مصر: محاكمة 5 ضباط و3 أمناء شرطة ومجند عذبوا 7 محبوسين وتسببوا في وفاة أحدهم

31 اغسطس 2024
أحد سجون مصر في صورة سابقة متداولة (خالد الفقي/ EPA)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تفاصيل القضية وأحداثها**: في 31 أكتوبر 2023، شهد قسم شرطة العمرانية حادثة تعذيب وضرب 7 محبوسين من قبل 5 ضباط شرطة، مما أدى إلى وفاة أحدهم. التحقيقات استمرت ثمانية أشهر وتم إحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية.

- **تفاصيل التحقيقات والشهادات**: بدأت التحقيقات بعد تلقي بلاغات من زوجة ووالد الضحية، واستماع النيابة لشهادات متعددة أكدت استخدام الضباط لأدوات تعذيب مثل مضارب البيسبول والصواعق الكهربائية.

- **نتائج التحقيقات والتقارير الطبية**: أكدت تقارير الطب الشرعي أن الضحية تعرض لإصابات قاتلة في الرأس والجسم، مما أدى إلى وفاته. النيابة وجهت تهم القتل العمد والتعذيب للمتهمين وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة.

تفاصيل مروعة ترويها أوراق القضية رقم 15904 لسنة 2023 جنايات العمرانية في مصر تكشف عن ساعات رعب شهدها قسم شرطة العمرانية، بمحافظة الجيزة، من خلال قيام 5 ضباط شرطة، بينهم رئيس مباحث القسم و3 أمناء ومجند بضرب وتعذيب 7 محبوسين محتجزين بالقسم والتسبب في وفاة أحدهم بعد تعذيبه وضربه "مكبل الأيدي" بـ "مضرب بيسبول" و"شومة" وصعقه بـ "صاعق كهربائي"، وإصابة 5 آخرين بإصابات بالغة نتيجة الضرب والتعذيب باستخدام "كرباج ومواسير مياه وصاعق كهربائي وشوم".

ملف القضية الذي حصل عليه "العربي الجديد" يكشف أن الواقعة حدثت يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واستمرت التحقيقات فيها مدة ثمانية أشهر بدون الإعلان عنها، وأن المتهمين أحيلوا إلى المحاكمة الجنائية "مخلى سبيلهم" على ذمة القضية باستثناء متهم واحد هارب، وأحيلت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة في مصر لتحديد جلسة خلال أيام لمحاكمة المتهمين، وقُيّدت تحت رقم 6445 لسنة كلي جنوب الجيزة، وتم التحقيق فيها من قبل المستشار هانئ سرور مدير نيابة الحوادث بنيابة جنوب الجيزة الكلية، تحت إشراف المستشار محمود غيطاس المحامي العام الأول لنيابة جنوب الجيزة الكلية.

الواقعة حدثت يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واستمرت التحقيقات فيها مدة ثمانية أشهر بدون الإعلان عنها

مصر: قائمة المتهمين في القضية

المتهمون في القضية هم كل من "أحمد هانئ علي عبد التواب العمدة 26 سنة، نقيب شرطة ومعاون مباحث قسم شرطة العمرانية، وأحمد صلاح عبد التواب حمد (هارب) 43 سنة، أمين شرطة سابق بمباحث القسم (وقت الواقعة)، وهاني عماد الدين محمد عيد 38 سنة مقدم شرطة ورئيس مباحث قسم شرطة العمرانية سابقاً (وقت الواقعة) وحالياً رئيس قسم العمليات بإدارة شرطة مرافق الجيزة".

كما ضمت مصطفى عاطف محمود سيف 33 سنة، رائد شرطة ومعاون مباحث قسم شرطة العمرانية، وعمر محمد محمود محمد الهواري 29 سنة، نقيب شرطة وضابط بالقسم سابقاً (وقت الواقعة) وحالياً ضابط بقسم أول الشيخ زايد، وحمزة محمد سلطان فتح الله عبد الرحيم، 24 سنة، نقيب شرطة وضابط بالقسم، وآدم صلاح محمد حمد 37 سنة، أمين شرطة بمباحث القسم، ومحمود خضر كيلاني عبد التواب 28 سنة، أمين شرطة بمباحث القسم، وسيد سعد سيد جنيدي 23 سنة، مجند شرطة بقسم شرطة العمرانية سابقاً (وقت الواقعة) وحالياً مجند بإدارة المرافق". 

تفاصيل القضية

بدأ انكشاف القضية من خلال أمرين، أولهما تلقي زوجة ووالد الضحية المقتول داخل القسم اتصالاً هاتفياً من أحد المحبوسين المرافقين له من داخل القسم يخبرهم فيه بالواقعة فأبلغت الزوجة النيابة العامة، وثانيها هو وصول الضحية متوفياً إلى مستشفى الهرم ووجود شبهة جنائية حول وفاته، مما دفع إدارة المستشفى إلى الإبلاغ، لتبدأ النيابة العامة رحلة تحقيقاتها الموسعة في الواقعة.

 استمعت النيابة العامة إلى أقوال هبة ناصر أبو ضيف؛ 33 سنة ربة منزل وزوجة الضحية، والتي أقرت بالتحقيقات أنه وردت لها مخابرة هاتفية من أحد المحبوسين المحجوزين رفقة المجني عليه المتوفى مفادها قيام المتهمين الأول والثاني بالتعدي ضرباً على زوجها برأسه، وأنهما استخدما في ذلك أداتين (عصوان خشبيتان "شومتان").

وأضافت بالتحقيقات أن المحبوس أخبرها أيضاً بدخول ضباط وأمناء الشرطة المتهمين في الواقعة إلى مقر حجزهم وتعديهم عليهم بالضرب، وهو الأمر الذي أقر به محمد عبد الله سيد 63 سنة، سائق ووالد المجني عليه، بالتحقيقات أيضاً.

واصلت النيابة العامة تحقيقاتها في القضية واستمعت لأقوال هيثم قديس موريس 32 سنة، فني تمريض بهيئة الإسعاف المصرية، والذي أقر بأنه القائم على نقل الضحية من ديوان قسم شرطة العمرانية إلى مستشفى الهرم بالجيزة. وأضاف أنه بتوقيعه للكشف الطبي عليه بداخل ديوان القسم تبينت وفاته، إلا أنه أجبر على نقل الجثمان إلى مستشفى الهرم.

لتستمع النيابة بعد ذلك إلى أسامة عبد الله أحمد 37 سنة، طبيب بشري بمستشفى الهرم، والذي أقر في التحقيقات أنه استقبل الضحية بمستشفى الهرم، وبتوقيع الكشف الطبي عليه فور وصوله إلى قسم الطوارئ تبين أنه متوفى.

استمعت النيابة العامة بعد ذلك إلى أقوال 17 محبوساً داخل غرفة الحجز التي كان الضحية فيها، إذ أقر أدهم صبحي نصر 19 سنة، عامل، في التحقيقات، بأنه إبان حبسه احتياطياً على ذمة إحدى القضايا بقسم شرطة العمرانية تم قيد حريته بغرفة الحجز رقم (9) محل الواقعة رفقة باقي النزلاء وعددهم 16 آخرين.

وأضاف أنه بتاريخ الواقعة فوجئ بدلوف المتهمين إليهم حال إحرازهم أدوات (مضارب لرياضة البيسبول، وعصياً خشبية "شوم"، وصاعقاً كهربائياً)، وقام المتهم الأول بالتعدي ضرباً على الضحية، وانهال عليه بضربة استقرت في رأسه باستخدام أداة "مضرب لرياضة البيسبول"، وأعقب ذلك تعدي المتهم الثاني بضربة ثانية باستخدام أداة "عصا خشبية – شومة" استقرت بذات منطقة تعدي الأول، ففقد توازنه، واصطحبوه لخارج غرفة الحجز محل الواقعة. وتابع بقيام المتهم الأول بالتعدي عليه ضرباً باستخدام عصا خشبية، مسبباً له إصابات.

كما أقر محمد عبد الحكيم عبد المطلب 20 سنة، عامل، في التحقيقات، بذات مضمون ما شهد به سابقه بشأن كيفية قيام المتهمين الأول والثاني بالتعدي على الضحية. وأردف بقيام المتهم الثاني بالتعدي عليه ضرباً بواقع ضربتين استقرتا في يده اليسرى باستخدام أداة عصا خشبية مسبباً له إصابات.

وأقر حامد أشرف حماد 20 سنة عاطل، في التحقيقات، بالمضمون ذاته الذي شهد به سابقه بشأن كيفية قيام المتهمين الأول والثاني بالتعدي على المجني عليه. وصرح بقيام المتهمين الأول والثاني بالتعدي عليه ضرباً، الأولى إبان وجوده بغرفة الحجز محل الواقعة، والثانية عقب اصطحابه لردهة المباحث، وكان ذلك باستخدامهما أدوات (عصوين خشبيتين "شومتين"، وماسورة مياه)، فأحدثا له إصابات. وأضاف أنه إبان وجوده في ردهة المباحث أبصر المتهم التاسع يقوم بالتعدي على المتوفى صعقاً بالكهرباء باستخدام أداة (صاعق كهربائي)، تنفيذاً لأوامر المتهم الثالث رئيس مباحث قسم شرطة العمرانية وقت الواقعة له إبان حضوره على مسرح الواقعة.

كما أقر مصطفى محمد عبد الهادي، 22 سنة عامل، في التحقيقات، بالمضمون عينه الذي شهد به سابقوه بشأن كيفية قيام المتهمين الأول والثاني بالتعدي على الضحية. وأضاف أنه إبان وجوده بردهة المباحث أبصر أيضاً واقعة صعق المتهم المتوفى بالكهرباء باستخدام صاعق كهرباء تنفيذاً لتعليمات رئيس مباحث قسم شرطة العمرانية وقت الواقعة.

بدوره اعترف محمد حمدي إبراهيم 37 سنة، عامل، في التحقيقات، أيضاً بكيفية قيام المتهمين الأول والثاني بالتعدي على الضحية. وأردف بقيام المتهمين من الأول حتى الخامس ومن السابع حتى الثامن بالتعدي عليه ضرباً، الأولى إبان وجوده بغرفة الحجز محل الواقعة، والثانية عقب اصطحابه لردهة المباحث، وكان ذلك حال استخدامهم أدوات (عصياً خشبية، ومواسير مياه) أحرزوها جميعاً عدا المتهم الخامس فأحرز أداة "سوط – كرباج"، فأحدثوا جميعاً به إصابات.

كما أقر أحمد صلاح فوزي 37 سنة، عامل، بما شهد به سابقه بشأن كيفية قيام المتهمين الأول والثاني بالتعدي على الضحية. مشيراً إلى قيام المتهمين من الأول حتى الرابع والسادس بالتعدي عليه مرتين ضرباً؛ الأولى إبان وجوده بغرفة الحجز محل الواقعة والثانية اصطحابه لردهة المباحث، وكان ذلك حال استخدامهم أدوات (مواسير مياه) أحرزوها جميعاً عدا المتهم السادس الذي تعدّى عليه ضرباً بيديه فأحدثوا به إصابات.

وهو الأمر الذي أقره المحتجزون بالغرفة ذاتها وهم "مصطفى طه عبد البصير 31 سنة، عامل، ومحمد أمين محمود 29 سنة، عامل، ومحمود عبد اللطيف السيد 36 سنة، عامل، وسيد محمد طه 33 سنة، عامل، وأحمد عمر عبد المنعم 20 سنة، طالب، ومايكل نبيل نصيف 43 سنة، عامل، وأحمد عبد الواحد حبيب 40 سنة، عامل، وصلاح نصر محمد 20 سنة، طالب".

كما أقر عبد الله عشم الله مرعي 20 سنة، عامل، في التحقيقات، بأنه إبان حبسه احتياطيا على ذمة أحد القضايا بقسم شرطة العمرانية تم تقييد حريته بغرفة الحجز رقم (9) محل الواقعة. وأضاف أنه بتاريخ الواقعة دلف العديد من ضباط وأفراد القسم حال إحرازهم لأدوات (عصي خشبية "شوم"، وصاعق كهربائي) وتعدوا على السجناء، ومن بينهم المتوفى، إلا أنه تمت السيطرة على النزلاء واصطحاب الضحية وبعض من النزلاء خارج غرفة الحجز محل الواقعة لوحدة المباحث.

واصلت النيابة تحقيقاتها واستمعت لأقوال العاملين بقسم شرطة العمرانية، أمين محمد أبو زيد 49 سنة، أمين ثان شرطة بقسم شرطة العمرانية، ومحمود مرزوق حسين 44 سنة، أمين ثالث شرطة بقسم شرطة العمرانية. حيث أقرا بالتحقيقات بأنه إبان وجودهما بقسم شرطة العمرانية لمباشرة مهام عملهما، أبصرا المتهمين (5 ضباط و3 أمناء شرطة ومجند) بالقسم، حال إحرازهم لأدوات (عصي خشبية "شوم") ودلفوا لغرفة الحجز رقم (9) محل الواقعة، وقاموا بالتعدي على بعض من النزلاء ضرباً باستخدام أدواتهم. وأضافا بإبصارهما لبعض من المحجوزين بغرفة الحجز، من بينهم الضحية، مكبلي الأيدي حال إصطحابهم للطابق العلوي لمكتب المتهم الثالث، رئيس مباحث قسم شرطة العمرانية وقت الواقعة. واستطردا بإبصارهما للمتوفى عقب إنزاله وقد فارق الحياة، وقد أرشدا عن مكان بعض الأدوات التي استخدمها المتهمون في ارتكاب الجرائم محل الواقعة.

وتمكنت النيابة العامة بالفعل من ضبط 5 عصي خشبية "شوم" بردهة غرف الحجز بديوان قسم شرطة العمرانية بإرشاد من قبل أميني الشرطة، وبعرضها على المحبوسين بالقسم المعتدى عليهم من قبل الضباط وأمناء الشرطة المتهمين، شهدوا أنها من ضمن الأدوات المستخدمة في التعدي عليهم وإحداث إصابتهم، وقد تم التحفظ عليها وتحريزها بالقضية. 

واستمعت النيابة العامة أيضاً إلى أقوال سيف محمد جمال 24 سنة ملازم أول شرطة ورئيس تحقيقات قسم شرطة العمرانية، والذي أقر في التحقيقات بأنه إبان حدوث الواقعة قام بغلق الباب الداخلي للقسم، ولم يسمح لأحد بالدخول أو الخروج منه. وأضاف الضابط بالقسم في أقواله بأنه لم يقم بإدخال المتهمين الأول والسادس (ضابطين) إلى قسم الشرطة.

آخر مراحل التحقيق من قبل النيابة كانت في مصلحة الطب الشرعي، وبيان حالة المتوفى والمعتدى عليهم من المحبوسين، إذ أقرت بانسيه عبد الفتاح أحمد 37 سنة، طبيبة شرعية بمصلحة الطب الشرعي، بالتحقيقات، أنها القائمة على مناظرة وفحص وتشريح جثمان الضحية. وأضافت أنه تبين لها وجود عدد من الجروح بقمة يسار فروة الرأس، وكدمات منتشرة بقمة الكتف اليمنى وأعلى العضد الأيمن ومقدمة الفخذ الأيسر والعضد الأيسر ومقدمة الساق اليسرى وخلفية الكتف الأيسر، وعدة جروح بيمين العنق والوجه والبطن وكيس الصفن (الخصيتين)، وسحج (كشط) بأسفل الفخذ، وسحج بالجانب الأيسر للحوض.

وتابعت بأن الوفاة نتيجة حدوث الإصابات بالرأس وما أحدثته من كسر منخسف بعظام الجمجمة وانضغاط بنسيج المخ مقابلها وأوذيما (احتباس السوائل بالجسم) عامة بنسيج المخ، ورجحت في كون تلك الإصابات قد نتجت عن التعدي بجسم أو أجسام صلبة راضة مثل العصي الخشبية وما في حكمها. وأردفت أن الواقعة بمجملها جائزة الحدوث على النحو الوارد بالتحقيقات، وفي تاريخ معاصر لتاريخ حدوث الواقعة، مشيرة إلى أنه وعقب التعدي على الضحية وإحداث إصابته التي أودت بحياته يمكن أن يظل حياً لفترة زمنية وجيزة لا تتعدى 24 ساعة.

كما ثبت بتقرير الطب الشرعي الخاص بالضحايا المعتدى عليهم في قسم الشرطة من المحتجزين الستة، أن إصاباتهم حيوية حديثة ذات طبيعة رضية احتكاكية حدثت من الضرب بجسم صلب راض أياً كان نوعه، وهي جائزة الحدوث من التعدي عليهم بعصى خشبية أو شوم على النحو الثابت بالتحقيقات وفي تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة.

عقب انتهاء التحقيقات، وجّهت النيابة العامة إلى المتهمين في قرار إحالتهم إلى المحاكمة الجنائية تهم أنهم في يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بدائرة قسم شرطة العمرانية بمحافظة الجيزة، قام المتهمان الأول والثاني بضرب الضحية المتوفى أحمد محمد عبد الله سيد عمدا.

المساهمون