مطالب بتحديد المسؤوليات بعد عام على مقتل مهاجرين في مأساة مليلية

22 يونيو 2023
أحد العروض المسرحية وسط مدريد تكريماً للمهاجرين الذين قُتلوا في مليلية (فرانس برس)
+ الخط -

قبل عام قُتل ما لا يقل عن 23 مهاجراً، في محاولة اقتحام جيب مليلية المحتل من طرف إسبانيا عبر معبر حدودي شماليّ المغرب. في الذكرى الأولى للفاجعة، يندد نشطاء حقوقيون بعدم إنزال أي عقوبة حتى اليوم.

على الرغم من حملة الإدانات التي أثارها تدخل الشرطتين المغربية والإسبانية، يقول النائب الإسباني في البرلمان الأوروبي عن حزب بوديموس اليساري الراديكالي ميكيل أوربان كريسبو، لوكالة فرانس برس: "ما زال هناك إفلات تام من العقاب"، ما يشكّل برأي النائب الذي يُعَدّ من أكبر منتقدي المغرب وإسبانيا في هذا الملف "سابقة فظيعة بالنسبة إلى أوروبا وإسبانيا".

في 24 يونيو/ حزيران حاول قرابة ألفي مهاجر غير قانوني متحدرين بمعظمهم من السودان، البلد الفقير الذي يعاني نزاعات، اقتحام مدينة مليلية بالقوة، من خلال تسلق سياج حديدي عالٍ عند معبر حدودي مغلق بين الجيب ومدينة الناظور المغربية.

وأدى الحادث إلى مقتل 23 مهاجراً، بحسب السلطات المغربية، وهي أعلى حصيلة تسجل في محاولات اقتحام جيبي مليلية أو سبتة المحتلتين شماليّ المملكة، اللذين يشكلان الحدود البرية الوحيدة بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي.

لكنّ منظمة العفو الدولية وخبراء مستقلين عيّنهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يقدرون الحصيلة بما لا يقل عن 37 قتيلاً، فيما يقول نشطاء حقوقيون إنّ 76 آخرين في عداد المفقودين.

تحقيق أغلق "مبكراً" 

ومع توجيه أصابع الاتهام إلى المغرب وإسبانيا، نفت سلطات البلدين أي استخدام مفرط للقوة، متهمة المهاجرين باتباع سلوك "عنيف" حيال قوات الأمن.

وبحسب الرباط، قتل بعض المهاجرين جراء سقوطهم من السياج الحديدي المرتفع، بينما قضى آخرون اختناقاً عند حصول "تدافع".

من جهتها أكدت النيابة العامة الإسبانية، نهاية ديسمبر/ كانون الأول، أنه "لا يمكن أن نخلص إلى أن تدخل قوات الأمن الإسبانية، "زاد الخطر على حياة المهاجرين أو سلامتهم الجسدية". وقررت حفظ التحقيق الذي فتحته غداة الحادث.

وشكل هذا القرار مصدر ارتياح بالنسبة إلى وزير الداخلية الإسباني فرناندو كراندي مارلاسكا، بعدما أضعفت الفاجعة موقفه. لكن بالنسبة إلى جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، يكشف قرار النيابة العامة عن غياب إرادة لدى البلدين لإظهار الحقيقة.

وأفادت منظمة العفو الدولية، بأنه جرى استخدام الغازات المسيلة للدموع ضد مهاجرين وضربهم فيما كانوا ممددين على الأرض. وهي الاتهامات التي أوردتها أيضاً قناة "بي بي سي" البريطانية وتجمّع الصحافيين "لايتهاوس ريبورتس"، اللذان اتهما قوات الأمن المغربية باستخدام العنف المفرط، استناداً إلى مقاطع فيديو.

مأساة.. مقتل 18 مهاجراً خلال محاولتهم الوصول إلى مليلية

ويرى النائب البرلماني الإسباني عن حزب بيلدو الانفصالي لإقليم الباسك جون أناريتو، أنّ التحقيق الإسباني الذي لم يسمح بمعرفة عدد الأشخاص الذين قضوا، ولا أسباب وفاتهم، أغلق "مبكراً".

وأضاف أناريتو الذي زار مليلية بعد وقت قصير من المأساة: "من البديهي أنّ الحكومة الإسبانية لا تريد إغضاب السلطات المغربية"، معتبراً أن مدريد تخشى رداً مغربياً يمكن أن يتمثل بالسماح لمهاجرين بالعبور، وهو ما اتُّهم المغرب بالقيام به خلال فترات توتر سابقة بين البلدين.

ولم تسجل أية محاولة عبور غير قانونية لمهاجرين انطلاقاً من الناظور نحو مليلية منذ بداية العام، فيما أحبطت السلطات المغربية 16 محاولة العام الماضي، وفق ما أفاد مصدر في وزارة الداخلية المغربية.

"نيل العدالة" 

وفي المغرب فتحت النيابة العامة في الناظور أيضاً تحقيقاً في الحادث من غير أن يفضي إلى تحديد أي مسؤوليات. وخلص في المقابل إلى إدانة 87 مهاجراً شاركوا في المحاولة، بتهم من بينها "الانضمام إلى عصابة إجرامية لتنظيم وتسهيل الهجرة السرية إلى الخارج".

وصدرت بحقهم أحكام بالسجن لفترات تراوح بين عامين ونصف وأربعة أعوام، بحسب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور.

ويؤكد رئيس الفرع عمر ناجي، ضرورة إجراء تحقيق مستقل يجيب عن "أسئلة عالقة" كثيرة، ولا سيما بشأن "76 شخصاً نجهل مصيرهم".

ويشاطره الرأي رئيس "جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة" حسن عماري، إذ يطالب هو أيضاً بتحقيق مستقل في المأساة التي "كان يمكن تفاديها لو وصلت مثلاً سيارات الإسعاف مبكراً".

وقدمت خمس منظمات حقوقية إسبانية، الأسبوع الماضي، شكوى إلى القضاء في مليلية للمطالبة بإجابات، على أمل بدء محاكمة باعتبارها "الخيار الوحيد الباقي للناجين والضحايا وعائلاتهم من أجل معرفة الحقيقة ونيل العدالة"، بحسب الناشطة في منظمة كامينادو فرانتيراس هلينا مالينو.

وجرى التعرف حتى الآن إلى جثمان ضحية واحدة قامت عائلته بدفنه بحسب السلطات المغربية، فيما لا تزال جثث باقي الضحايا في مشرحة الناظور بانتظار إجراء اختبارات الحمض النووي لتحديد هوياتهم، وفق عمر ناجي.

(فرانس برس)

المساهمون