منظمة الصحة العالمية: المخاوف بشأن تفشي كورونا في الصين "مفهومة"

30 ديسمبر 2022
حض غيبريسوس الصين على مزيد من الشفافية في وضع الوباء (فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -

صرّح رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الخميس، بأن القيود التي فرضتها بعض الدول ردّاً على تفشي الإصابات بفيروس كورونا في الصين "مفهومة"، بالنظر إلى نقص المعلومات من بكين. وحضّ المسؤول الأممي الصين على مزيد من الشفافية المتعلقة بوضع الوباء في البلاد.

وجاءت تعليقاته إثر انضمام الولايات المتحدة إلى عدة دول في فرض اختبارات كوفيد-19 على المسافرين الوافدين من الصين، بعدما تخلت بكين عن القيود على السفر إلى الخارج رغم زيادة الإصابات. كما أعلنت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون الصحة ستيلا كيرياكيدس أن على التكتل أن يفكر على الفور في تكثيف عمليات فحص التسلسل الجيني لحالات الإصابة بكوفيد-19، ومراقبة مياه الصرف الصحي، بما في ذلك في المطارات، لرصد أي سلالة جديدة من الفيروس بالنظر إلى زيادة الإصابات في الصين.

لكن وكالة الصحة في الاتحاد الأوروبي قالت إن مثل هذه الإجراءات غير مبررة في الوقت الحالي في التكتل. وقال غيبريسوس على "تويتر": "من أجل إجراء تقييم شامل للمخاطر لوضع كوفيد-19 على الأرض في الصين، تحتاج منظمة الصحة العالمية إلى مزيد من المعلومات التفصيلية".

وأضاف: "في ظل عدم وجود معلومات شاملة من الصين، من المفهوم أن تتصرف الدول في جميع أنحاء العالم بطرق تعتقد أنها قد تحمي شعوبها". وتابع: "ما زلنا نشعر بالقلق إزاء تطور الوضع ونواصل تشجيع الصين على تتبع فيروس كورونا وتطعيم الأشخاص الأكثر عرضة للخطر". 

بدورها، أوضحت كيرياكيدس، في خطاب لوزراء الصحة في دول الاتحاد وعددها 27، أن على التكتل التحلي "باليقظة البالغة" مع رفع الصين قيود السفر في الثامن من يناير/ كانون الثاني، مع ندرة البيانات التي يمكن الاعتماد عليها في ما يتعلق بالموقف الوبائي والفحوصات هناك. ونصحت كيرياكيدس الوزراء بتقييم ممارساتهم الحالية المتعلقة بفحوص التسلسل الجيني لفيروس كورونا "كخطوة فورية". وكتبت أن على الدول التي خفضت وتيرة تلك الفحوصات أن تفكر في العودة لتكثيفها. أضافت أنه من المهم مواصلة أو البدء في مراقبة مياه الصرف وخصوصاً في المطارات الرئيسية. وأشارت إلى أن التكتل يحتاج لرصد مبكر لأي سلالة جديدة تظهر ليتمكن من التحرك بسرعة. 

وانضمت الولايات المتحدة إلى عدد متزايد من الدول التي قرّرت فرض ضوابط على الركاب القادمين من الصين، في ظل إجراءات احتياطية بعد رفع القيود المفروضة على مكافحة كورونا.

غير أنّ السلطات الصحية في الصين أكدت، الخميس، أنها دأبت على نشر البيانات "حرصاً منها على الانفتاح والشفافية"، وفق تصريحات نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا".

الصورة
قيود على المسافرين القادمين من الصين (كارل كورت/Getty)

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن جياو ياهوي، المسؤول في لجنة الصحة الوطنية، قوله مساء الخميس: "لطالما نشرت الصين بياناتها حول وفيات كوفيد-19 والحالات الخطيرة رغبة منها في الانفتاح والشفافية".

وأعلن المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الجمعةن عن 5515 حالة جديدة فقط ووفاة واحدة. ويبدو أنّ هذه الأرقام لم تعد تعكس الواقع، لأن الفحوص على نطاق واسع لم تعد مطبقة.

وقال المركز الأوروبي لمراقبة الأمراض والوقاية منها إنه لا يعتقد أنّ ارتفاع عدد الإصابات في الصين سيؤثر على الوضع الوبائي في التكتل "نظرا للمناعة السكانية الأعلى ضمن بلدان الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية، إضافة إلى أنه سبق أن ظهرت وتبدلّت لاحقاً المتحوّرات المنتشرة حالياً في الصين".

بعد ثلاث سنوات من ظهور أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا في ووهان (وسط)، ألغت الصين فجأة، في السابع من ديسمبر/كانون الأول، سياستها الصارمة المعروفة بـ"صفر كوفيد".

وكانت هذه السياسة المعتمدة منذ العام 2020 سمحت بحماية السكان إلى حد كبير من الفيروس، بفضل الاختبارات المعمّمة، والمراقبة الصارمة للتحرّكات وأيضاً للحجر الإلزامي والصحّي بمجرّد اكتشاف الحالات.

غير أنّ هذه الإجراءات القاسية، التي أبقت البلاد معزولة إلى حدّ كبير عن بقية الكوكب، وجّهت ضربة قاسية لثاني أكبر اقتصاد في العالم وأثارت سخطاً في نوفمبر/تشرين الثاني.

منذ رفع القيود، امتلأت المستشفيات بالمرضى، وغالبيتهم من كبار السن والضعفاء بسبب عدم التطعيم، في حين يفتقر العديد من الصيدليات إلى أدوية خفض الحمى.

 "تدابير مُكيَّفة" 

أبقت الصين حدودها مغلقة إلى حد كبير أمام الرعايا الأجانب منذ العام 2020.

وأوقفت الدولة إصدار التأشيرات السياحية منذ حوالى ثلاث سنوات، بينما تفرض الحجر الصحي الإلزامي عند الوصول. وستُرفع إجراء الحجر هذا في الثامن من يناير/ كانون الثاني، ولكن لا يزال يتعيّن إجراء اختبار "بي سي آر" قبل 48 ساعة.

ورداً على ذلك، أعلنت الولايات المتحدة ودول أخرى، بينها إيطاليا واليابان، أنها ستفرض إظهار فحوص كوفيد-19 سالبة على جميع الوافدين من البر الرئيسي للصين.

وبدأت اليابان، اليوم الجمعة، بطلب اختبارات كوفيد-19 لجميع الركاب القادمين من الصين، في إجراء طارئ ضد ارتفاع الإصابات هناك، حيث تواجه اليابان ارتفاعا في أعداد الإصابات والوفيات بمستوى قياسي في الداخل.

الصورة
الإجراء لمكافحة انتشار الفيروس (فيليب فونغ/فرانس برس)

كذلك، اتخذت كوريا الجنوبية القرار ذاته الجمعة، ويسري حتّى فبراير/شباط من العام المقبل، حسب ما أعلن رئيس حكومتها هان دوك سو.

في فرنسا، طلب الرئيس إيمانويل ماكرون من الحكومة "اتخاذ تدابير مناسبة لحماية" الفرنسيين.

وفي بروكسل، لم يؤدّ اجتماع غير رسمي، عقدته المفوضية الأوروبية بهدف وضع "نهج منسّق" للدول الأعضاء، إلى اتخاذ قرار بطريقة أو بأخرى.

في المقابل، أعلن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو أن بلاده ألغت، اليوم الجمعة، وبأثر فوري، كل القيود المتبقية للسيطرة على انتشار كوفيد-19، بعدما أصبحت بالفعل لدى معظم السكان أجسام مضادة ضد المرض.
 

 "من دون فائدة" 

في مطار العاصمة بكين الدولي، أبدى معظم الصينيين الذين قابلتهم وكالة "فرانس برس" الخميس، تفهّمهم للإجراءات المتخذة تجاه الصين.

وقال هوانغ هونغ شو الذي يبلغ من العمر 21 عاماً، إنّ "لكلّ دولة مخاوفها وطريقتها الخاصة في حماية نفسها"، مشيراً إلى أنّ الانتشار المحتمل لمتحوّرات جديدة كان مدعاة للقلق. وقال مسافر لوكالة "فرانس برس" إنّ هذه الإجراءات "غير مجدية". وأوضح هو الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل "أنّه تمييز نوعاً ما".

وأشار الشاب البالغ من العمر 22 عاماً إلى أنّه في الصين "تُطبّق سياسة كورونا الخاصة بنا على الوافدين الدوليين بالطريقة نفسها كما الجميع"، متسائلاً: "لماذا تعامل الدول الأخرى القادمين من الصين بشكل خاص؟".

على جبهة الوباء، تكافح المستشفيات طفرة في الحالات التي تصيب كبار السن بشكل أكبر.

في شنغهاي، شاهد صحافيو وكالة "فرانس برس"، الخميس، مرضى يضعون أقنعة يُنقلون على نقّالات إلى مستشفى في المدينة. في داخل المستشفى، اشتكى أحد المرضى من أنه انتظر أربع ساعات للحصول على أدوية.

وفي 21 ديسمبر/كانون الأول، قال غيبريسوس للصحافيين إن منظمة الصحة العالمية قلقة بشأن التقارير المتزايدة عن حالات المرض الحادة في الصين.

وطالب ببيانات تفصيلية عن حالات المرض الحادة ودخول المستشفيات ومتطلبات العناية المركزة.

إلى ذلك، شددت الصين على أن جميع بيانات كوفيد التي تشاركتها مع أطراف، بينها منظمة الصحة العالمية، اتسمت بالشفافية، رغم الضغط الذي تعاني منه مستشفياتها والأعداد الرسمية القليلة للغاية للإصابات والوفيات مقارنة مع بلدان أخرى. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية وانغ وينبين: "منذ تفشي الوباء، تتشارك الصين المعلومات ذات الصلة والبيانات مع المجتمع الدولي، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، بأسلوب منفتح وشفاف". أضاف: "شاركنا تسلسل فيروس كورونا المستجد منذ اللحظة الأولى، وبالتالي، قمنا بمساهمات مهمة في تطوير اللقاحات ذات الصلة والعقاقير في بلدان أخرى. وذكّر خبراء الصحة في عدة بلدان بأنه لا حاجة لفرض قيود على دخول المسافرين القادمين من الصين". 

(فرانس برس، أسوشييتد برس، رويترز)

المساهمون