طالب فريق نيابي مُعارض في المغرب، بتشديد عقوبة جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال وبعدم التساهل معها، وذلك بعد توالي حوادث اغتصاب وقتل عدد منهم في السنوات الأخيرة.
ودعا الفريق النيابي من حزب "التقدم والاشتراكية"، من خلال مقترح قانون تقدّم به أمس إلى مكتب مجلس النواب المغربي، إلى رفع العقوبة الحبسية من سنتين إلى خمس سنوات الواردة في الفصل 484 من القانون الجنائي، إلى عقوبة سجنية تبدأ من عشر إلى عشرين سنة، وكذا بغرامة من 50.000 درهم (نحو 5 آلاف دولار) إلى 100.000 درهم (نحو 10 آلاف دولار)، لكل من اعتدى جنسياً أو حاول الاعتداء الجنسي على قاصر تقلّ سنه عن 18 سنة، أو عاجز أو معوق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية سواء كان ذكراً أو أنثى".
وينصّ مقترح القانون، الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، على أنه إذا كان المجني عليه قاصراً دون الثامنة عشرة سنة، أو كان عاجزاً أو معوقاً أو معروفاً بضعف قواه العقلية، فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وبغرامة من 100.000 درهم (نحو 10 آلاف دولار) إلى 500.000 درهم (نحو 50 ألف دولار).
وبحسب الفريق النيابي، فإن مقترح القانون جاء بعدما لاحظ أن "مظاهر الاستغلال الجنسي للطفلات والأطفال ببلادنا، اتخذت خلال السنوات الأخيرة أبعاداً خطيرة وغير مسبوقة، وتفاقمت بشكل كبير، إذ تعتبر من الجرائم الشاذة التي تمسّ بالشعور الإنساني العام، ومن الجرائم التي نتداولها بشكل يومي في فضاءاتنا العمومية والخاصة وفي وسائل الإعلام وفي غيرها من الفضاءات".
وأوضح الفريق في المذكرة التقديمية لمقترح القانون، أن الأسر المغربية أصبح شغلها الشاغل حماية فلذات أكبادها من كل تهور إجرامي وسلوك عدواني يفتقد للآدمية، إذ لا تكاد تنتهي تداعيات جريمة من هذا النوع، حتى تتكرر وقائع وحوادث اغتصاب جديدة يهتز لها الرأي العام.
واعتبر أن "جريمة الاعتداءات الجنسية على الطفلات والأطفال تُعَدّ من الجرائم الأكثر فظاعة، وتكمن خطورتها في كونها من الجرائم المسكوت عنها لعدة اعتبارات، أنها لا تزال سائدة في مجتمعنا، وأنها من التابوهات داخل المجتمع، وهي اعتبارات لم نستطع التخلص منها، فمعظم الحالات لا يتم الإبلاغ عنها، ومرد ذلك إلى خوف أسر الضحايا أو الضحايا أنفسهم من ردة فعل محيطهم، لذلك نجدهم يفضلون إخفاء ما حدث على التبليغ عن حادث الاعتداء الجنسي".
ولفتت المذكرة التقديمية لمقترح قانون حماية الطفلات والأطفال من جرائم الاعتداءات الجنسية، إلى أنه "في ظل غياب إحصائيات دقيقة حول هذه الظاهرة؛ فإن الأرقام والمعطيات الصادرة بشأنها، مجرد تكهنات تقريبية لا تعكس الواقع المرير الذي تتعرض له الطفولة بشتى الأنواع والوسائل".
وأضافت المذكرة أنه "على الرغم من الجهد التشريعي الذي بذلته بلادنا، وانخراطها في العديد من التشريعات الدولية ذات الصلة بحماية الطفولة والموافقة عليها، وعلى رأسها البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الطفلات والأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية الموقّع بنيويورك في 25 مايو/أيار 2000؛ فإن أجرأة (تفعيل) هذه الترسانة القانونية على أرض الواقع لم يعط النتائج المأمولة منه".
إلى ذلك، اعتبر الفريق النيابي أن السبب الرئيس وراء تزايد حالات الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال في المغرب "هشاشة المنظومة القانونية المتعلقة بحماية الطفل"، داعياً إلى "عدم التساهل مع جرائم الاعتداء الجنسي في حق الطفلات والأطفال، وأن يكون القانون سداً منيعاً أمامها، من خلال الضرب بيد من حديد، على كل من سولت له نفسه اغتصاب طفلة أو طفل، ووضع حد لكل السلوكيات المشينة التي تمس كرامة الطفولة التي هي من كرامة الأسرة والمجتمع".
ويعيش الشارع المغربي حالاً من الغضب بعد توالي حوادث اغتصاب وقتل الأطفال في السنوات الأخيرة، وطالبت منظمات تُعنى بقضايا الطفولة بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق مرتكبي تلك الأفعال الإجرامية، وعمدت منظمات غير حكومية إلى إثارة نقاش حول صرامة القوانين المغربية.
وينص القانون الجنائي المغربي على معاقبة أفعال هتك العرض أو محاولة هتكه، في حقّ كلّ طفل أو طفلة، بعقوبة السجن لمدة تراوح بين سنتين وخمس سنوات، وتتضاعف العقوبة في حالة اقتران هتك العرض بالعنف، فيُحكم على الجاني بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة. أمّا الاغتصاب المرتكب في حقّ فتاة تقلّ سنّها عن 18 سنة، أو العاجزة أو المعوّقة أو الحامل، فيعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة، وتتضاعف العقوبة إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو ممّن لهم وصاية عليها.