لم يجد المواطن الفلسطيني صالح ذياب، وسيلة للتعبير عن خوفه وقلقه من استيلاء المستوطنين على منزل عائلته في حيّ الشيخ جراح بالقدس، سوى التظاهر والاحتجاج بالقرب من منازل الحيّ المهدّدة بوضع اليد على العديد منها من قِبل المستوطنين.
ذياب يحرص على المشاركة الأسبوعية في تظاهرة، كلّ يوم جمعة، ينظمها سكان الحيّ. ويقول لـ"العربي الجديد": "إنّ الاستيلاء على المنازل قد يَحدث في أيّ لحظة، والقضاء الإسرائيلي المعروف بانحيازه للمستوطنين قلّما أنصف المقدسيين حين يتعلّق الأمر بنزاع على ملكية أراض أو عقارات. حدث ذلك في القدس العتيقة، وفي سلوان، والطور، وهي المناطق الأكثر استهدافاً من قبل جمعيات الاستيطان، حيث توجد الآن أكثر من 140 بؤرة استيطانية في تلك المناطق، كانت بيوتاً مملوكة لفلسطينيين". ويضيف: "في عام 1967 تمّ الاستيلاء على أوّل البيوت في حيّ الشنطي، إضافة إلى مغارة مملوكة لعائلة حجازي، حيث حوّلها الاحتلال إلى ما يُسمى بقبر الصديق شمعون، وفي سنة 1972 حضرت مجموعة من المستوطنين "السفارديم" وادّعوا ملكيّتهم للأرض المقامة عليها المنازل".
يوضح ذياب: "حتى الآن، لم يثبتوا للمحكمة ملكيّتهم للأرض، لكنّهم ظلّوا يدّعون ملكيتهم ويزعمون بأنّهم لا ينوون إخلاءنا لكنّهم يريدون بناء بنايات ضخمة، وسيمنحون العائلات شقة مقابل موافقتهم على الإخلاء. وفي مرّات أخرى، عرضوا على كلّ عائلة عشرة ملايين دولار مقابل إخلاء بيتها، لكننا في كلّ مرة كنا نرفض تلك العروض". ويتابع، "لم يتوقفوا عن ملاحقتنا، فقد جرى في عام 2008 إخلاء أربعة بيوت تعود لعائلات الغاوي وحنون والكرد، ومن هنا بدأت مسيرة الشيخ جراح بمظاهرات وفعاليّات تضامن".
ذياب الذي يشارك في كلّ فعاليّات الاحتجاج، يرى أنّ القضية تتجاوز حيّ الشيخ جراح، إلى ما هو أكبر من ذلك، إذ تجري بوتيرة عالية مخططات تهويد القدس، بداية من الشيخ جراح وانتهاء بحيّ البستان في سلوان جنوب البلدة القديمة من القدس. ويقول ذياب: "اليوم هناك 12 منزلاً مهدّداً بالإخلاء الفوري، ليس من قبل المستوطنين، بل أيضاً من قبل الحكومة الإسرائيلية، سواء من خلال عمليات التطبيع وهدم البيوت بالقدس، وسرقة الأراضي والمحالّ. واليوم، نحن نتحدث عن حيّ كامل يقطنه أكثر من 1200 شخص يريدون إزالة حيّهم عن الخريطة".
وفي ما يتعلّق بموقف الحكومة الأردنية، باعتبارها من وقّعت الاتفاقية مع الأمم المتحدة لتقيم عائلات فلسطينية في الحيّ بموجب عقد إيجار مدته 99 عاماً مقابل أن تقوم تلك العائلات بتسليم بطاقات المؤن لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) على أن تقوم الحكومة الأردنية ببناء البيوت لتلك العائلات، أكّد ذياب أنّ الحكومة الأردنية لا تتعاون بالشكل المطلوب مع لجنة الحيّ التي سعت وتسعى للحصول على النسخة الأصلية للاتفاقية التي وقعتها مع الأمم المتحدة. ويقول ذياب: "المطلوب من الحكومة الأردنية أن تساعدنا في هذه القضية، لأنها هي التي عملت على توطيننا في هذا الحيّ".
أما محمد الصباغ، أحد أصحاب المنازل المهدّدة بالإخلاء، يقول لـ"العربي الجديد": "أعطونا أمراً بالإخلاء في عام 2019، وانتهت مدته في سبتمبر/أيلول 2020. وقد جرى في 2020 تفعيل أمر الإخلاء لدى محكمة الصلح وخسرنا القضية، وننتظر الآن ما ستقرره المحكمة المركزية لإثبات ملكيّة الأرض". ويضيف: "نحن نقيم في هذا الحيّ منذ نحو 65 عاماً، ولا يمكن أن يتم في العالم كلّه إخلاء عائلات تقيم في منازلها كل هذه المدة من الزمن".
وعن موقف الحكومة الأردنية، يقول الصباغ: "للأسف، حتى الآن لم نلق تجاوباً مع طلباتنا للحصول على الوثيقة الأصلية الموقعة مع الأونروا. لدينا فقط صور من دون ترويس رسمي. هذا الأمر طعن به محامي المستوطنين واستند إليه في زعمه بأنّ ما لدينا من مستندات لا يثبت شيئاً".
تظاهرة أسبوعية
ينظم السكان الفلسطينيون المقدسيون، تحديداً في حيّ الشيخ جراح في القدس المحتلة، تظاهرة أسبوعية، كلّ نهار جمعة. هذه التظاهرة يشارك فيها سكّان الحيّ وينضم إليهم ناشطون إسرائيليون، من رافضي التوسع الاستيطاني، احتجاجاً على استيلاء المستوطنين أو العمل على الاستيلاء على منازل الفلسطينيين سواء في الشيخ جراح أو في غيره من أحياء القدس المحتلة.