في حين ينشغل العالم كله بجائحة كورونا التي ألحقت أضراراً تختلف طبيعتها بكوكبنا وسكانه، فإنّ ثمّة قضايا حيوية كثيرة تُهمَل. لا شكّ في أنّ فيروس كورونا الجديد يتطلّب استنفار كلّ الجهود لمواجهته، غير أنّه من الممكن أن تصحو البشرية بعد انتهاء الأزمة الراهنة لتكتشف أنّها خسرت إنجازات كثيرة كانت قد حقّقتها في أكثر من ميدان أو محاولات كثيرة كانت تطمح لتصير إنجازات.
حماية اللغات الأم أو اللغات الأصليّة واحدة من القضايا الحساسة التي لا تحظى بأهميّة اليوم. الأنظار كلّها تتوجّه صوب فيروس يستهدف البشر في صحتهم واقتصادهم وحياتهم الاجتماعية بمختلف أوجهها، بالتالي لا يبدو غريباً إسقاط تلك القضية من حسابات كثيرين. صحيح أنّ ثمّة فعاليات تُنظّم عبر الإنترنت بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم الذي يصادف في الواحد والعشرين من فبراير/ شباط، غير أنّ "تعزيز التعددية اللغوية لإدماجها في التربية والمجتمع" يبدو عنواناً لا يستأهل التوقّف عنده وسط أزمة كورونا.
بحسب القائمين على هذا اليوم العالمي، فإنّ اللغات تحظى بـ"ثقل استراتيجي مهم في حياة البشر والكوكب بوصفها من المقومات الجوهرية للهوية وركيزة أساسية في الاتصال والاندماج الاجتماعي والتعليم والتنمية. مع ذلك، فهي تتعرّض من جرّاء العولمة إلى تهديد متزايد أو إلى الاندثار كلياً". وتأتي أزمة كورونا منذ أكثر من عام لتضاعف التهديد. يُذكر أنّ ما لا يقلّ عن 43 في المائة من اللغات المحكية حالياً في العالم والبالغ عددها ستّة آلاف لغة، معرّضة للاندثار، في حين أنّ اللغات التي تُعطى لها بالفعل أهميّة في نظام التعليم والمجال العام، فلا يزيد عددها عن بضع مئات ويقلّ المستخدَم منها في العالم الرقمي عن مائة لغة.
(العربي الجديد)