موعدان لانطلاق العام الدراسي في ليبيا الحكومتين

01 سبتمبر 2024
عدم قدرة الليبيين على تجهيز أولادهم عائق جديد (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تأجيل العام الدراسي والانقسامات السياسية:** أعلنت وزارة التربية والتعليم في طرابلس تأجيل بدء العام الدراسي 2024-2025 لمدة أسبوعين، بينما نفت وزارة التعليم في بنغازي ذلك، مما يعكس الانقسامات السياسية المستمرة.

- **التحديات المالية وتأثيرها على التعليم:** الأزمة المالية في ليبيا تؤثر على قدرة المواطنين على تجهيز أبنائهم للمدارس، مع تأخر صرف الرواتب ونقص حاد في المعلمين والظروف التعليمية المناسبة.

- **البنية التحتية المتدهورة والكوارث الطبيعية:** المدارس تعاني من نقص التجهيزات الأساسية، والسيول حولت بعضها إلى مقار للجوء، رغم خطط حكومة الوحدة الوطنية لإنشاء 1000 مدرسة جديدة.

في مطلع يوليو/ تموز الماضي، أعلنت وزارة التربية والتعليم في حكومة الوحدة الوطنية الليبية في طرابلس انطلاق العام الدراسي الجديد 2024 - 2025 لمراحل التعليم الأساسي والثانوي والديني في الأول من سبتمبر/ أيلول الجاري، ونشرت جداول لتفاصيل الفصلين الأول والثاني للعام الدراسي، وموعد عطلة منتصف السنة ومواعيد الامتحانات النصفية والنهائية.
لكن الوزارة أرجأت، في بيان عاجل نشرته في 28 أغسطس/ آب الماضي، موعد بدء العام الدراسي لمدة أسبوعين، وأعلنت أنه سينطلق في منتصف سبتمبر، وبررت القرار بأن عدداً من منشآت المؤسسات التعليمية في بلديات مختلفة تخضع لأعمال صيانة، وأن التأجيل لن يشمل مواعيد الامتحانات النصفية والنهائية التي تحددت في البيان السابق.
من جهتها، قالت وزارة التعليم في حكومة مجلس النواب في بنغازي إن "ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي في شأن تأجيل الدراسة غير صحيح"، وطالبت المؤسسات التعليمية بفتح أبوابها بدءاً من الأول من سبتمبر، وأن يتابع مراقبو التربية والتعليم بالبلديات هذا الأمر.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتأثر فيها العملية التعليمية بالانقسامات السياسية التي تشهدها البلاد، ففي السنوات الماضية تكررت مواجهة الطلاب والمدرّسين ارتباكات كبيرة في تحديد مواعيد الامتحانات وبدء العام الدراسي، وأيضاً في قرارات تعليق الدراسة فترات متفاوتة على خلفية ظروف الطقس أو اندلاع مواجهات مسلحة، أما العائق الإضافي هذا العام فيشمل عدم قدرة المواطنين على إعداد أبنائهم لبدء العام الدراسي، بحسب ما تقول ناجية بن يونس التي تسكن في حي عين زارة بطرابلس.
ورغم الإعلانات الحكومية عن عزم البنوك صرف رواتب الشهر الحالي للمواطنين، تبدي ناجية قلقها من عدم قدرة السلطات على الإيفاء بوعودها في ظل ما تشهده البلاد من تصاعد كبير في الأزمة الخاصة بمصرف ليبيا المركزي في الأيام الأخيرة. وتقول لـ"العربي الجديد": "يجب أن أحصل على راتبي لشراء لوازم الدراسة لأطفالي في ظل ارتفاع الأسعار بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد".

البنى التحتية للمدارس لا تلبي المتطلبات (جيل كلارك/ Getty)
البنى التحتية للمدارس لا تلبي المتطلبات (جيل كلارك/Getty)

وليس العائق المالي فقط ما يُقلق ناجية، بل طريقة تعامل السلطات مع أزمات التعليم. وتقول: "تبرير حكومة الوحدة الوطنية تأجيل الدراسة أسبوعين بوجود مدارس تخضع لصيانات خفيفة غير صحيح فالأمر يرتبط فقط بأزمة الرواتب كي لا يتظاهر الناس للمطالبة برواتبهم إذا بدأت الدراسة في موعدها السابق".
وتشير ناجية إلى أن غالبية المدارس تعاني من نقص حاد في المعلمين من جهة، ومن جهة أخرى من عدم توفر الظروف المناسبة للتعليم، ويؤيدها عبد الله البرني، وهو معلم متقاعد، ويخبر "العربي الجديد" أن "أهالي في بعض المناطق النائية جمعوا تبرعات من جيوبهم لصيانة حمامات معطلة في مدارس، وهذه أبسط الإمكانات، في حين لا نتحدّث عن غياب التجهيزات اللازمة للطلاب مثل المختبرات وفضاءات الترفيه وغيرها".
ويشير إلى أن "منشآت بعض المدارس شهدت صيانات وأعمال تأهيل لاستقبال الطلاب وتدريسهم، لكن لا يمكن إنكار الأوضاع الكارثية لكثير من مباني المدارس لدرجة استمرار وجود مدارس صفيح في أرياف ومناطق نائية".
وكانت حكومة الوحدة الوطنية قد أعلنت، مطلع يونيو الماضي، عزمها إنشاء 1000 مدرسة جديدة للمساهمة في تحسين البنية التحتية، لكن البرني يلفت إلى عدم قدرة هذه الحكومة على الوصول إلى مناطق لا تخضع لسيطرتها من أجل تشييد أخرى جديدة فيها.

وفي إطار انتقاده استمرار تأثير الانقسام الحكومي على العملية التعليمية، يرى البرني أن إبقاء وزارة التعليم في حكومة مجلس النواب موعد بدء العام الدراسي في الأول من سبتمبر يندرج في إطار "المناكفات السياسية، في حين أن المدارس والطلاب ليسوا ساحات لتصفية حسابات متصارعين على السلطة".
ويسأل: "ماذا عن مدارس وطلاب منطقتي غات وتهالة في الجنوب اللتين يفترض أن مسؤولين في حكومة الشرق زاروهما بعدما غرقت مدارسهما بالسيول والأمطار في الأيام الماضية. هل أخذ هؤلاء المسؤولون في الاعتبار حال الطلاب والمدرسين عندما أكدوا بدء الدراسة في الأول من سبتمبر؟".
وإثر السيول والأمطار الغزيرة التي شهدتها مناطق جنوب شرقي ليبيا خلال الأسبوعين الأخيرين، تحوّلت العديد من المدارس في المناطق المجاورة إلى مقار للجوء الأسر النازحة من المناطق المنكوبة، فيما لم تعلن السلطات حتى الآن إعادة تأهيل منازل هذه الأسر وعودتها إليها.

المساهمون