في شمال غربي البوسنة والهرسك، يكشف مهاجرون يطمحون إلى العيش في أوروبا أنّ الشرطة الكرواتية تضربهم بالعصي وتهددهم بالأسلحة وتسرق ممتلكاتهم. لكنّهم يؤكدون أنّهم على الرغم من خوفهم من العنف، سوف يحاولون للمرّة الألف عبور حدود كرواتيا قبل حلول فصل الشتاء.
إبراهيم رسول واحد من هؤلاء، يبلغ من العمر 32 عاماً وقد هرب من أفغانستان قبل أربعة أعوام تقريباً. يقول، لوكالة "فرانس برس"، إنّ "الشرطة الكرواتية تتصرّف مثل حيوانات برية. فهي تضرب جميع المهاجرين طالبي اللجوء من أطفال ونساء وشبان ومسنّين". ومع عشرات العائلات المهاجرة، وهي أفغانية بغالبيتها، يعيش إبراهيم في مخيّم موحل في قرية فيليكا كلادوسا على مقربة من الحدود مع كرواتيا، وهو يأمل أن يتمكّن من الدخول إلى الاتحاد الأوروبي من تلك النقطة.
ومنذ سنوات، يتّهم ناشطون حقوقيون الشرطة الكرواتية بإبعاد المهاجرين بعنف وبشكل مذلّ، وقف شهادات مهاجرين ومبلّغين عن مخالفات لدى الشرطة، لكنّ زغرب لطالما نفت هذه الاتهامات باستمرار. وبعد نشر وسائل إعلام أوروبية أخيراً تسجيلات تظهر رجالاً مقنّعين بلباس عسكري يدفعون مجموعة من المهاجرين في اتّجاه البوسنة والهرسك بعنف، أكّدت السلطات الكرواتية أنّ عناصر من الشرطة الخاصة ظهروا في مقاطع الفيديو. كذلك، اتُّهمت اليونان ورومانيا عبر وسائل الإعلام نفسها بسبب سوء معاملتهما للمهاجرين.
Hırvatistan polisinin göçmenleri döverek geri ittiği görüntüler sızdı
— euronews Türkçe (@euronews_tr) October 8, 2021
Şiddete maruz kalan göçmenler arasında reşit olmayanlar da var
Hırvatistan görüntülerle ilgili soruşturma başlattı
من جهتها، طالبت بروكسل بإجراء تحقيقات، وقال أدالبرت يانز أحد المتحدّثين باسم المفوضية الأوروبية، إنّها "ترفض بشدّة كلّ ممارسات الإعادة القسرية التي دائماً ما كانت تقول إنّها غير قانونية". لكنّ ذلك لم يكن كافياً للناشطين الحقوقيين الذين يعتقدون أنّ الاتحاد الأوروبي يعطي موافقته الضمنية على أفعال مستمرّة منذ فترة طويلة.
وفي هذا السياق، تقول ياسمين كلاريتش، وهي كاتبة صحافية في موقع "تلغرام" الكرواتي، لوكالة "فرانس برس"، إنّ "تدفّق المهاجرين لا يخدم مصالح أوروبا، وسوف يقلّ عددهم إذا كانت عملية الردع أكثر عنفاً".
وتقع كرواتيا والبوسنة والهرسك على "طريق البلقان" الذي يسلكه الهاربون من الصراعات والفقر في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا. ووفقاً للتقديرات البوسنية، فإنّه منذ عام 2018 نجح أكثر من 80 ألف مهاجر في اجتياز أراضيها إلى كرواتيا متّجهين إلى شمالي الاتحاد الأوروبي. لكنّ الآلاف يُصار إلى إرجاعهم وتكثر القصص حول تعرّضهم للعنف.
في مخيّم فيليكا كلادوسا، لا ماء ولا كهرباء. فتحاول امرأة تدفئة قدمَيها أمام نار أُشعلت قرب المخيّم. ومع انخفاض درجات الحرارة ليلاً إلى الصفر تقريباً، يعرف المهاجرون أنّه لم يتبقّ لديهم سوى قليل من الوقت لممارسة "لعبة" جديدة، بحسب ما يُطلقون على محاولاتهم للعبور. فإذا فشلوا، سوف تتعيّن عليهم تمضية شتاء آخر في أحد مراكز الاستقبال الرسمية التي أنشأتها البوسنة والهرسك بناءً على طلب المفوضية الأوروبية، علماً أنّها مزوّدة بوسائل تدفئة لكنّها بعيدة عن الحدود.
وكانت الشرطة الكرواتية قد أعادت إبراهيم رسول الذي وصل إلى البوسنة والهرسك قبل شهر، بعدما أمضى ثلاثة أعوام في اليونان، مرّات عدّة. ويخبر الأفغاني الثلاثيني: "أخذوا كلّ الهواتف منّا وضربونا بالعصي. كانوا مسلّحين، وقد صوّب أحدهم المسدّس نحو جبهتي". ويسافر إبراهيم مع عائلتَين، فيصير عددهم 18 شخصاً في المجموع من بينهم أطفال، وقد رصدوا دباً ذات مرّة. لكنّ هؤلاء المهاجرين يفضّلون "الغابة والمواجهة المحتملة مع الحيوانات البرية لتجنّب الشرطة، وهي أكثر خطراً".
من جهته، يروي أمير علي ميرزاي هو موسيقي يبلغ من العمر 24 عاماً وقد غادر أفغانستان مع عائلته قبل ثلاثة أشهر في خضمّ هجوم "طالبان"، لوكالة "فرانس برس، أنّ عناصر الشرطة هاجموه. يضيف: "أخذوا منّي 400 يورو كانت بحوزتي، بالإضافة إلى هاتف. ولم يعيدوا لي أيّ شيء. ثمّ ضربوني وأعادونا إلى البوسنة". وقد أشارت السلطات الكرواتية إلى أنّ أعمال العنف الأخيرة التي صوّرها صحافيون كانت "حالات معزولة"، معلنة إيقاف ثلاثة رجال شرطة. وبحسب ناشطين حقوقيين، فقد ازدادت الانتهاكات منذ إغلاق طريق البلقان في عام 2016.
وفي سياق متّصل، تقول تيا فيدوفيتش من "مركز دراسات السلام" وهو منظمة غير حكومية في العاصمة الكرواتية زغرب، لوكالة "فرانس برس"، إنّ "الإهانات اللفظية وسوء المعاملة استحالت عنفاً جسدياً".
وتسعى كرواتيا إلى دخول منطقة شنغن التي تتمتّع بحرية حركة الأشخاص بين الأعضاء بحلول عام 2024، لكنها مطالبة بحماية حدودها لتحقيق ذلك.
وقد كتبت صحيفة "فيسرنيي ليست" الكرواتية أخيراً أنّ "بروكسل منافقة كما هي حال دول أخرى. إنّها تدين العنف لكنّها لا تريد فتح أبوابها أمام المهاجرين وتصرّ على أنّ الدول الخارجية، بما فيها كرواتيا، تمنعها من دخول حصن أوروبا".
وبحسب "المجلس الدنماركي للاجئين" (منظمة غير حكومية)، فقد مُنع أكثر من 30 ألف شخص من العبور من البوسنة والهرسك إلى كرواتيا، منذ يونيو/ حزيران عام 2019.
وفي قرية فيليكا كلادوسا، يبدو المهاجرون مصمّمين على الوصول إلى الاتحاد الأوروبي قبل فصل الشتاء، إذ إنّ الأنهر تكون حينها متضخّمة بسبب الأمطار. بالنسبة إلى ظاهر بناهي البالغ من العمر 41 عاماً، وهو كان قد ترك العاصمة الأفغانية كابول قبل عامَين، فإنّ "الجوّ بارد هنا". ولا يخفي أنّه مع زوجته وأبنائه الأربعة، يستعدّ لـ"لعبته" التاسعة والعشرين.
(فرانس برس)