اقتحم مواطنٌ مسلَّحٌ في لبنان، الخميس، أحد المصارف بشارع الحمرا في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث احتجز الأشخاص الموجودين بداخله، من مودعين وموظفين، مطالباً بتسليمه أمواله. ولاحقاً، أُخرج شخص واحد من المحتجزين لأسباب صحية، فيما أرسلت القوى الأمنية وسطاء للتفاوض مع المودع المسلّح.
من جهته أكد وزير الداخلية اللبناني، بسام مولوي، أنه يتابع المفاوضات لتحرير المحتجزين داخل المصرف وحرصه على حماية أمن المواطنين.
وانتشرت مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيها المواطن داخل بنك "فدرال" في منطقة الحمرا وهو يحمل سلاحاً بيده، مهدداً باستخدام القوّة في حال عدم إعطائه وديعته.
مودع مسلح يحتجز مواطنين وموظفين داخل أحد المصارف في بيروت مطالباً بتسليمه أمواله pic.twitter.com/Twwz68VM7n
— العربي الجديد (@alaraby_ar) August 11, 2022
وقال رئيس جمعية المودعين حسن مغنية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المودع باسم الشيخ حسين، كان قد طالب إدارة البنك بإعطائه جزءاً من وديعته لعلاج والده الموجود في المستشفى، بيد أنّ طلبه قوبل بالرفض، وهو الآن موجود داخل البنك مسلّح ومعه مواد قابلة للاشتعال، وهناك رائحة بنزين تفوح من الفرع، وهو مصرّ على تسلّم كامل وديعته وقدرها 210 آلاف دولار، مهدداً بإلحاق الأذى بمدير الفرع المحتجَز أيضاً في حال ساءت حالة والده أو خسره".
وأشار مغنية إلى أنّ "مدير الفرع موجود في غرفة داخل البنك، أما الموظفون فمحتجزون في غرفة أخرى، وقد أُخرج أحد المودعين من المصرف بينما لا يزال الباقون داخل البنك"، ولفت مغنية إلى أنه كُلِّف من قبل المودع التفاوض مع جمعية المصارف، وهو في طريقه إليها، وذلك للحصول على أمواله.
وفي بيان لـ"رابطة المودعين" في لبنان، التي تُعنى أيضاً بالدفاع عن حقوق المودعين المحتجزة أموالهم في المصارف، أكدت أنها تصرّ دوماً على اعتماد المسار القانوني في تحصيل الودائع، كما "تحمّل السلطات السياسية والمصرفية وبعض الجهات القضائية مسؤولية أي عنف في الشارع أو بوجه المصارف، في ظل إصرارهم على محاباة النظام المصرفي الفاسد، وحماية الظالم والمعتدي على المودع المظلوم".
المودع مصر على الحصول على جنى عمره البالغ ٢٠٠ ألف دولار
— جمعية المودعين اللبنانيين (@Lebdepositors) August 11, 2022
واعتبرت الرابطة أنّ "تحصيل الحق شأن قانوني يمكن كل مودع اللجوء إليه في ظل تقاعس بعض أجهزة القضاء"، معلنةً استعدادها لـ"الدفاع عن أي مودع يمارس حقه القانوني لتحصيل حقه، من دون أن يعرّض سلامة الآخرين للخطر".
وحضرت الأجهزة الأمنية إلى المكان وفرضت إجراءات مشددة ونشرت عناصرها بانتظار لحظة التدخل، حيث إنها لم تتمكن حتى الساعة من الدخول إلى البنك الذي أقفله المودع المسلح، فيما حضرت أيضاً عناصر الصليب الأحمر متأهبة في حال حصول أي تطوّر.
وهذه ليست المرّة الأولى التي تسجل فيها واقعة اقتحام مصارف من قبل المودعين، ومن أبرزها اقتحام المودع عبد الله الساعي مصرفاً في منطقة جب جنين، بقاع لبنان الغربي، في يناير/كانون الثاني الماضي، واحتجازه موظفي "بنك بيروت والبلاد العربية" حتى قاموا بتمكينه من الحصول على ودائعه المالية البالغة 50 ألف دولار.
وقام عبد الله وقتها بمجرد حصوله على أمواله بإعطائها لزوجته التي كانت تنتظره في الخارج، ثم سلّم نفسه للقوى الأمنية التي كانت موجودة في المكان، قبل أن يطلق سراحه في وقتٍ لاحقٍ بقرار قضائي.
ومنذ أواخر عام 2019 مع بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان، تستمرّ المصارف اللبنانية باحتجاز أموال المودعين، من دون أن تسمح لهم بالحصول عليها نقداً وبقيمتها كاملةً، إذ فرضت من خلال تعاميمها المتعددة جملة تدابير "قضمت" من خلالها نسباً كبيرة من قيمة أموالهم الحقيقية بالدولار الأميركي، عدا عن القيود التي وضعتها وسمحت لهم عبرها بسحب مبالغ محددة من ودائعهم، أحياناً بالليرة اللبنانية التي فقدت 90% من قيمتها، مع سقف لا يمكن تخطيه وضمن مهل محددة أيضاً.
وتعددت في الفترة الماضية الدعاوى القضائية بوجه المصارف اللبنانية والبنك المركزي، التي، في كثير من الملفات، يصدر فيها القضاء قرارات في مصلحة المودعين، يقابلها تمرد البنوك على الأحكام القضائية ولجوؤها إلى الإضراب والتوقف عن العمل رغم علمها بانعكاسات خطوتها، سواء على رواتب الموظفين أو سعر الصرف في السوق السوداء، وغيرهما من التبعات المالية والاقتصادية والنقدية السلبية.