مقتل مواطنين خلال حملة أمنية واسعة لتفتيش المنازل في أفغانستان

01 أكتوبر 2022
أسلحة صادرتها طالبان خلال تفتيش المنازل (فرانس برس)
+ الخط -

بعد العاصمة كابول، بدأت عناصر أمنية تابعة لحكومة طالبان في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، عملية واسعة لتفتيش جميع المنازل في كل من ولايتي قندهار وهلمند، في حملات أمنية يتوقع أن تمتد إلى كل الولايات الجنوبية خلال الفترة المقبلة. 
وبينما يشكو بعض سكان الولايتين مضايقات خلال تلك الحملات، خاصة لجهة عدم وجود عناصر نسائية ضمن عناصر الأمن الذين يفتشون المنازل، يتحدث آخرون عن كونها ضرورية لفرض الأمن، مشيرين إلى أن أسلوب تعامل قوات طالبان جيد، وأن الحملة لم تخلف أي عائق ليوميات حياتهم.
لكن مقتل عدد من المواطنين في كل من قندهار وهلمند، نتيجة إطلاق مسلحي طالبان النار على المدنيين في أثناء التفتيش، أثار حفيظة كثير من المواطنين، وركزت عليه وسائل الإعلام المحلية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول سيف الدين محمد، من مدينة قندهار، لـ"العربي الجديد"، إن "تلك العمليات سبّبت صداعاً دائماً لنا. ننتظر يومياً أن تأتي فرق طالبان كي تفتش المنزل، إذ لا يوجد مواعيد محددة للتفتيش، والفرق أصلاً تريد أن تفعل ذلك على حين غرة، وفي أماكن مختلفة كي لا يتمكن أحد من إخراج الأسلحة وغيرها من الأشياء التي يبحثون عنها، لكن المشكلة الأساسية أن الأمر يتطلب وجود أحد الرجال في المنزل، وفي غالب الأحيان لا يضم طاقم التفتيش أي عنصر نسائي، ما يؤدي إلى شجارات بين المواطنين وقوات الأمن".
ويشير إلى أن مداهمة المنازل لتفتيشها بهذا الشكل غير مناسب، إذ أصبحت مدينة قندهار ما يشبه القاعدة العسكرية. 
"كثير من الأشخاص مضطرون إلى البقاء في المنازل، وحواجز في الشوارع، وعمليات التفتيش تعوق حياة الناس. سكان أفغانستان فقراء، وعدد كبير منهم عمال مياومون يخرجون في الصباح إلى العمل، ويرجعون في المساء، وهؤلاء إذا جلسوا يوماً واحداً في منزلهم تتأثر حياتهم، وعلى طالبان أن تتجنب مثل هذه الأعمال التي تؤثر بحياة المواطنين، وأن تعتمد على التقارير الاستخبارية بدلاً من التفتيش العام".
ويقول خان بادشاه، وهو أحد سكان مدينة لشكر كاه، مركز إقليمم هلمند، لـ"العربي الجديد": "المشاكل كثيرة في بلادنا، وقوات الأمن تحتاج إلى شنّ حملات، واتخاذ خطوات استثنائية، لكن مع مراعاة حياة المواطنين، فثمة أناس فقراء كل همهم الحصول على لقمة العيش، وأن تأتي القوات لتقلب منازلهم رأساً على عقب بحثاً عن الأسلحة غير مناسب، لذا نتساءل عن أداء الاستخبارات، فتلك العمليات لا بد أن تكون استناداً إلى تقارير، وليس بهذا الشكل".

حملات طالبان الأمنية متواصلة (جافيد تانفير/فرانس برس)
حملات طالبان الأمنية متواصلة (جافيد تانفير/فرانس برس)

في المقابل، يؤكد مواطنون أن عمليات التفتيش ضرورة من أجل إحلال الأمن والاستقرار؛ وأن على الجميع أن يتحملوا الإجراءات الاستثنائية، وأن يتعاونوا مع قوات الأمن. يقول عبد الوكيل، وهو أحد سكان مدينة قندهار، لـ"العربي الجديد": "المشكلة أن البعض يرفض تحمّل بعض الإزعاج من أجل ضمان المستقبل. طالبان قامت بإحلال الأمن، والجميع يعترف بهذا، وعليها أن تتخذ إجراءات إضافية من أجل المضي قدماً في فرض الأمن، وعلى المواطن أن يلعب دوراً في هذا، فعلى أقل تقدير يتحمل الحملات الأمنية، فكل من فُتِّشَت منازلهم يعترفون بحسن تعامل قوات طالبان، علاوة على تكرارهم أن كل ذلك يحصل من أجلهم، ومن أجل الأمن والاستقرار لعائلاتهم".
وتشدد طالبان على أن الحملات ضرورية لحفظ الأمن، وأن طاقماً نسائياً تابعاً للشرطة، فضلاً عن إمام المسجد في كل منطقة، سيرافقون القوات خلال التفتيش، كذلك فإن فرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تراقب من كثب تعامل قوات الأمن.
يقول نائب الناطق باسم الحركة، بلال كريمي، لـ"العربي الجديد"، إن "العمليات تُجرى بكل مهنية، ووفق تعامل حسن من الناس، وقد تمكنت القوات من جمع أطنان من الأسلحة، من بينها ستة صهاريج مليئة بالأسلحة كانت في أحد منازل مدينة قندهار، كذلك ضُبطَت طائرة دون طيار في أحد منازل مدينة هلمند، وهذا هو الهدف الرئيسي للحملة، وليس مضايقة المواطنين بالتأكيد".

في 20 من سبتمبر، قتلت ثلاثة نساء، وأصيب عدد من المواطنين في منطقة "بوست كلا"، عندما منع مواطنون القوات من الدخول إلى منزل، ما أدى إلى إطلاق فرد من القوات الأمنية الرصاص، بينما لدى طالبان رواية مختلفة لتلك الواقعة.
وقال رئيس إدارة الإعلام في الولاية، حفيظ رشيد، في بيان، إن "سوء تفاهم وقع بين اثنين من المسلحين، وتطور إلى إطلاق النار، ما أدى إلى مقتل امرأتين وإصابة رجلين"، وإن طالبان تحقق في القضية.
ووقع حادث مماثل في مدينة قندهار، قتل فيه أربعة مدنيين خلال تفتيش قوات طالبان لمنزل جنرال سابق في الجيش، يدعى محمود خان عليزاي، الذي قال لوسائل إعلام محلية إن قوات طالبان قتلت عدداً من أفراد أسرته، من بينهم زوجته وابنه وابن شقيقه وقريب آخر.
لكن حكومة قندهار المحلية، أكدت في بيان، أنه "خلال عمليات التفتيش، انفجرت متفجرات كانت موجودة داخل منزل الجنرال، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص".
ليست هذه الأحداث ومقتل العديد من المدنيين التي تغضب المواطنين فحسب، بل إن العمليات برمتها تقلق كثيراً من الأفغان، خاصة أنها تأتي بعد عمليات مماثلة استمرت لمدة أسابيع في العاصمة كابول.

المساهمون