رصدت منظمات حقوقية مصرية، بينها الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ثلاث وفيات في سجن "بدر3" نتيجة الإهمال الطبي خلال أقل من شهرين، وذلك منذ بدء تشغيله ونقل المعتقلين إليه باعتباره بديلاً لسجني "العقرب 1" و"العقرب 2" اللذين يخضعان لحراسة مشددة.
وأنشئ مركز "بدر" للإصلاح والتأهيل على مساحة 85 فداناً، وألحق بالمجمع الأمني في مدينة بدر. ويضم ثلاثة مراكز، أحدها "بدر 3".
وكانت وزارة الداخلية أعلنت في فيديو دعائي، نشرته في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2021، افتتاحه، وروجت لاحتوائه مباني متطورة، وأنظمة للتحكم والمراقبة، مع التأكيد أن نزلاء السجن سيحصلون على حقوق الرعاية الصحية، والزيارات والتريض والتعلم.
وبعد أسابيع قليلة من إعلان افتتاح مركز "بدر 3" للإصلاح والتأهيل، وثقت منظمات محلية ودولية حقائق عن تعرض محتجزين لحملة ممنهجة من التعذيب النفسي والبدني، إثر مطالبتهم بزيادة كميات الطعام وأغطية الشتاء الممنوحة لهم. وزاد الغضب الحقوقي المحلي والدولي بعد حصول وفيات في السجن نتيجة الإهمال الطبي.
وتوفي المحتجز محمد عبد الحميد الصيفي البالغ 61 عاماً، وهو عامل سابق في مسجد تابع لإدارة الأوقاف، في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد ستة أيام فقط من احتجازه في سجن "بدر 3"، نتيجة الإهمال الطبي لوضعه الصحي الدقيق، إذ كان مصاباً بسرطان الأمعاء، لكنه لم يتلقَ الرعاية الطبية اللازمة، وتجاهلت إدارة السجن حالته المتأخرة، ولم تأمر بإيداعه في مستشفى متخصص، علماً أنه كان ألقي القبض عليه في 30 سبتمبر/ أيلول 2022، ووضع في الحبس الاحتياطي على ذمة قضية جنايات أمن الدولة العليا رقم 81 لعام 2016.
وفي الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، توفي المحتجز علاء محمد السلمي (47 عاماً)، بعد 8 أعوام من سجنه على ذمة قضية أمن الدولة العليا رقم 610 لعام 2014، والحكم عليه بالسجن المؤبد، وذلك بعد شهرين من بدئه إضراباً مفتوحاً عن الطعام جعله يفقد عشرات الكيلوغرامات من وزنه الطبيعي، مع عدم تلقي أي رعاية طبية من إدارة السجن.
وكان علاء السلمي معتقلاً في سجن "العقرب 1" الخاضع لحراسة شديدة، وممنوعاً من استقبال الزوار والتريض، وهو ما استمر بعد نقله إلى سجن "بدر 3".
أما مجدى الشبراوي (58 عاماً)، وهو مدير مكتبة سابق، فتوفي في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري نتيجة للإهمال الطبي المتعمد، باعتباره لم يتلقَ الرعاية الطبية اللازمة رغم كونه مريضاً بفشل كلوي، كما منعت عنه الزيارات والحصول على فترات تريض وأدوية منذ بدء حبسه.
وأثناء احتجازه في سجن "العقرب"، قدمت أسرة الشبرواي طلبات عدة لعلاجه على نفقتهم الخاصة وعرضه على طبيب متخصص، وهو ما رفضته النيابة العامة بحجة وجود مستشفى وصيدلية داخل السجن.
وكان الشبراوي محبوساً منذ عامين ونصف على ذمة القضية رقم 2985 لعام 2015 المعروفة إعلامياً بفض اعتصام رابعة، وصدر ضده حكم بالسجن خمسة عشر عاماً، ونقل من سجن "العقرب 1" شديد الحراسة إلى سجن "بدر 3" في نهاية سبتمبر/ أيلول 2022.
وأظهر بحث أجرته منظمة العفو الدولية وشمل 16 سجناً أن "عيادات السجون تفتقر إلى الإمكانات اللازمة لتقديم رعاية صحية كافية، لكن مسؤولي السجون لا ينقلون المحتجزين في وقت مناسب إلى مستشفيات خارجية تملك الإمكانات المتخصصة، لتوفير العلاجات المطلوبة التي تتلاءم مع الحالات. ويحتمل أن يكون تقاعس السلطات عن تقديم الرعاية الصحية اللازمة، وبينها حالات الطوارئ، قد ساهم أو تسبب في وفيات كان يمكن تجنبها في أحوال الرعاية العادية الممنوحة".
وأكدت منظمة العفو الدولية أن "أمر تقديم الرعاية الصحية الفورية، وبينها للحالات الطبية الطارئة، يترك إلى تقدير الحراس وغيرهم من مسؤولي السجون".