ممالك مهملة

ممالك مهملة

17 ديسمبر 2021
في قرية محاذية لمحمية الدندر (عبد المنعم عيسى/ فرانس برس)
+ الخط -

عندما أنجز المخرج السينمائي سليمان محمد إبراهيم فيلم "المملكة المنهوبة" الذي أنتجته الجمعية السودانية لحماية البيئة عام 1996 عن محمية الدندر، وأعقبه بعد عام بفيلم "مَقَنُو.. القرية المنسية" داخل حدود المحمية، كان يحلم، مثلما كنا نأمل في أن تجد صرخة التنبيه تلك ما تستحقه من صدى هنا وهناك، في الداخل والخارج.
في الداخل، صمتت حكومة الخرطوم وتلك في ولايات القضارف وسنار والنيل الأزرق عن التجاوزات الكبيرة لدى رصد تدرب عناصر خلية إرهابية داخل المحمية، وكذلك عن محاولات الولاة أنفسهم الاستثمار زراعياً فيها، وهو ما تحرمه القوانين والمعاهدات الدولية التي وقعها السودان
وفي الخارج، تدخلت منظمات دولية معنية بحماية الطبيعة وتنمية المجتمعات وحماية التنوُّع الحيوي، عبر مشروعين استجاب الأول لمعاناة أفراد قبيلة "القُمُز" المهددة بالانقراض، والذين كانوا يرحلون صيفاً إلى منطقة الطابية على نهر الدندر الموسمي من أجل الماء، وحفر لهم بئراً في القرية المنسية في حضن الجبل، ما أزال عنهم إرهاق الرحيل الموسمي.
أما المشروع فتمثل في تطوير محمية الدندر الذي هدف إلى بناء سياج اجتماعي من سكان القرى المحاذية لحدود المحمية. لكن تقاعس حكومات الولايات الثلاث عن دفع مساهماتها في المشروع وتغاضي الحكومة المركزية عن الأمر حتم وقف التمويل الدولي للمشروع بعد خمس سنوات من إطلاقه، والذي أثمر إنجازات على صعيد البنيات داخل المحمية، والاحتياجات الأساسية لتلك المجتمعات. ولاحقاً تدهور حال المحمية، ولحقت بأخواتها من محميات المحيط الحيوي في السودان.
مجدداً تطل الجهود الدولية لدعم مطالب الخبراء والناشطين في الداخل، وبينها احتجاج طلاب كلية الموارد الطبيعية في جامعة سنار على انتهاكات تشهدها محمية الردوم، وإعلان 2021 عاماً دولياً لتأكيد أهمية الحفاظ على التنوُّع الحيوي من خلال برنامج الإنسان والمحيط الحيوي المعروف بـ "ماب"، والذي يسعى إلى حماية مساحات الأراضي والبحار المخصصة للحفاظ على التنوّع الحيوي على المستوى الجيني، ومستوى الأنواع والنُظُم البيئية.

موقف
التحديثات الحية

تقول الخبيرة في مجال الحياة البرية والتنوّع الإحيائي الدكتورة سلوى منصور التي ترأس لجنة الإنسان والمحيط الحيوي في منظمة الأمم المتحدة للثقافة "يونسكو" إن "برنامج ماب العلمي والحكومي والدولي يهدف إلى إرساء أساس علمي لتعزيز العلاقة بين الإنسان وبيئته، ويجمع بين العلوم الطبيعية والاجتماعية بهدف تحسين سبل كسب العيش، وحماية النظم الإيكولوجية الطبيعية التي يديرها الإنسان، ما يعزّز المناهج المبتكرة للتنمية الاقتصادية التي تتلاءم مع الاحتياجات الاجتماعية والثقافية وتعتبر مستدامة للبيئة. وقد أنشئ البرنامج ضمن قسم علوم الأرض في يونسكو عام 1971".
هل تفلح الجهود في الحفاظ على ما تبقى من حياة؟

(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون