت، وتتمثل بالشعور الدائم بعدم الاستقرار جراء التهديدات الإسرائيلية المتلاحقة، وضعف الخيام في مواجهة الرياح الشديدة والأمطار أو الحشرات. ويبقى الهاجس الأكبر عدم القدرة على الإيفاء بمستلزمات الأسرة الأساسية بسبب النقص الشديد وعدم توافر القدرة المادية لشراء هذه المتطلبات".
وتلفت إلى "افتقار حياة النزوح المتواصل منذ 12 شهراً إلى أدنى مقومات الحماية أو النظافة أو الخصوصية بسبب تلاصق الخيام والتكدس أمام المراحيض الجماعية والشح الشديد في مواد التنظيف، ما نشر العديد من الأمراض الجلدية والتنفسية في ظل منع الاحتلال دخول الأدوية والمستهلكات الطبية التي قد تحدّ من الأزمة".