يُجبَر عامر الإبراهيم المقيم في مدينة القامشلي على تعبئة مياه الصهاريج غير النظيفة في الخزان لأن مياه الشبكة لا تصل إلى منزله، ولا يمكنه إبقاء عائلته من دون مياه بانتظار وصول مياه الشبكة. وحاله مشابه لحال معظم سكّان المدينة الواقعة في محافظة الحسكة شمال شرق سورية، والخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، والتي تعاني من أزمة مياه تشتد في فصل الصيف.
يقول لـ "العربي الجديد" إنه قبل أيام وبعد تعبئة الخزانات لديه من مياه أحد الصهاريج، اكتشف أن المياه ملوثة ومخلوطة بالتراب. وبعد جدال مع صاحب الصهريج، أخبره أن المياه معكرة فقط بسبب الأتربة، لكنه اضطر إلى إفراغ الخزانات لديه والتخلص من المياه وتنظيفها مجدداً. يضيف: "نعرف أن أصحاب الصهاريج يعبئون المياه من آبار خاصة، ونعرف أيضاً أن هذه الصهاريج غير خاضعة لأي رقابة سوى رقابة الضمير، ولا يوجد لدينا أية بدائل للمياه غير مياه الصهاريج في الوقت الحالي، ونستخدمها للغسيل فقط والحمامات، ونعلم أنها غير صالحة للشرب".
ويلفت الإبراهيم إلى أن بعض السكان يشربون من مياه الصهاريج في حال عدم توفر مياه الشبكة، إذ ليس لديهم قدرة على شراء المياه النظيفة المعلبة. يتابع: "في الوقت الحالي من الصيف، نعاني أزمة حقيقية في المياه، ونترقب أن تصل المنزل عبر الشبكة".
وتعتمد القامشلي على ثلاث محطات رئيسية لإيصال المياه إلى المنازل عبر الشبكة، وهي محطة الهلالية التي تحتوي على 152 بئراً، ومحطة ضخ الجغجغ التي تحتوي على 6 آبار، بالإضافة إلى محطة مياه العويجة التي تحتوي على 16 بئراً. ويوجد في المدينة 16 بئراً ضمن الأحياء. وتعتمد على استجرار المياه من سد السفان قرب مدينة المالكية، لكن المياه من هذه المصادر لا تضخ بشكل دوري للسكان، على الرغم من ادعائات حكومة النظام أنها تعمل على تحسين واقع المياه في المدينة، بالإضافة إلى حديث الإدارة الذاتية عن تحسين واقع ضخ المياه إلى المنازل في المدينة.
ويوضح الناشط من سكّان المدينة مدين عليان، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "انقطاع المياه ليس مضبوطاً، الأمر الذي يحرم السكان في المدينة من تعبئة الخزانات لديهم، ويدفعهم للاعتماد على مياه الصهاريج، وهي تنقل من آبار خاصة، وهذه الآبار لا تخضع للرقابة، ونقلها بالصهاريج يعرضها للتلوث أيضاً. وغالباً ما تكون المياه عكرة وغير صالحة للشرب. ولا يجري أصحاب الصهاريج أي عمليات تعقيم لهذه الصهاريج أو تنظيف دوري. والمشكلة أن الكثير من السكان في المدينة يعتمدون على هذه المياه للشرب. ويلجأ البعض إلى غليها أو وسائل أخرى لتعقيمها أو وضع العبوات الشفافة في الشمس".
ويقول عليان إن بعض الذين يملكون مولدات كهرباء في المنزل يترقبون أوقات ضخ المياه عبر الشبكة ويشغلون المضخات لديهم لتعبئة الخزانات، لكن بالكاد تصلهم المياه، والسبب يعود كما تبرر الجهات المسؤولة إلى مشاكل في ضخ المياه لأحياء المدينة، أو أن المياه ضعيفة ولا تصل إلى كثير من الأحياء.
ويقول المواطن فهد أبو عمران (43 عاماً) لـ "العربي الجديد": "نعاني من جراء انعدام المياه في هذه الفترة من الصيف، ما يضطرنا للاعتماد على مياه الصهاريج للمنزل والشرب. كما نجد صعوبة في إيصال الصهاريج إلى الأحياء في وسط المدينة، وقد ننتظر يوماً أو يومين كما أنهم يأخذون مبالغ مالية كبيرة". يضيف أن هذه الصهاريج تؤدي إلى إصابة الأطفال وكبار السن ببعض الأمراض الجلدية، بالإضافة إلى أخرى تتعلق بالجهاز الهضمي، مطالباً الجهات المسؤولة بإيجاد حل لهذه الأزمة. كما يشير إلى أن "الحالة المادية صعبة، بل إن الناس تعيش مأساة بسبب هذه التكاليف الإضافية. ويجب فرض رقابة على أصحاب الصهاريج الذين يستغلون الناس ولا نعرف مصدر مياههم".
إلى ذلك، يقول الإداري في مديرية مياه الشرب في القامشلي واصل أسعد، إن الإدارة الذاتية تعمل على إيجاد حل لأزمة المياه في المدينة، وخصوصاً أن محطة الضخ الرئيسية المغذية لها، وهي محطة الهلاليلة تأسست منذ عام 1980، وقد تضررت بشكل كبير، لافتاً خلال حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن "هناك عملا على فصل شبكة المياه لقسمين بهدف تحسين الضخ للمنازل".
وترتبط أزمة المياه في المدينة بأزمة الكهرباء. فعند ضخ المياه في الشبكة تكون الكهرباء مقطوعة، الأمر الذي يحرم السكان من الحصول على المياه. وبالعكس، إذ تضخ المياه لمدة لا تزيد عن الساعة، ما يحرم السكان ممن لا يملكون مولدات كهرباء من الحصول على المياه".