كشفت أبرشية السريان الكاثوليك في محافظة نينوى شمالي العراق، عن نزوح 30 عائلة مسيحية من أهالي مدينة الحمدانية في سهل نينوى، خلال شهر يوليو/تموز الماضي، في أحدث إعلان حول الهجرة العكسية لمسيحيي نينوى منذ تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي قبل نحو 5 سنوات.
وجاء الكشف عن هذا الرقم بعد زيارة نائب محافظ نينوى، سيروان روزبياني، إلى أبرشية السريان الكاثوليك في الموصل، واجتماعه مع المطران مار يوسف عبا، وعدد من رجال الدين المسيحيين خلال الأسبوع الماضي.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن المسؤول العراقي، قوله: "نشعر بالحزن والأسى لسماع الأخبار التي تتحدث عن الهجرة المستمرة للمسيحيين رغم مساعينا لحثهم على البقاء في ديارهم. رجال الدين كشفوا أن ما يقرب من 30 عائلة مسيحية غادرت قضاء الحمدانية خلال شهر يوليو/تموز".
وتعتبر مدينة الحمدانية إحدى أبرز مناطق سهل نينوى ذات الأغلبية العربية المسيحية في شرق الموصل، وتعرضت لسلسلة اعتداءات وجرائم من تنظيم داعش إبان سيطرته على محافظة نينوى في عام 2014.
ويعزو مسؤولون استمرار نزوح مسيحيي نينوى إلى نفوذ المليشيات والجماعات المسلحة في المنطقة، فضلا عن انعدام فرص العمل، واستمرار تعثر جهود إعادة العمل بالبنى التحتية من ماء، وكهرباء، ومراكز صحية، ومدارس.
وأكد الناشط في مدينة الحمدانية، صلاح سركيس، أن عدد العوائل النازحة خلال يوليو/تموز الماضي، تجاوز 30 عائلة، مضيفا أن "العدد سيزيد بسبب عدم توفر فرص العمل، وعدم إعادة إعمار المنطقة، إضافة إلى التوتر الأمني الذي شهدته أخيراً".
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى السابق، أحمد الحديدي، لـ"العربي الجديد"، إن "الأسر النازحة باتت تعود إلى دهوك وأربيل للاستقرار. الجميع يبحث عن الأمن، ووجود مليشيات داخل الأحياء السكنية لن يجلب الأمن، كما أن قلة العمل، وانعدام وسائل الترفيه، وتردي الخدمات، أسباب للمغادرة".
وقال عضو مجلس النواب العراقي، يونادم كنا، إن البلاد شهدت تراجعاً كبيراً لأعداد المسيحيين، إذ كان عددهم أكثر من مليون ونصف المليون شخص، لكنهم حالياً لا يزيدون عن 400 ألف مسيحي.
وأوضح النائب العراقي لـ"العربي الجديد"، أن "الوضع والاقتصادي والأمني المتردي في المناطق التي يتواجد فيها المسيحيون، عدا إقليم كردستان، يجعلهم يفكرون جدياً في الهجرة، ومنهم من تقدم بطلبات للحصول على لجوء إنساني في دول أوروبية أو الولايات المتحدة وكندا".
وحسب إحصائيات الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، فإن عشرات الآلاف من العوائل المسيحية النازحة لم تعد بعد إلى ديارها في محافظة نينوى.
ولفت بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم، الكاردينال لويس ساكو، في حوار سابق مع "العربي الجديد"، إلى أن السبب الرئيسي في استمرار نزوح الأسر المسيحية من سهل نينوى ومناطق أخرى في شمال العراق، يعود إلى هيمنة الجماعات المسلحة، وغياب الإعمار، محذرا من أن هذه المليشيات "تمثل خطراً على المجتمع العراقي كله، وعلى المسيحيين بصفتهم أقلية، وعلى الحكومة والمنظمات الدولية تقديم المساعدات لإعادة إعمار البلدات المسيحية".