عاد عشرات المهجّرين المصريين إلى قراهم في مدينة الشيخ زويد في محافظة شمال سيناء شرقي مصر، وقد تمنوا لو لم يعودوا حين رأوا حجم الدمار الذي أصاب منازلهم ومزارعهم على يد آلة الحرب المصرية، التي أحرقت الأخضر واليابس في إطار حربها على تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش الإرهابي على مدار السنوات السبع الماضية، إذ وجدوا المنازل التي بنوها من خلال عملهم في الزراعة والتجارة قد دمرت وسويت بالأرض، فيما باتت المزارع قاحلة وقد زرعت بالألغام.
ويقول أحمد السواركة، أحد العائدين إلى قريته جنوب مدينة الشيخ زويد، لـ"العربي الجديد": "كنا نعرف أن قرانا تعرضت للدمار، لكن ليس بهذا الحجم، وكأن قوات الجيش كانت تتعمد قصفها بشكل مباشر، سواء بالطيران الحربي أو القصف المدفعي، أو من خلال تفخيخها بالمتفجرات. وما وجدناه لا يختلف عما رأيناه في دول الجوار كسورية، فالقرى اختفت ملامحها، باستثناء البيوت والمراكز التي اتخذتها قوات الجيش مقرات لها، ونقاط مراقبة وتفتيش، وكذلك اتحاد قبائل سيناء (تجمع من أبناء القبائل المتعاونة مع السلطات المصرية في العمليات الأمنية بشمال سيناء). نعم، لقد صدمنا من حجم الدمار، فيما صرفت لنا الدولة تعويضات لا تكفي ثمن نافذة من نوافذ بيت قصفه الطيران الحربي من دون أي سبب".
يضيف السواركة: "لا يمكن أن نسمي ما يحصل عودة حقيقية إذا ما تركتنا الدولة والجيش على الطرقات، وفي الأراضي الخالية، من دون سقف نداري أنفسنا فيه من الأمطار. كل ما يحصل الآن هو للتصوير الإعلامي فقط. العودة الحقيقية تتمثل في إعطائنا التعويضات اللازمة التي تكفي لإعادة إعمار الخراب الذي حل بقرانا على مدار السنوات الماضية، أو أن تتفضل الدولة ببناء القرى من جديد، وتسليمنا بيوتاً أفضل مما كانت عليه سابقاً، ومزارع أفضل، كأقل تعويض يمكن القبول به بعد سنوات من التهجير والضرر الذي أصابنا خلال الفترة الماضية". ويشير إلى أنه في حال لم تتحرك الدولة فوراً لإنصاف الأهالي، فإن كثيرين لن يتمكنوا من إعمار منازلهم من جديد وسيكونون مضطرين إلى النزوح مجدداً إلى حيث استقروا خلال السنوات الماضية.
من جهته، يقول أحد مشايخ مدينة الشيخ زويد لـ"العربي الجديد" إن قيادة عمليات الجيش المصري أبلغت عدداً من المشايخ، أصحاب العلاقة بالقيادة العسكرية والأمنية، أنها أقرت عودة المواطنين إلى قراهم بعد تهجير لمدة سبع سنوات. ويوضح أن القرى، وهي أبو العراج، وأبو طويلة، والعكور، والسكادرة، وتجمعات الحاج نايف، والجغامين، وعكور البراوى، والزهريات، وتجمع العرجاني، والعطاوين، وأبو هولي، وأبو عيطة، وتجمع الشتويين، وحي أبو رفاعي، وأبو خوار، والدراوشة، والقرعان، وحي أبو فرج، وحي الترابين. وتأتي العودة في ظل الهدوء الأمني الذي تشهده المدينة والمناطق المحيطة بها منذ أشهر، وتمهيداً لعودة الحياة إلى طبيعتها بعد سنوات طويلة من الحرب، قدّم خلالها سكان المدينة ومحافظة شمال سيناء التضحيات الجسام لطرد الإرهاب.
وفي التعقيب على ذلك، قال النائب في مجلس الشيوخ المصري عن محافظة شمال سيناء فايز أبو حرب عبر صفحته على "فيسبوك": "الصورة المبكية والحزينة من عودة النازحين لأحيائهم ومنازلهم بعد تطهيرها من الإرهاب، كما شهدتها خلال مروري ببعض الأحياء، كانت الظلم الذي أوقعته اللجنة المكلفة بتقدير الأضرار التي لحقت بالمباني من جراء العمليات الإرهابية والمبالغ المخصصة لذلك، بالبعض، إذ لم تكن تقديرات اللجنة عادلة على الإطلاق"، مضيفاً: "على سبيل المثال تخصيص مبلغ عشرة آلاف جنيه لترميم مبنى آيل للسقوط كله فيما منزل آخر خصص له 260 جنيهاً فقط ومنزل ثالث 500 جنيه وهكذا، وهي مبالغ رفض كثير من مستحقيها تسلمها".
وناشد أبو حرب المسؤولين "بإعادة النظر في هذه التعويضات وتشكيل لجنة تراعي الله في عملها، ولا نريد الا التقدير العادل للمواطنين أو إسناد الترميم إلى شركة بتكليف من المحافظة وتحت إشراف الادارات الهندسية التابعة لها من دون تسليم المواطنين أي مبالغ مالية على الإطلاق".