منفّذا عملية القدس إبراهيم ومراد نمر... مسيرة نضال حتى الشهادة

30 نوفمبر 2023
إبراهيم ومراد نمر منفّذا العملية في القدس المحتلة (إكس)
+ الخط -

بعد مسيرة نضال في وجه الاحتلال الإسرائيلي امتدّت لأعوام، نفّذ الشقيقان الفلسطينيان مراد نمر (38 عاماً) وإبراهيم نمر (30 عاماً) عملية القدس، صباح يوم الخميس. وفي عمليتهما أطلقا النار على مقربة من مستوطنة راموت المقامة على أراضٍ شمال غربي القدس، الأمر الذي أدّى إلى مقتل ثلاثة مستوطنين، من بينهم أحد كبار الحاخامات، بالإضافة إلى جرح آخرين.

والشقيقان نمر من حيّ أمليسون في بلدة صور باهر جنوبيّ القدس المحتلة، وكانا قد أمضيا فترات في سجون الاحتلال الإسرائيلي وصلت إلى عشرة أعوام بالنسبة إلى مراد وثمانية أعوام بالنسبة إلى شقيقه إبراهيم. ووُجّهت إليهما تهم بالانتساب إلى كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، والتخطيط لتنفيذ عمليات ضدّ إسرائيل.

وكان الشهيدان يؤمّنان لقمة عيشهما من خلال أعمال حرّة، علماً أنّ مراد يحمل شهادة جامعية. وهما متزوّجان ويعيلان أسرتَين من تسعة أفراد، ولهما من الأشقاء ثلاثة اعتقلتهم قوات الاحتلال اليوم، مباشرة بعد عملية مراد وإبراهيم. كذلك اعتقلت والدهما المسنّ، بعد اقتحام منزل العائلة وتدمير محتوياته والاعتداء على من فيه بالضرب.

الصورة
موقع عملية فدائية في القدس - الخميس 30 نوفمبر 2023 (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
في هذا الموقع نفّذ مراد وإبراهيم نمر عمليتهما في القدس المحتلة (أحمد غرابلي/ فرانس برس)

تعليقاً على عملية القدس الفدائية اليوم، يقول المحلل السياسي والإعلامي إسماعيل بدر لـ"العربي الجديد" إنّها أتت "نتيجة سياسة القبضة الحديدية وإحكام الخناق على مدينة القدس منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. فالمدينة تشهد للمرّة الأولى سياسة الملاحقة اليومية والتخويف والإفراغ، تحديداً البلدة القديمة من القدس".

يضيف أنّ "إجراءات الاحتلال سبّبت حالة اختناق بعد إغلاق الحواجز المحيطة بالقدس، الأمر الذي فاقم المأساة، فضلاً عن عمليات التنكيل والمداهمات وملاحقة الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي. يُضاف إلى كلّ ذلك أنّ ما يجري في قطاع غزة لا قدرة للعقل على استيعابه". ويؤكد أنّ العملية أتت "تأكيداً لوحدة الساحات ووحدة المصير".

ويرى أنّ ما حدث يأتي نتيجة التراكمات، فيما يشير إلى ما يرتكبه الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، خصوصاً في جنين ونابلس وطولكرم، ويشدّد على أنّ الشعب الفلسطينى عانى طويلاً من الويلات. ويشير بدر إلى أنّ "واقع الأسرى وواقع مدينة القدس والطوق الأمني المفروض مع إعلان الطوارئ، كلّ ذلك يدفع الشعب الفلسطيني في اتجاه رفض التجاوزات والمطالبة بالحقوق والعدالة على أرضه وبقيام دولة فلسطينية تنهي كلّ العذابات".

ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، تاريخ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، نفّذت المقاومة الفلسطينية في القدس المحتلة خمس عمليات إطلاق نار وطعن أدّت إلى ‫مقتل خمسة مستوطنين وإصابة 16 آخرين بجروح متفاوتة، من بينهم عناصر في جيش وشرطة الاحتلال، بحسب بيانات سابقة لشرطة الاحتلال الإسرائيلي. وآخر العمليات، حتى كتابة هذا التقرير، تلك التي نفّذها الشهيدان الشقيقان نمر، وقد خرجا من بلدة صور باهر.

وبحسب ما تفيد "موسوعة القرى الفلسطينية"، فإنّ بلدة صور باهر تقع في موقع استراتيجي قريب من مدينتَي القدس وبيت لحم، لكنّها تتبع إدارياً لمدينة القدس. فتأتي إلى جنوب المدينة، على بعد 4.62 كيلومترات، فيما ترتفع 742 متراً عن مستوى سطح البحر. وقد احتُلَّت البلدة كما مدينة القدس في خلال عدوان الخامس من يونيو/ حزيران 1967، وهي تعاني حتى اليوم من اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين في المستوطنات التي أقيمت على أراض تابعة لها، علماً أنّ الجدار العازل يقضم كذلك أراضي منها.

وليس الشقيقان مراد وإبراهيم نمر المقاومَين الوحيدَين اللذَين خرجا من صور باهر، إذ إنّ المناضلين ضدّ المحتلّ من أبناء البلدة كثيرون، ومنهم من استشهد أو أُسر أو أُبعد. ومن أشهرهم محمد جاد الله المعروف بـ"أبو نهاد"، البالغ من العمر اليوم 103 أعوام، وهو كان قد رافق القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني الذي استشهد في معركة القسطل في إبريل/ نيسان 1948.

المساهمون