تراجعت جودة التعليم في سورية خلال السنوات الماضية بشكل حادّ، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وذلك جراء ما وصفه مراقبون بـ"الإهمال الكبير والتعاطي اللامسؤول من قبل النظام مع ملفّ التعليم".
وفي السياق، يؤكّد الباحث التربوي محمد معن المصطفى، لـ"العربي الجديد"، أنّ العملية التعليمية تراجعت في سورية أسوة بباقي القطاعات الخدمية، ذلك لاعتبارات متعددة، منها ما هو مرتبط بطبيعة النظام واختياره إدارات وكوادر ذات ولاء للسلطة على حساب أصحاب الكفاءة والخبرة، وبالتالي، أدّى ذلك لعدم وجود كوادر تعليمية قادرة على النهوض بالقطاع وتطويره.
ومن بين أسباب التراجع، حسب المتحدث، خروج الآلاف من المعلمين ذوي الكفاءة والخبرة نتيجة الأوضاع العسكرية والأمنية، التي لاحقت الكوادر بشكل عام والمعلمين بشكل خاص، ما أفقد السلك التعليمي كثيرين منهم بسبب التصفية أو الاعتقال أو اللجوء.
وأغرق الفساد العملية التعليمية وفق ما يوضح المصطفى بالقول: "كذلك الفساد المستشري في القطاع، وعدم ضبط عملية التقويم والقياس للطلاب، ما جعل معايير النجاح والحصول على الدرجات مرتبطة بإمكانية دفع الرشوة، وليس بالقدرات التعليمية والعقلية والمنهجية للطالب".
وييبّن المصطفى أن النظام أخذ على نفسه وإدارته عهدا منذ بداية الحراك الثوري أن يضبط النفقات المالية، إلا في ما يتعلق بالأمور العسكرية والتعليمية، وبالتالي، خلال عشر سنوات، لم يتم تطوير المناهج، بما يتوافق مع التطور العلمي والاكتشافات الحديثة، ولم يتم بناء مراكز تعليمية ذات مواصفات جديدة، بل ما حدث هو العكس، حيث إن الكثير من البنى التعليمية خرجت من الخدمة من دون أي ترميم، وذلك نتيجة استخدامها قواعدَ عسكريةً للنظام، أو تعرضها للتدمير الكلي أو الجزئي جراء الاستهداف من قبل الوحدات العسكرية التابعة للنظام وجيشه.
ووفق تصنيف "مراجعة سكان العالم"، وهي منظمة مستقلة مقرها الولايات المتحدة الأميركية متخصصة في البيانات، لا توجد سورية ضمن البلدان الـ78 وفق مؤشر جودة التعليم في المنظمة. ما يعكس سوء الواقع التعليمي في سورية.
وتداولت صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخراً، تفاصيل تصنيف سورية في منتدى دافوس لجودة التعليم لعام 2021، منسوبا لوكالة الأنباء الفرنسية، الأمر الذي نفته الوكالة في تقرير لها، لافتة إلى أن التقرير المتداول يعود لعام 2017.
بدورها، ردّت وزارة التربية والتعليم التابعة للنظام السوري على هذه الشائعات في بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك، أكدت فيه أن سورية لم تدعَ ولم تشارك في منتدى "دافوس"، الذي يعتمد على 12 معيارا أساسيا لقياس جودة التعليم، تضم المؤسسات والابتكار، وبيئة الاقتصاد الكلي، والصحة والتعليم الأساسي، والجامعي والتدريب، وكفاءة أسواق السلع، وكفاءة سوق العمل، وتطوير سوق المال، والجاهزية التكنولوجية، وحجم السوق، وتطور الأعمال والابتكار. ودافعت بالقول إنها تطور مناهجها بالتعاون مع "يونسكو"، مضيفة في بيانها أن هذا التصنيف لا يشكل أي أهمية.
من جهته، يلفت المدرس وأخصائي التربية محي الدين العبد الله، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ النظام عاجز عن تطوير العملية التعليمية، ويضيف "بعيدا عن توضيح الأسباب الحقيقية لتدني جودة التعليم وتراجع العملية التعليمية، النظام استهدف المدارس في كافة المناطق السورية، وقصفها بالطائرات، وعند هذا الأمر تقف كافة مبررات وزارة التربية التابعة له أو أي جهة تبرر تدني التعليم في سورية".
ويضيف "العملية التعليمية انهارت في سورية، وإعادة إحيائها صعبة للغاية مع إقصاء المعلمين وذوي الخبرة وإهمال المناهج".
وتشير الإحصائيات المحلية إلى أن نحو 1426 مدرسة تعرضت لدمار جزئي أو كلي في منطقة شمال غرب سورية، نتيجة القصف المدفعي أو من قبل الطائرات الحربية التابعة للنظام السوري وروسيا.