تتواصل في تونس فعاليات إحياء "اليوم العربي لمحو الأمية،" الموافق الـ8 من يناير/كانون الثاني من كل عام، تحت شعار "التعلّم مدى الحياة". وتمّ في تونس تكريم بعض المتفوّقين من المستفيدين من برنامج تعليم الكبار، ضمن تنسيقيات تعليم الكبار المنتشرة بجلّ المحافظات.
وبحسب بيان لوزارة الشؤون الاجتماعية التونسية السبت، فقد بلغت نسبة الأمية في تونس 17.7%؛ أي ما يعادل مليوني أمّي (عدد سكان تونس 11.82 مليوناً)، وهي نسبة يعتبرها العديد من المختصّين مرتفعة.
وأكّدت رئيسة جمعية "علّمني" للتربية الاجتماعية في القيروان، وسط تونس، يسرى الكعبي، في تصريح لـ"العربي الجديد" اليوم الثلاثاء، أنّ "العديد من المفاهيم المقترنة بالأميّة تغيّرت، ولم يعد الأميّ من لا يحسن القراءة والكتابة فقط، بل هو أيضاً من لا يستطيع استعمال الوسائل الحديثة والرقمية، من هاتف وحاسوب وتقنيات التواصل الاجتماعي، أي تطوّرت لتشمل الأمية الرقمية".
وأضافت أنّ "الأمية لا تشمل كبار السن فقط كما هو متعارف عليه، بل هي تشمل أطفالاً أيضاً، من بينهم منقطعون عن الدراسة وشباب اضطرتهم الظروف إلى عدم التعلّم".
وتذكر الإحصائيات في تونس أنّ حوالي 100 ألف تونسي ينقطع عن الدراسة سنوياً.
وأوضحت الكعبي أنه "بحكم اختصاص جمعيتنا في تعليم الكبار، نعمل مع التنسيقيات الجهوية لتعليم الكبار، وقد وردتنا عدّة حالات لأشخاص في العقد السابع والثامن طلبوا تعلّم القراءة والكتابة، ليتمكّنوا من قراءة الوثائق وبعض الكتب".
وأشارت إلى أنّ العديد منهم نجحوا في ذلك، وجرى تكريم المتفوّقين منهم مؤخراً، ونجح هؤلاء في اكتساب مهارات جديدة، مشددة على حرص الجمعية، إلى جانب التعليم، على تمكين هؤلاء من بعض المهارات في الخياطة والطبخ والحلويات، كلّ حسب ميوله.
وترى الكعبي أنّ البعض يمتنع عن القدوم إلى مراكز تعليم الكبار خوفاً من انتقادات المحيطين، فيما يمتنع آخرون بسبب انشغالاتهم، ولا سيما النساء، بشؤون البيت أو تحصيل لقمة العيش، التي هي من أسباب ارتفاع نسبة الأمية في تونس، خاصة في بعض المناطق الريفية والمعتمديات.
وأكّدت الكعبي أنّ "إقناع البعض بضرورة التعلّم يكون صعباً في البداية، في ظلّ العزوف المسجّل، حيث إنّ العديد من المراكز المفتوحة تواجه إشكالات في الاستقطاب وفي إقناع كبار السن بالقدوم إلى المركز، كما أنّ بُعد المناطق الريفية عن مراكز التعليم يعزز العزوف عن التوجّه إلى مثل هذه المراكز أيضاً".
وأشارت الكعبي إلى أنّ جمعيتها تحاول، إلى جانب التعليم، مساعدة الأميين على اكتساب مهارات حياتية، وحتى على حسن استعمال التكنولوجيا الحديثة، وهناك مراكز تتوفر فيها حواسيب، حيث إنه إلى جانب التعلّم، يمكن للشخص تنمية قدراته أو حتى افتتاح مشروع صغير لاحقاً يساعده على مجابهة الظروف المعيشية.
وأضافت أنّ "هناك مرارة لدى العديد من الأميين والمنقطعين، فبعضهم أجبرته الظروف على عدم التوجّه للمدرسة، وهناك من تمّ إقصاؤه من التعليم والتضحية به من قبل الأسرة ليتعلّم فرد آخر، وهناك من كبار السن من انقطع عن التعليم لأنه لا يملك حذاء بسبب الفقر، وهناك من كان يخشى انتقادات المحيطين به لعدم امتلاكه ثياباً جيدة، وبالتالي، تتعدّد الأسباب وتتنوّع الظروف، إلا أنه تبقى وراء كل أميّ قصة مليئة بالوجع والمرارة".