منظمات تُرمم وتبني مدارس جديدة شمال غربي سورية مع بداية العطلة

20 يونيو 2023
جهود متواصلة لبناء جيل متعاف متعلم قادر على بناء سورية في المستقبل (المنتدى السوري)
+ الخط -
تقوم العديد من منظمات المجتمع المدني في مناطق شمال غربي سورية بترميم وإعادة بناء عدد كبير من المدارس التي خرجت عن الخدمة، سواءً تلك التي تعرّضت للقصف المتكرر، أو التي تضررت بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة في فبراير/ شباط الماضي، كما قامت ببناء مدارس جديدة في المناطق التي تجاوز عدد الطلاب فيها القدرة الاستيعابية، وبشكل خاص المناطق التي استقبلت نازحين ومهجرين إثر الزلزال، وذلك بهدف تمكين الطلاب من ممارسة حقهم في التعليم دون اللجوء للمدارس الخاصة، في ظل الظروف الاقتصادية المتدنية.
ومع بداية العطلة الصيفية للطلاب، تحاول المنظمات استغلال هذه الفترة في ترميم المدارس التي تحتاج إلى صيانة، واستكمال بناء المدارس بحلول العام الدراسي، ومن المنظمات التي تعمل في مجال بناء وتأهيل المدارس "المنتدى السوري"، وهو تجمع منظمات تنشط في الشمال الغربي من سورية، وتعمل على بناء مدارس نموذجية، بالإضافة لمؤسسات تعليمية تستهدف فئات معينة من الطلاب.  
وفي السياق قال المدير التنفيذي للمنتدى السوري، غسان هيتو، (شغل منصب رئيس أول حكومة سورية مؤقتة) لـ "العربي الجديد": إن عملية بناء المدارس النموذجية قد بدأت بالفعل، في مناطق شمال غرب سورية، وسنستهدف من خلالها الطلبة السوريين المتسربين والأيتام وذوي الحاجة، لإعطائهم تعليماً نموذجياً، من حيث طرق التدريس، ومواد تمكين المهارات الفردية والقيادية والتفكير النقدي، بالإضافة إلى الحصص الترفيهية، والاهتمام بالصحة النفسية والاجتماعية لهم، لبناء جيل متعاف متعلم قادر على بناء سورية في المستقبل.
وتابع هيتو، ننطلق من نظرية أنه "يمكن إعطاء تعليم نموذجي للطالب الذي لا يستطيع ولي أمره الدفع للمدرسة الخاصة، وذلك لأنه يستحق، كونه محتاجاً لا يعني أن يفقد فرصة التعليم النموذجية".
وأكد المتحدث عجز المدارس الموجودة عن استيعاب جميع الطلاب، بحسب التقارير الصادرة مؤخراً عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، موضحاً أنه يوجد أكثر من 1.8 مليون طفل سوري في شمال غرب سورية في سن التعليم، وأن نحو 66.3 % منهم خارج المنظومة التعليمية، مبيناً أن هذه الأرقام كارثية، وتوضح حجم المعاناة والفجوة الموجودة في قطاع التعليم والذي يؤدي بدوره إلى العمالة والانخراط في الأعمال المسلحة، وتعاطي المخدرات، والزواج المبكر، وغيره.
واعتبر أن الإحصائيات السابقة توضح مدى الاحتياج الموجود في المنطقة ككل، لذلك عملنا على تطوير مشروع التعليم لدينا، والآن يوجد لدينا 3 مدارس للمرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينة إعزاز، كما سيكون هناك مدرسة ابتدائية في جرابلس وأخرى في عفرين.
وأشار هيتو إلى أنه في نهاية عام 2024 سيكون لدينا 10 مدارس نموذجية للمنتدى السوري، تبلغ مساحة المدرسة 286 متراً مربعاً، وتتألف من 3 طوابق.
فيما يجري حاليا بناء أول مدرستين (ابتدائية، وثانوية للإناث) في مدينة إعزاز، كل مدرسة تضم 8 صفوف، بالإضافة إلى غرفة دعم نفسي، وغرفة موسيقى، وغرفة أرشيف، وغرفة شؤون طلاب، وغرفة رياضة، وغرفة طعام، ومكتبة، وغرفة مدرسين، وغرفة إدارة، بالإضافة إلى غرفة مصلى. كما سيجري بناء مدرسة ثانوية للذكور بمساحة 286 متراً مربعاً، بـ4 طوابق، تحتوي على 8 صفوف، بالإضافة إلى غرفة طعام، وغرفة موسيقى، وغرفة دعم نفسي، وغرفة رياضة، ومكتبة، وغرفة اجتماعات، وغرفة مصلى، وغرفتي إدارة، ومخبرين.
وحرصاً على استمرارية مشروع التعليم في المنتدى السوري، قال: "نقوم بعملية متكاملة من شراء الأرض إلى بناء المدارس إلى الإكساء، ومن ثم تدريب المعلمين والكادر الإداري، وتأمين كفالات للطلاب الأيتام وذوي الحاجة منهم، وذلك بدعم فردي لتكون هذه المدارس وقفاً دائماً للمنتدى السوري لضمان استمراريتها".
كما أكد أن المدارس ستكون لجميع الفئات العمرية، والقدرة الاستيعابية في الفترة الأولى ستكون 200 طالب في دوام واحد لكل مدرسة، ومن ثم سيكون هناك دوامان (صباحي ومسائي)، لنصل إلى 400 طالب في كل مدرسة، فيما بعد.
وتابع "نؤسس حالياً مركزاً لتدريب المعلمين على طرق التدريس التفاعلية الأكثر فاعلية في مدارس المنتدى السوري، ولاحقاً ستكون المدارس النموذجية"، مشيراً إلى أن هذا المركز سيكون بدايةً متاحاً للجميع للاستفادة منه.
وأوضح أنه الآن يوجد 44 شخصاً من ذوي الخبرة والكفاءة والشهادات الجامعية، يعملون على جميع المعايير الخاصة بإدارة المدرسة "الإدارة الصفية"، واختيار المعلمين، والتعامل مع الطالب بالشكل الأمثل له.
وأشار إلى أنه يجري التركيز على أن يكون الدعم فردياً وغير مرتبط بدعم دولي للتعليم في المدارس، ونعتقد أن الدعم الدولي يرتبط بأمور مختلفة تؤثر في استمرارية المشاريع التعليمية أو إيقافها. كما أنه سيكون هناك تعاون وتنسيق مع مديريات التربية، سنطلب من مديريات التربية ترخيص المدارس كمدارس خاصة، ونحن ملتزمون بتحقيق المعايير التي تطلبها كل مديرية.
وأكد المدير التنفيذي للمنتدى السوري وجود خبرة تراكمية في أكثر من 140 مدرسة، بدعم متفاوت في السنوات العشر الماضية، كما يفوق عدد المدرسين الذين ندعم رواتبهم 900 مدرس. مضيفاً "تجربتنا تقول إن الدعم الدولي يمكن أن يتوقف في لحظة من اللحظات، وأنه بالفعل توقف عن الكثير من المشاريع سابقاً، لذلك نسعى الآن إلى أن نؤسس لمدارس مستدامة "لنبني مشروعاً تعليمياً متميزاً لا بد من ضمان استمراريته".
 
بدوره أفاد المكلف بتسيير أعمال وزارة التربية والتعليم في حكومة الإنقاذ السورية، زياد العمر، لـ "العربي الجديد"، بأن معظم المدارس في الوقت الحالي تحتوي على فوجين، لذلك تحتاج المنطقة ضعف المؤسسات التعليمية الموجودة حالياً، وأضاف أن وزارة التربية تساهم في المخططات الهندسية وتقديم العقارات والتعاون مع المنظمات، لتسهيل إنشاء مثل هذه المدارس، كما أن هناك ضوابط لبناء أي منشأة تعليمية من معايير الجودة العامة، يجب أن تكون في تلك المباني المراد بناؤها.
وتابع العمر "يجب أن تكون تلك المدارس مطابقة لمعايير الجودة والأمان، وذلك حفاظاً على الطلبة في عمليتهم التعليمية ما يوفر أفضل خدمة تعليمية في المنطقة المحررة". وأشار إلى أن عدد الطلاب في الصفوف يختلف باختلاف الكثافة السكانية في المنطقة الجغرافية لكل مدرسة، ويتراوح بين 30 إلى 40 طالباً.
 
بدورها قالت مجيدة عثمان، وهي أم لأربعة أطفال، نازحة من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيمات ريف حلب الغربي، لـ "العربي الجديد": قمت بتوجيه ولدي الذي لم يبلغ 13 عاماً لتعلم مهنة النجارة في سن مبكرة، لعدم قدرتي على إعالة أسرتي بعد وفاة زوجي، لعله يستطيع تأمين الحاجيات الضرورية لأخواته الثلاثة اللاتي لم أتمكن من إرسالهن إلى المدارس حتى الآن، بسبب بُعد المدرسة عن المخيم، والازدحام الشديد الذي تعاني منه. كما أنني لم أتمكن من تسجيلهن في المدرسة الخاصة، رغم قربها من المخيم، ورغبتهن الشديدة في التعلّم، وذلك لسوء الوضع الاقتصادي، وعدم استطاعتي تأمين الأقساط بشكل مستمر.
وتابعت "تقوم إحدى المنظمات ببناء مدرسة جديدة هذا العام قريبة نوعاً ما من المخيم، آمل أن أستطيع تسجيلهن في هذه المدرسة، وألا تكون هناك شروط تعجيزية، أو أن يكون القبول محصوراً للمدعومين فقط، ليستطعن الالتحاق بجيلهن، والحصول على حقهن في التعليم الذي يعتبر من أبسط حقوق أطفال كانوا ضحايا تبعات الحرب".
المساهمون