سرّع وباء كورونا خطط تمرير الأموال والممتلكات إلى الأبناء أو الأحفاد في بريطانيا، خوفاً من حصول وفاة في وقت أقرب من المتوقع، ولتفادي ضريبة الميراث التي باتت تكلّف العائلات نحو 210.000 جنيه إسترليني (279.763 دولارا) في المتوسط، مع توقّع تضاعفها خلال السنوات الخمس المقبلة.
يكشف تقرير لشركة "ليغال أند جنرال البريطانية" أنّ 37 في المائة من البريطانيين يفكرون في شكل مختلف في وصايا الميراث منذ ظهور الوباء. ويُظهر أن مصطلح "كتابة الوصية" بلغ ذروته من خلال 11.000 عملية بحث شهرياً منذ مارس/آذار 2020، "ما يدلّ على زيادة كبيرة في كتابة الوصايا من أجل تأمين مستقبل أحبائهم، في ظل أوقات لم يعرفها العالم في السابق".
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كشف إحصاء عن تأثير الوباء على نظرة أجيال مختلفة في شأن كتابتهم وصية، أن واحداً من خمسة مشاركين في الاستفتاء تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً تغيّرت وجهة نظرهم في شأن كتابة الوصية، وهي أعلى نسبة في أيّ فئة عمرية.
وكشف الإحصاء وجود تفاوت بين الأجيال في معرفة قواعد الكتابة الصحيحة للوصية بشكل صحيح. وقال 24 في المائة ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً إنهم "واثقون جداً" من معلوماتهم في شأن الوصية، مقارنة بـ 14 في المائة فقط ممن تتراوح أعمارهم بين 45 و54 عاماً.
وأظهر استطلاع آخر للرأي أجرته شركة "كيليك وشركاه" للاستشارات المالية هذا العام، أنّ أكثر من 40 في المائة من البالغين في المملكة المتحدة يخطّطون لزيادة الدعم المالي الذي يقدّمونه لأفراد الأسرة، وأنهم شرعوا في نقل ثرواتهم ومساعدة الأبناء أو الأحفاد في وقت أبكر مما خططوا له قبل الوباء. بينما قال حوالى 40 في المائة منهم إنهم يريدون مساعدة أحبائهم الآن بدلاً من ترك المال في وصية، وأبدى 20 في المائة تلهّفهم للمساعدة، لأنهم رأوا أطفالهم أو أحفادهم يعانون عاطفياً ومالياً خلال فترة الوباء.
واللافت أن نحو نصف المشاركين في الاستطلاع لم يملكوا أي فكرة في شأن قواعد ضريبة الميراث المفروضة بنسبة 40 في المائة. كما أن ارتفاع أسعار المساكن يعني أن مزيداً من الأسر تستعد لمواجهة فواتير ضريبة الميراث الضخمة.
ومنذ عام 2017، كانت ضريبة الـ40 في المائة تطبق على الأصول التي تزيد عن حد الإعفاء الضريبي التي تبلغ 325.000 جنيه (432.966 دولاراً للفرد)، أو ضعفي تلك المفروضة على المتزوجين 650.000 جنيه (865.932 دولارا).
وقد ارتفع متوسط فاتورة أولئك الذين يجب أن يدفعوا ضريبة الميراث بنسبة 6 في المائة خلال عام واحد وصولاً إلى 210.000 جنيه (279.763 دولاراً)، وفقاً للأرقام الأكثر حداثة التي أصدرتها "إدارة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك" المسؤولة عن تحصيل الضرائب في بريطانيا.
وتتمثل إحدى القواعد الرئيسية لضريبة الميراث في تطبيقها على الأصول المملوكة عند الوفاة، وتلك التي تخلى عنها الشخص قبل 7 سنوات من وفاته.
من هنا، إذا كان المرء يخطط للتخلي عن أصول كبيرة مثل ممتلكات أو مبالغ نقدية ضخمة جداً وفّرها بيع عقار، يجب أن يعيش 7 سنوات كي تعفى العملية من الضرائب. وخلال فترة السبع سنوات تعمل الضريبة بحسب مقياس متدرج، وتنخفض إلى ثمانية في المائة فقط بعد مرور ست سنوات.
والحقيقة أنّ ارتفاع أسعار العقارات أثر على فرص امتلاك جيل كامل منزلاً، في وقت شهدت العقود الأخيرة محاصرة شبكة ضريبة الميراث مزيداً من الأسر. كما فاقم قرار مستشار الخزانة ريتشي سوناك تجميد الحد الأدنى المحدد لدفع الضريبة المشكلة، باعتباره يضاعف عدد الأشخاص الذين يدفعون ضريبة الميراث خلال السنوات الخمس المقبلة.
وسواء تعلق الأمر بالمال أو الممتلكات أو الأسهم، يجب دفع ضريبة الميراث بعد الوفاة على أية هدايا قدمت للأصدقاء وأفراد العائلة خلال السنوات السبع التي سبقت الوفاة.
لكن، هناك فجوات أو وسائل لتجنب الشخص دفع ضريبة ميراث باهظة أو غير عادلة. فبدلاً من تركه كل أمواله لعائلته في الوصية، ينصح محللون ماليون ببدء نقل جزء منها فوراً. ويمكن لأيّ شخص في بريطانيا أن يقدم هدية بحد أقصى يصل إلى 3000 جنيه (3996 دولاراً) لأيّ شخص، مع إعفاء فوري من ضريبة الميراث يُعرف باسم الإعفاء السنوي، وأيضاً تقديم هدايا تصل قيمتها إلى 5000 جنيه (6661 دولاراً) للأبناء بمناسبة حفل زفاف من دون أن تشملها ضريبة الميراث. أما الحد الأقصى لهدايا الأحفاد فهو 2500 جنيه (3330 دولاراً) و1000 جنيه (1332 دولاراً) لأيّ شخص آخر خلال عام.
وتعفى كلّ الهدايا الأخرى من ضريبة الميراث، في حال قدّمت قبل 7 سنوات من الوفاة، وتمت بموجب قواعد النقل المحددة.
ويعدّ الانتقال من منزل كبير وباهظ الثمن إلى سكن متواضع، إحدى وسائل توريث الأبناء ومنحهم المال من دون دفع ضريبة الميراث. وهو ما يجب التخطيط له أيضاً قبل سبع سنوات من الوفاة.