تخيم مأساة زلزال المغرب على قرية مولاي إبراهيم الجبلية جنوب وسط البلاد، غداة أعنف زلزال يضرب المملكة مخلفا أكثر من ألف قتيل وفق آخر حصيلة رسمية، معظمهم في مناطق جبلية نائية.
آثار الصدمة ظاهرة على سكان القرية، من بينهم الحسن، والذي فقد زوجته وأبناءهما الأربعة، بالكاد يستطيع الرجل التعبير عن ألمه قائلا بصوت خافت "فقدت كل شيء".
وبينما يجلس الرجل مطأطئا رأسه دون أن ينطق بكلمة في أحد أركان المستوصف الصغير، لم يكن رجال الإنقاذ قد دفنوا بعد جثمان زوجته وأحد أبنائه، مضيفا "لا حول لي الآن، لا أريد سوى الابتعاد عن العالم لأحزن في صمت".
تقع قرية مولاي إبراهيم على بعد أكثر من ساعة جنوب مراكش. كانت تشتهر حتى الآن بأنها مقصد سياحي جبلي، وتنضم القرية المعزولة إلى إقليم الحوز الذي سقط فيه نحو نصف الضحايا (542) من أصل 1037 حتى الساعة الخامسة بحسب توقيت غرينتش. وفيه تقع بؤرة الزلزال المدمر.
وغالبية أجزاء هذا الإقليم عبارة عن بلدات صغيرة وقرى متناثرة في قلب جبال الأطلس الكبير، وهي بمعظمها قرى يصعب الوصول إليها وغالبية المباني فيها لا تلتزم بشروط مقاومة الزلازل.
منتصف نهار السبت، كانت فرق الإنقاذ لا تزال تبحث عن ناجين محتملين أو جثامين ضحايا وسط أنقاض البيوت المهدمة، مستعينة برافعات وآليات حفر.
في الموازاة، كان بعض سكان القرية يحفرون قبورا لدفن الموتى على إحدى التلال.
ويعد هذا الزلزال الأعنف الذي يضرب المغرب، إذ بلغت ذروته 7 درجات على مقياس ريختر، بحسب ما ذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني.
خلّف هول الزلزال صدمة ورعبا امتدا إلى مدن عدة، لكن الصدمة أقوى في نفوس سكان المناطق المنكوبة قريبا من بؤرته، كما هي حال حسناء التي تقف عند مدخل بيت متواضع في قرية مولاي إبراهيم، رغم أن أسرتها نجت.
وتقول المرأة الأربعينية "إنها مصيبة رهيبة، نحن محطمون بسبب هذه المأساة"، مضيفة "رغم أن أسرتي لم يمسها سوء لكن القرية برمتها تبكي أبناءها. كثر من جيراني فقدوا أقرباء لهم، إنه ألم لا يوصف".
على جانب مرتفع من القرية تكفكف بشرى دموعها بوشاح يغطي شعرها، فيما تتابع مشهد رجال يحفرون القبور.
وتستعيد لحظات الفاجعة كما عاشتها مؤكدة "إحدى قريباتي فقدت أطفالها الصغار"، مضيفة بصوت متوتر "شاهدت مباشرة مخلفات الزلزال، ما زلت أرتعد حتى الآن. إنه أشبه بكرة نار تحرق كل ما في طريقها. لم أعد أتحمل".
وتتابع "الجميع هنا فقد أحد أقاربه سواء في قريتنا أو في قرى أخرى بالمنطقة".
من بين هؤلاء المفجوعين، فقد الحسن آيت تاكاديرت طفلين من أقاربه لا يتجاوز عمرهما 6 و3 أعوام، كانا يعيشان في قرية مجاورة، مواسيا نفسه مرددا "هذه إرادة الله"، معربا في الوقت نفسه عن أسفه للعزلة التي تعانيها المنطقة.
ويضيف، مرتديا جلبابا على عادة القرويين في المغرب، "لا نملك شيئا هنا، هذه المناطق الجبلية وعرة للغاية".
بينما تحمد امرأة أخرى من سكان القرية الله على أن أحد أعمامها "نجا من الموت بأعجوبة"، وتقول مفضلة عدم ذكر اسمها "هوى سقف البيت فوقه بينما كان يصلي، لكنهم نجحوا في إنقاذه بمعجزة رغم انهيار البيت".
وتتساءل متعجبة "كيف يمكن أن تتسبب هزة في لحظات بكل هذه المآسي؟".
(فرانس برس)