منح الجنسية لأفغان تزوجوا باكستانيات

27 أكتوبر 2022
قرار منح الجنسية الباكستانية أسعد آلاف الأفغان (طارق محمود/فرانس برس)
+ الخط -

تزوجت الباكستانية ثمينة روحي من اللاجئ الأفغاني نصير أحمد قبل 35 عاماً، لكن المعضلة الأساسية كانت أن الزوج لا يملك الجنسية الباكستانية، وكان من الصعب أن تذهب ثمينة مع زوجها إلى أفغانستان لأن عشيرتها تعيش في باكستان، كما كان أطفالهما قد ولدوا في باكستان، ودرسوا فيها.
توجه الزوجان مرات عديدة إلى المحاكم من دون جدوى، غير أنهما لم يفقدا الأمل، واستمرا في تقديم دعواهما، حتى أمرت المحكمة السلطات بمنح الزوج والأولاد الجنسية، ما يعني حق كل أفغاني تزوج بامرأة باكستانية في الحصول على الجنسية.
وقررت المحكمة الإقليمية في إقليم خيبر بختونخوا (شمال غرب) في 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مخالفة المادة الدستورية العاشرة من قانون منح الجنسية، والذي يمنع منح الجنسية لمن يتزوج باكستانيات، وأمرت بمنح الجنسية لكل أجنبي يتزوج باكستانية، وهو القرار الذي استفادت منه ثمينة روحي وزوجها، ومئات آخرين من الأفغان الذين تزوجوا في باكستان.
وقالت روحي للصحافيين من أمام مقر المحكمة بعد صدور القرار: "إنه نجاح كبير لي ولزوجي، ولكل أفغاني تزوج من باكستان. إنه أمر طبيعي، فنحن أبناء قبائل واحدة، ولساننا واحد، وعاداتنا متشابهة، ولدينا أواصر قبلية واجتماعية قديمة، وبالتالي فالزواج بين القبائل أمر طبيعي، وهو يحدث منذ زمن بعيد، والعائق كان القانون الباكستاني الذي كان يمنع منح الجنسية للأفغان، أو لأي أجنبي يتزوج باكستانيات، لكننا نجحنا أخيراً في الحصول على قرار من المحكمة، وزوجي سوف يحصل على الجنسية ليكون مواطناً باكستانياً، وبالتالي يمكنه شراء منزل، والعمل كأي مواطن".
وقال محامي ثمينة وزوجها، سيف الله محب، بعد صدور قرار المحكمة: "القرار مهم لأن المادة الدستورية كانت عائقاً كبيراً أمام المتزوجين بباكستانيات، إذ تنص على أن أي باكستانية تزوجت بأجنبي لا يمكن لزوجها الحصول على الجنسية، لكن إذا تزوج الباكستاني بامرأة أجنبية يمكنها الحصول على الجنسية، وحالياً لدى الحكومة المركزية فترة 60 يوماً للطعن في قرار المحكمة، وإذا لم تفعل ذلك، وأتوقع أن لا تفعل، حينها يتم إلغاء المادة الدستورية رقم عشرة من قانون منح الجنسية تلقائياً".

أثيرت مشكلات الأفغان المتزوجين من باكستانيات، ومصير أولادهم عبر المنصات القانونية والإعلامية مراراً، لكن بلا جدوى، إذ كانت باكستان ترفض بشدة منح الجنسية للأفغان عبر الزواج، لكن يبدو أن تلك المواقف تغيرت أخيراً.
ليست ثمينة وزوجها فقط اللذان أسعدهما قرار المحكمة الباكستانية، بل ثمة كثيرون كانوا ينتظرون هذا القرار بفارغ الصبر، من هؤلاء الأفغاني محمد إلياس خان الذي تزوج باكستانية قبل 25 عاماً، في منطقة قمر الدين كهري في بيشاور، لكنه لم يتمكن من الحصول على الجنسية، وكانت زوجته أمية، ولا يمكنها العمل، ورغم كونه خريج جامعي، لم يكن بإمكانه الحصول على وظيفة لأنه أفغاني، فقام بفتح بقالة قريبة من منزله.

آلاف الأفغان تزوجوا باكستانيات (حسين علي/الأناضول)
عشرات آلاف الأفغان تزوجوا باكستانيات (حسين علي/الأناضول)

ما إن سمع إلياس الخبر حتى بدأ يعد أوراقه للحصول على الجنسية الباكستانية، وليصبح أولاده الخمسة مواطنين باكستانيين. يقول لـ"العربي الجديد": "هذه الفرصة التي كنا ننتظرها. لسنوات كنت أعيش في حيرة من أمري، ولا أعرف مصير أولادي. زوجتي لا تقبل الذهاب إلى أفغانستان، ولا أولادي لأن الوضع هناك ليس مستقراً، وهنا في باكستان، كنت أنا وأولادي محرومين من كل الحقوق الذي يحصل عليها المواطنين، وحاولت مراراً الحصول على بطاقة هوية مقابل المال، رغم خطورة ذلك، لكن الآن يمكنني الحصول على هوية باكستانية بشكل قانوني، وأصبح مطمئناً لمستقبل أولادي، فبعد الحصول على الهوية سيساعدهم أخوالهم وجدهم في الحصول على وظائف، وسيتاح لهم مستقبل أفضل".
ويبدو أن قرار المحكمة لم يصدر مصادفة، بل جاء نتيجة تغير في سياسات الحكومة الباكستانية إزاء اللاجئين الأفغان، إذ إن محكمة إسلام أباد أصدرت قراراً مهماً آخر في ذات الشأن، حين أمرت في 22 أكتوبر، بإعطاء الجنسية لكل من ولدوا من اللاجئين الأفغان في باكستان بعد النظر في مستنداتهم الثبوتية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وقال رئيس محكمة إسلام أباد، القاضي أطهر من الله، والمرشح لعضوية المحكمة العليا الباكستانية، خلال نظر القضية التي قدمت من قبل عضو مجلس الشيوخ، حافظ حمد الله، إنه "من المفروض أن يحصل كل أفغاني ولد في باكستان على الجنسية كما هو معتاد في كثير من دول العالم، وأن لا يحتاج في ذلك سوى شهادة الميلاد. نصدر بكل صرامة هذا الحكم، وليتم منح الهوية لكل أفغاني ولد في باكستان وملك شهادة ميلاد".
ولا شك في أن تلك القرارات الباكستانية كانت مفاجئة للأفغان، لا سيما في هذا التوقيت، بينما الملف مثار منذ سنوات طويلة، ولا توليه السلطات الباكستانية أدنى اهتمام، وجاءت القرارات في وقت تسعى حكومة طالبان إلى إعادة اللاجئين من باكستان وإيران، وقد أعلنت أن هذا الملف من بين أولوياتها.

المساهمون