لجأ معلّمو حوالي 60 مدرسة تطوعية، في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في إدلب شمال غربي سورية، للإضراب احتجاجاً على حالة عدم الاستقرار التي يعيشها المدرّسون منذ عام 2018، وعدم توفّر مصادر الدخل لهم. مما تسبب في ترك العديد منهم العمل في التدريس والتوجّه لمهنة أخرى.
ويتطلع المعلّمون لإيجاد حل حقيقي لمشكلتهم، خاصة مع بدء الفصل الدراسي الثاني، في الثاني من فبراير/ شباط المقبل.
من جهته، يقول المدرّس ياسر الأحمد، من منطقة جسر الشغور لـ"العربي الجديد"، بأنّ "الإضراب هو احتجاج بالدرجة الأولى على موضوع التطوّع"، فمنذ ثلاث سنوات هو يعمل مدرّساً من دون راتب، والعمل التطوعي بات صعباً للغاية، وهذه المشكلة تتكرّر، من دون حلول بالمنظور القريب.
وأضاف الأحمد: "نحتاج إلى حلول حقيقية، والكثير من مدارس مجمع أريحا ومجمع جسر الشغور التي يعمل فيها المدرّسون بشكل تطوعي، أعلنت الإضراب مع بدء العطلة الانتصافية. نأمل أن يكون هناك جهود حقيقية لحلّ المشكلة".
في المقابل يوضح مصطفى المحمود، وهو مدرّس من أبناء مدينة بنش القريبة من إدلب لـ"العربي الجديد"، أنّ توفير دخل للمدرّس هو أولوية، خاصة بعد سنوات من العمل التطوعي.
أضاف المحمود: "هناك مناطق مثل مدينة بنش، لجأت إلى حلّ مؤقت، وهو تشكيل لجان لجمع أموال من المتبرّعين بالاشتراك مع مؤسسة مداد، إضافة إلى أنّ المؤسسة تتبرّع بمبلغ يوازي المبلغ الذي يُجمع من المتبرّعين. ففي حال جمعت اللجنة مبلغ 2000 دولار مثلاً، تقدّم المؤسسة 2000 دولار إضافية، ليكون المجموع الكلي هو 4000 دولار، ويتم من بعدها توزيع المبلغ الذي تمّ جمعه على المدرّسين العاملين بشكل تطوعي، ولكن هذا يحدث في مناطق قليلة".
وأعلن الكادر التدريسي في العديد من مدارس أريحا وجسر الشغور، عن إضرابهم عن العمل مع حلول الفصل الدراسي الثاني، ومنهم كادر مدرسة "عبد الرحمن عبيدو" في مدينة أريحا. وجاء في بيان مدرّسي المدرسة: "نعلن إضرابنا عن الدوام بداية الفصل الدراسي الثاني حتى إيجاد حلّ جذري لمشكلة التطوع وتضامناً مع بقية المدارس، وذلك لما يشهده قطاع التعليم في مناطقنا المحرّرة من تدهور وعجز في تأمين أبسط الحقوق لهذه الكوادر".
ويُقدّر عدد المدارس التي أعلنت الإضراب بنحو 60 مدرسة، حيث بدأ إضراب المعلّمين في المدارس بشكل متسلسل مع نهاية الفصل الدراسي الأول، أي قبل نحو أسبوعين.
بدورها، أوضحت المدرّسة مريم العبد الله، أنّ الوضع يتجه نحو الأسوأ والمدارس الخاصة هي فقط التي ستستمر في العمل في مناطق شمال غرب سورية، في حال بقي الوضع على حاله. وتضيف: "من يمتلك المال سيكون قادراً على تدريس أبنائه أما الفقراء فلن يكونوا قادرين على ذلك".
وكانت مديرية تربية إدلب أطلقت في نوفمبر/ تشرين الثاني، حملة لدعم المدارس التطوعية في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة من المحافظة الواقعة شمال غربي سورية، في إطار حلول لمواصلة العملية التعليمية بالمنطقة. ووفقاً لإحصائيات مديرية التربية، يبلغ عدد الكوادر العاملة بشكل تطوعي 5707، أما عدد الطلاب في المدارس التطوعية البالغ عددها 450 مدرسة، فيقدر بـ130044 طالباً، فيما يبلغ عدد المتسرّبين 145258 طالباً.
وأظهرت دراسة صدرت عن وحدة تنسيق الدعم، وهي مؤسسة سورية وطنية غير حكومية، تعمل على مضاعفة الأثر للمساعدات المقدمة للشعب السوري، أنّ المنظمات الإنسانية المحلية تدفع رواتب 54 بالمائة من المدرّسين، بينما 18 بالمائة منهم يتلقون رواتبهم من التربية الحرة، فيما يحصل 17 بالمائة منهم على الرواتب من المنظمات الدولية، إضافة إلى 12 بالمائة يحصلون على رواتب من وقف المعارف التركي (يقدّم الخدمات التعليمية خارج تركيا).