بعد مرور خمسين يوماً على إضراب المعلمين في المدارس الحكومية الفلسطينية بالضفة الغربية، تقدّم الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان، اليوم الاثنين، بمقترح لمعالجة أزمة التعليم والمعلمين من خلال مبلغ من أرباح صندوق الاستثمار الفلسطيني، من دون التأثير على الخزينة العامة، إلى جانب التشديد على أهمية دمقرطة الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين.
وفي حين لم يتسنّ لـ"العربي الجديد" الحصول على ردّ من الحكومة الفلسطينية ووزارة التربية والتعليم على المقترح المقدّم، فإنّ مصدراً في حراك المعلمين وصفه بأنّه الأفضل حتى الآن لجهة الشقّ المالي، لكنّه شدّد على رفض العودة إلى الدوام من دون إعطاء المعلمين حقّ تشكيل نقابة ديمقراطية.
وأوضح ائتلاف "أمان"، في بيان أصدره اليوم، أنّه أرسل المقترح إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي ينصّ على معالجة أزمة التعليم وتحقيق العدالة والإنصاف للمعلمين من خلال تخصيص مبلغ مناسب من أرباح صندوق الاستثمار الفلسطيني، واصفاً إياه بـ"صندوق الشعب الفلسطيني". أضاف أنّ المبلغ يُحوَّل إلى الخزينة العامة على شكل سلفة لمدّة ثلاث سنوات، تُسترَدّ من الأرباح، وتُخصَّص لحلّ أزمة المعلمين الحالية.
أضاف ائتلاف "أمان" أنّه أرسل المقترح كذلك إلى رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى، طالباً منه دراسته والمبادرة إلى حلّ هذه الأزمة بشقّها المالي من أموال الشعب الفلسطيني لدى الصندوق. ورأى الائتلاف أنّ صندوق الاستثمار الفلسطيني من أهمّ الموارد الفلسطينية التي تهدف إلى حماية الاقتصاد الفلسطيني والمصلحة الوطنية ومن أفضل الموارد لحلّ الأزمات المالية، وبالتالي، فإنّ من شأن مساهمته أن تحلّ المشكلة المالية من دون المساس بالموازنات المخصّصة لأيّ مركز مسؤولية يتقاضى من الخزينة العامة، ومن دون المساس بحقوق العاملين في القطاع العام.
ورأى المصدر في حراك المعلمين أنّ "الشق الإداري بالنسبة إلى المعلمين لا يقلّ أهمية عن الشق المالي، ومن يظنّ أنّه من المحتمل أن نعود إلى أعمالنا بمجرّد حلّ الشق المالي هو مخطئ. فمن حقّنا تشكيل نقابة تحمينا". وأشار إلى أنّه "بالنسبة إلى الشقّ المالي، فإنّ هذا الطرح هو من أفضل الحلول المؤقتة لأزمة المعلمين المالية".
وعن "دمقرطة الاتحاد"، قال المصدر إنّ "ما أعلنه اتحاد المعلمين أخيراً من تعديل لنظامه الداخلي، هو فقط تأجيل للأزمة، ونحن لن نعطي حصة واحدة قبل إقالة الأمانة العامة والشروع في العمل لتنظيم انتخابات نزيهة من خلال تعديل شروط الترشّح والانتخاب، وإلغاء نظام المحاصصة في الأمانة العامة".
وتبدو قضية "دمقرطة اتحاد المعلمين" أكثر تعقيداً، فهو إطار يتبع للمنظمات والاتحادات الشعبية الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد قدّمت مبادرة المؤسسات والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان مقترحاً لذلك، وساعدت في إنهاء إضراب مشابه في العام الماضي.
ونصّت المبادرة في ذلك الحين على "تشكيل لجنة تراجع النظام الأساسي ولوائح وإجراءات الاتحاد العام للمعلمين، بما في ذلك آليات الانتساب والترشّح والانتخاب، وتقدّم تصوّراً مع توصيات واضحة ومحدّدة بإجراء أيّ تعديلات لازمة على هذه اللوائح بما يضمن دمقرطة الاتحاد، وخصوصاً ضمان مشاركة وتمثيل ديمقراطيَّين لجميع المعلمين والمعلمات الحكوميين، في إطار واضح وخاص بالمعلمين الحكوميين من ضمن الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين، ويلتزم الاتحاد بالتوصيات والمخرجات ويعرضها على هيئاته للمصادقة عليها".
في سياق متصل، قال محمد ارزيقات، وهو من المعلمين النشطاء، لـ"العربي الجديد"، إنّ "اتحاد المعلمين لا يمثلنا، وهو غير شرعي. فهو مفروض على المعلمين، وهو غير خاص بالعاملين في المدارس الحكومية، بل يغطّي كذلك الجامعات ورياض الأطفال والمعلمين خارج الوطن وفي وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بالإضافة إلى أنّه إطار سياسي".
وأوضح ارزيقات: "نريد نقابة مستقلة تمثل المعلمين في المدارس الحكومية"، معيداً التذكير بما نصّت عليه مبادرة الوساطة في أزمة المعلمين من "تمثيل المعلمين الحكوميين في إطار واضح وخاص بهم"، مشيراً إلى أنّ "اللجنة التي اقترحتها المبادرة تشكّلت واجتمعت وأقرّت التعديلات، لكنّ الأمين العام للاتحاد رفضها، الأمر الذي كان سبباً رئيسياً في الإضراب الحالي".
ورأى ارزيقات أنّ "ما أعلنه الاتحاد أخيراً من إقرار تعديلات المجلس المركزي كان مبطناً، إذ طلب الاتحاد من المعلمين الانتساب إليه من أجل المشاركة في انتخاباته وليس لتشكيل الإطار المشار إليه". وطالب بـ"استقالة الأمانة العامة الحالية للاتحاد وتشكيل لجنة تسيير أعمال، لها سقف زمني محدّد وواضح".
وكان رئيس الوزراء محمد اشتية قد أكّد في مستهلّ اجتماع الحكومة الأسبوعي، صباح اليوم الاثنين، أنّ مجلس الوزراء سوف يقف عند مسؤولياته في ضمان الحقّ في التعليم، بكلّ ما يتطلبه ذلك من إجراءات وتدابير وفقاً لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وللتلاميذ. أضاف اشتية أنّ الحكومة قامت بكلّ ما يلزم تجاه المعلمين ومطالبهم، سواء لجهة إضافة 15 في المائة على قسيمة الراتب أسوة ببقية النقابات وغيرلاذلك، و"بناءً عليه، نأمل التزام المعلمين بواجباتهم الوظيفية والعودة إلى مدارسهم".
تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة الفلسطينية قرّرت صرف خمسة في المائة من العلاوة، المتفق عليها في العام الماضي، مع راتب شهر مارس/ آذار الجاري، فيما يُثبَّت الباقي وهو 10 في المائة على قسيمة الراتب وتُصرَف عند توفّر الأموال في الموازنة العامة.