مصر: قنابل الغاز تحاصر معتقلي استقبال طرة

12 نوفمبر 2020
ظروف مأساوية داخل سجون مصر (Getty)
+ الخط -

أعلن مركز الشهاب لحقوق الإنسان -منظمة مجتمع مدني مصرية- أنه حصل على رسالة استغاثة من معتقلي سجن استقبال طرة، جنوبي القاهرة، قالوا فيها إنهم تعرضوا لاقتحام زنازينهم والاعتداء البدني عليهم، وأصيب العديد بضيق تنفس بعد إلقاء إدارة السجن قنابل غاز مسيلة للدموع عليهم.

وحسب الرسالة التي حصل عليها المركز، يرجع سبب الاعتداء إلى اعتراض إدارة السجن على نقل أحد المرضى إلى المستشفى ثم الهجوم  على السجناء بقنابل الغاز بعد اعتراضهم، ما يشكل خطورة على المرضى وكبار السن.

وفي الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن معتقلو سجن استقبال طرة، إضرابهم عن استلام التعيين -طعام السجن- بعد تصاعد الانتهاكات التي تقوم بها إدارة السجن ضد المحتجزين، وذلك على خلفية تعرض اثنين من السجناء للصواعق الكهربائية، يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووضعهم في التأديب مرتدين الملابس الداخلية فقط، بجانب الاعتداء على السجناء الباقين إذ جردت إدارة السجن الزنازين بشكل كامل من أي طعام وشراب وملابس وجرادل المياه، إضافة إلى إزالة المرواح في بعض الزنازين.

ومنذ يوم 28 سبتمبر/أيلول الماضي، تم منع زيارة العيادة أو الشراء من الأماكن المخصصة أو التريض، وأيضا منع السجناء من سحب أموالهم من الأمانات بشكل كامل، وأخيرا تقييد السجناء بالكلبشات أثناء الزيارات.

ونتيجة للتعنت ضدهم، رفع السجناء عدة مطالب وأهمها: "حضور النيابة وإثبات حالة السجن، والتحقيق مع من قاموا بالتعدي بالصواعق الكهربائية على السجناء. وإعادة التريض والسماح بزيارة العيادات والكانتين والسحب من الأمانات كما كان الحال في السابق. والتوقف عن تقييد السجناء بالكلبشات داخل السجن وأثناء الزيارات. وخروج جميع الذين تم وضعهم في التأديب مع حملة التجريد، وإرجاع كل متعلقات السجناء التي تمت مصادرتها (الملابس، أواني الطعام وسخان الطعام وأغطية النوم والأدوية".

سوء المعاملة والتعذيب داخل سجن استقبال طرة ليسا أمرين جديدين أو مستحدثين، فمنذ إنشائه عام 1977 بقرار من الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، شهد استقبال السجناء من أصحاب الرأي والرؤى السياسية، وعلى رأسهم تيارات الإسلام السياسي والعديد من قيادات اليسار، وظهرت فيه العديد من الانتهاكات، بينها: "الحبس الانفرادي، والصعق بالكهرباء، والمنع من الزيارة "، وغيرها من الانتهاكات المخالفة للقانون والدستور.

وحسب مبادرة "خريطة التعذيب" وهي مبادرة حقوقية مصرية، فإن عام 1981 شهد سجن استقبال طرة إقبالا شديدا نتيجة سلسلة الاعتقالات التي أمر بها السادات، والتي شملت أساتذة جامعات وصحافيين وسياسيين من المعترضين على سياسة السلام مع إسرائيل، وتحول السجن من مكان يضم المعتقلين المتشددين سياسيا والمغضوب عليهم من قبل النظام، إلى مكان يضم صفوة المجتمع المصري. وتم رفع قوة الحراسة بالسجن وألحق به أفراد من القوات الخاصة، ومجندو قوات منطقة السجون والأمن المركزي.

وتحول سجن استقبال طرة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى مكان عُرف عنه التعذيب وسوء المعاملة، حيث اعتقل فيه قياديو اليسار مع الإضرابات العمالية التي شهدتها مصر عام 1989، ونالوا الكثير من أنواع العذاب، واستمر الأمر إلى وقتنا هذا.

عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، شهد سجن استقبال طرة حالة من الهدوء النسبي لكنها سرعان ما تلاشت بسبب الاعتقالات التي طاولت الشباب بعد الثورة، بينهم أحمد دومة الذي لا يزال في الحبس الانفرادي داخل سجن استقبال طرة منذ اعتقاله، ليعود السجن مرة أخرى لممارساته القديمة.

التضييق على السجناء وسوء المعاملة يؤثر على العديد منهم بالسلب، خاصة على حالتهم النفسية التي قد تدفع البعض للانتحار، مثلما حدث مع أسامة مراد، الذي يبلغ من العمر 40 عاما، والمحكوم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات، فخلال اعتقاله تعرض للعديد من الانتهاكات فحاول الانتحار باستخدام آلة حادة نتيجة التعدي عليه بالضرب من قبل حراس السجن.

وسبق أن حذرت منظمة العفو الدولية من تردي أوضاع سجون طرة عام 2019- وفقا لبيانها- وطالبت بفتح باب الزيارة وتحسين أوضاع الاحتجاز.

وسبق أن رصد تقرير لمنظمة "كوميتي فور جستس" انتهاك التكدس الذي وصفه بـ"قنبلة موقوتة".. وأنه رغم ازدياد عدد السجون ومقار الاحتجاز منذ عام 2013، فلا يزال أكثر من 114 ألف سجين يتكدسون في مقار الاحتجاز بمعدلات تفوق سعتها الاستيعابية بمراحل عديدة.

وخلال شهري (مارس/آذار، وإبريل/نيسان) فقط، رصد التقرير 33 واقعة تكدس، وسوء تهوية في مقار الاحتجاز، التي تنوعت بين أقسام الشرطة والسجون المركزية/ العمومية. وبشأن انتهاك سوء المعاملة، رصدت المنظمة، 159 انتهاكًا ضمن سوء المعاملة، شملت ستة محاور رئيسية؛ بالإضافة للتكدس وسوء التهوية، وتوزعت الانتهاكات بين 110 انتهاكات في 19 مقرًا للاحتجاز، على الأقل، في شهر مارس/آذار الماضي. و49 انتهاكًا في 10 مقرات احتجاز، على الأقل، في شهر إبريل/نيسان.

وفي ما يتعلق بانتهاك الحرمان من الرعاية الصحية؛ قالت المنظمة إنه رغم ادعاء السلطات المصرية أمام المحافل الدولية حرصها على تقديم الرعاية الصحية للسجناء، إلا أن الوقائع التي رصدتها ووثقتها "كوميتي فور جستس" منذ يوليو/تموز 2013، تشير إلى اتباع سلطات الاحتجاز نمطًا ممنهجًا لحرمان محتجزي وسجناء الرأي من أولويات الرعاية الصحية، باختلاف شرائحهم العمرية والأيديولوجية، ودرجات إصاباتهم، وأنواع الأمراض التي تعتريهم، ما يفضي لوفاتهم في حالات عديدة.

المساهمون