رصدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان امتناع 50 مصرياً على ذمّة قضايا سياسية موزّعة على أربعة محاضر، في ما يُعرف بالمحاضر المجمعة بمحافظة الشرقية، عن المثول أمام قاضي التحقيقات، وذلك رفضاً لتدويرهم على ذمّة قضايا جديدة.
ومصطلح "التدوير" يعني إعادة اتّهام وإدراج عدد من الذين يحصلون على البراءة أو إخلاء السبيل في قضايا جديدة، وهي جريمة متكرّرة واسعة الانتشار يتعرّض لها معارضون سياسيون في مصر. أمّا التوصيف القانوني الحقيقي لذلك، فيندرج تحت جريمة "الاعتقال التعسفي"، بلا سند قانوني، بحسب ما يفضّل محامون حقوقيون ومنظمات تسميتها.
وعلى الرغم من امتناع المتّهمين السياسيين عن المثول أمام القاضي، فقد قضت محكمة جنايات الزقازيق باستمرار حبسهم 45 يوماً، متجاهلة أسباب شكاويهم. وكانت الشبكة المصرية قد رصدت ووثّقت في السنوات الماضية اتّساع دائرة الاتهامات وتدوير المتّهمين السياسيين والتعنّت في تنفيذ أحكام وقرارات إخلاء سبيلهم.
كذلك ذكرت الشبكة أنّ محافظة الشرقية تُعَدّ من أكثر المحافظات في مصر التي تشهد تدوير متّهمين في قضايا سياسية. ورصدت قيام جهاز الأمن الوطني بمحافظة الشرقية بمعاونة النيابة العامة بمراكز المحافظة، بتدوير متّهمين من أبناء المحافظة والحاصلين على قرارات إخلاء سبيلهم، سواء بأحكام بالبراءة أو المنتهية فترة محكوميتهم، وتدويرهم على ذمّة قضايا جديدة ليستمرّ حبسهم قانونياً.
وأوضحت الشبكة أنّ سياسة العقاب والحبس والتدوير على ذمّة المحاضر المجمعة، التي دأبت على ممارستها السلطات الأمنية والنيابة العامة أخيراً، تمثّل انتهاكاً صارخاً للحقوق والمواثيق كافة، نظراً إلى تدوير أعداد كبيرة من المتّهمين السياسيين من أماكن متفرقة ولأسباب مختلفة في محضر واحد مجمع، لمزيد من التنكيل وضمان استمرار حبسهم واحتجازهم "تحت سيف القانون".
تجدر الإشارة إلى أنّ منظمات حقوقية مصرية وثّقت اتّساع حجم ظاهرة التدوير في القضاء المصري على مدى السنوات الماضية، كأداة عقاب وعقوبة بغير حكم قضائي. وبيّنت أنّ هذه الظاهرة بدأت في نهاية عام 2017 مع 50 حالة، وارتفعت لتصل إلى 80 حالة في عام 2018، ثمّ إلى 300 حالة في عام 2019. واستمرّت في الارتفاع ليصل عدد الحالات إلى نحو 500 في عام 2020. ووفقاً لآخر إحصاءات مركز شفافية للأبحاث والتوثيق وإدارة البيانات، الذي رصد عدد حالات التدوير بعد انتهاء مدّة الحبس الاحتياطي أو قرارات إخلاء السبيل حتى نهاية عام 2021، فقد تبين أنّ العدد تخطّى 770 حالة تدوير، وهي ما زالت تتزايد حتى الآن.