في مشهد عبثي لا يحدث إلا في مصر، قررت النيابة العامة المصرية تجديد حبس متهم في واحدة من القضايا السياسية، في طرقة النيابة، وقررت استمرار حبسه 15 يومًا من دون حتى عرض المتهم أو سماع أقواله.
وأوردت "الشبكة العربية لحقوق الإنسان"، وهي منظمة مجتمع مدني، في بيان حول الواقعة، الخميس، أنّ "محاميها قد توجهوا إلى نيابة كفر صقر لحضور جلسة تجديد حبس رضا عبد الرحمن في القضية رقم 3418 لسنة 2020 جنح أمن دولة طوارئ كفر صقر، إلا أنهم قد فوجئوا بمشهد لا ينتمي للقانون أو العدالة، فلم يتم عرض رضا على أحد أعضاء النيابة العامة لسماع أقواله ودفاعه فيما هو منسوب إليه من اتهامات، كما ورد في قانون الإجراءات الجنائية، وإنما فور وصول رضا من محبسه، وفي طرقة النيابة، حضر أحد الأشخاص يحمل ملفات، وقام بإبلاغه بتجديد حبسه 15 يوماً، وحصل على توقيعه على محضر الجلسة، ورحل رضا مرة أخرى إلى محبسه، في مشهد عبثي، ليكمل حلقات المشاهد العبثية التي يتعرض لها المعلم القرآني".
وسرد محامو الشبكة الواقعة، ووصفوا المشهد بـأنه "عبثي وهادم للعدالة والقانون، ضمن الانتهاكات الفظة التي يتعرض لها رضا بسبب انتمائه للمذهب القرآني، منذ إلقاء القبض عليه وإخفائه قسريًا، قبل أن يظهر في نيابة كفر صقر على ذمة اتهامه باتهام هزلي، وهو الانضمام إلى تنظيم داعش".
وكان رضا عبدالرحمن قد تعرّض للقبض عليه في 22 أغسطس/آب 2020، حيث حضرت قوة إلى منزله في قرية أبو حريز بمحافظة الشرقية وألقت القبض عليه وشقيقه وعدد من أبناء عمومته، وأبلغت الأسرة بتوجههم إلى مركز شرطة كفر صقر، وفور وصولهم إلى مركز الشرطة قاموا بإطلاق سراح شقيق رضا وأبناء عمومته واقتادوه هو إلى مكان غير معلوم، وظل رهن الإخفاء القسري حتى يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وظهر رضا عبد الرحمن داخل نيابة كفر صقر، وتم التحقيق معه في القضية رقم 3418 لسنة 2020 جنح أمن دولة طوارئ كفر صقر، بادعاء أنه تم القبض عليه صباح نفس اليوم، بناء على إذن صادر من النيابة العامة بتاريخ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020 بضبطه وإحضاره وتفتيش مسكنه، بناءً على محضر تحريات محرر من قطاع الأمن الوطني بتاريخ 4 أكتوبر/تشرين الأول 2020، يزعم فيه انتماءه إلى تنظيم داعش الارهابي.
وذكرت الشبكة أن رضا تعرّض لسلسلة من الانتهاكات بسبب معتقده الديني وانتمائه إلى المذهب القرآني، بدأت في عام 2008 عندما صدر قرار إداري باعتقاله بموجب قانون الطوارئ. وفي عام 2016 قام جهاز الأمن الوطني في محافظة الشرقية باستدعاء رضا، وقام بمناقشته في معتقده الديني، وأمروه بوقف أي كتابات أو أنشطة مرتبطة بالتعبير عن معتقده الديني، وهو ما استجاب له المعلم القرآني.
وطالبت الشبكة النائب العام بسرعة إخلاء سبيل المعلم القرآني رضا عبد الرحمن علي، لسقوط أمر حبسه الاحتياطي بقوة القانون، ولعدم وجود مبررات لحبسه احتياطيا، والكف عن استخدام الحبس الاحتياطي للتنكيل بالمواطنين بسبب آرائهم ومعتقداتهم، وكذا التحقيق في واقعة إخفائه قسريا منذ تاريخ 22 أغسطس/آب 2020 حتى ظهوره فى النيابة العامة بتاريخ 6 أكتوبر/تشرين الأول، ومراجعة وكلاء النائب العام بشكل دوري عن دورهم في إنفاذ القانون بشكل صحيح، ومحاسبة المتقاعسين عن دورهم ومن يساهمون في إهدار سيادة القانون، حتى لا يتحول مشهد تجديد الحبس في الطرقات إلى إجراء عادي وطبيعي.
ورضا عبد الرحمن، مدرس في جامعة الأزهر، وكاتب إسلامي ينشر مقالات في مدونته "العدل والحرية والسلام"، التي أطلقها عام 2006، انتظم مؤخرًا في كتابة أبحاث ومقالات في موقع أهل القرآن، وكان قد تعرّض للاعتقال في 26 أكتوبر/تشرين الأول عام 2008، حيث خضع لاستجواب عن معتقداته وآرائه وصلته بعمه مؤسس التيار القرآني في مصر د. أحمد صبحي منصور، ووجهت له النيابة تهمة "استغلال الدين الإسلامي لترويج أفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة وازدراء الدين الإسلامي والطوائف المنتمية إليه والإضرار بالسلام الاجتماعي"، لكن محكمة أمن الدولة العليا قضت في 6 من يناير/كانون الثاني 2009 بإلغاء قرار وزير الداخلية باعتقاله، وتم الإفراج عنه بعد أكثر من أسبوعين من صدور قرار إخلاء السبيل.
وفي 4 يوليو/تموز 2015، أعادت أجهزة الأمن اعتقاله، وتم الإفراج عنه لاحقا، قد أدى هذا الاستهداف المتعمد إلى امتناع رضا عبد الرحمن عن الكتابة في موقع أهل القرآن، حيث كان آخر مقال نشره في الموقع بتاريخ 13 يونيو/حزيران 2016 بعنوان (الرسول بريء من أكاذيب السلفيين).
ولم يمنع توقفه عن الكتابة طوال أربع سنوات، من القبض عليه مجددًا في 22 أغسطس/آب 2020، ولا يزال في قبضة الأمن.