مصر: القضاء على عمالة الأطفال هدف بعيد

19 يناير 2022
عمالة الأطفال في مصر مرتبطة بالتسرّب من التعليم (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

عام 2016، أطلقت مصر بالتعاون مع منظمة العمل الدولية الخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمالة الأطفال في البلاد، ودعم الأسرة تمهيداً للقضاء بالكامل على ظاهرة عمالة الأطفال بحلول عام 2025. 
مثلت الخطة التزاماً رسمياً بتوظيف وتفعيل كل الإجراءات والتشريعات اللازمة لتنفيذ هدف القضاء على عمالة الأطفال بحلول عام 2025، من خلال اتخاذ تدابير فورية وفعّالة للتصدي للسخرة وإنهاء الرق المعاصر والاتجار بالبشر، من أجل ضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمالة الأطفال، وبينها أيضاً تجنيدهم. لكن إطلاقها لم يمنع وفاة 8 عمال أطفال تتراوح أعمارهم من 13 و16 عاماً أخيراً بحادث انقلاب سيارة من على متن عبارة تعرف باللغة المحلية باسم "معدية" نقلتهم عبر نهر النيل ضمن مجموعة ضمت 24 طفلاً وبالغاً من مزرعة على الطريق الصحراوي بين مصر والإسكندرية إلى قرية طليا بمركز أشمون في محافظة المنوفية بدلتا مصر. 
وكان الأطفال القتلى يتقاضون أجراً يومياً يتراوح بين 30 و50 جنيهاً (1.9 دولار و3 دولارات)، علماً أن إحصاءات سابقة للخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمالة الأطفال في مصر أفادت بأن 1.6 مليون طفل بين 12 و17 عاماً يعملون في البلاد. وتحدثت الخطة أيضاً عن مواجهة نسبة 82.2 في المائة منهم ظروف عمل سيئة وغير آمنة، وأشارت إلى أن نسبة الأطفال العمال الذكور تبلغ 83.5 في المائة والإناث 77.6 في المائة. 
أما نسبة الأطفال الذين يعملون عدد ساعات أكثر من المسموح فبلغ 16.9 في المائة من مجموع الأطفال العاملين. وكانت النسبة أكبر بين الأطفال الإناث بـ 22.2 في المائة في مقابل 15.4 للذكور.
وفيما يبلغ عدد الأطفال في مصر 40.9 مليوناً، بحسب أرقام أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، لا توجد أرقام رسمية عن عمالة الأطفال، لأنّ أصحاب الأعمال مثل المزارع والمنشآت الصناعية والورش لا يكشفون هويات الأطفال الذين يعملون لديهم. ويترافق ذلك مع تقصير الجهات المعنية في مراقبةهذه المنشآت، لكن تقارير تشير إلى أن نسبة 63 في المائة منهم يعملون في الزراعة، والباقون في الصناعة والبناء والبيع في الشوارع والمطاعم وغيرها. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتعترف وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية نيفين القباج بأن عمالة الأطفال مرتبطة بقضايا الفقر والتسرّب من التعليم والتفكك الأسري والزيادة السكانية. 
وبحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر العام الماضي، بلغت نسبة التسرّب من التعليم في المرحلة الابتدائية 0.2 في المائة من إجمالي المقيّدين (0.3 في المائة من الذكور و0.2 في المائة من الإناث)، ونسبة 1.7 في المائة في المرحلة الإعدادية من إجمالي المقيدين بهذه المرحلة (1.4 في المائة من الذكور و2.1 في المائة من الإناث). 
أما التقرير بعنوان "فقر الأطفال متعدد الأبعاد في مصر" الذي أصدرته وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في ديسمبر/ كانون الأول 2017، فتحدث عنَ معاناة 10 ملايين طفل مصري من الفقر. وقد قيّم التقرير حينها الحرمان استناداً إلى 8 معايير تحدد رفاهية الطفل، هي الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي والمعلومات وظروف السكن والصحة والتغذية والتعليم والحماية.

يعمل في مزرعة (محمد الشاهد/ فرانس برس)
يعمل في مزرعة (محمد الشاهد/ فرانس برس)

وتؤكد كل المؤشرات تفاقم أزمة عمالة الأطفال في مصر، رغم أنها كانت بين أوائل الدول العربية والشرق أوسطية التي أدرجت حقوق الطفل في قانون خاص أدرجته ضمن الدستور عام 2008، بما يتوافق مع الاتفاقات الدولية. وتعتبر مصر أيضاً في مقدمة الدول التي وقعت على الاتفاق الدولي لحقوق الطفل، واتفاقي منظمة العمل الدولية رقم 138 لتحديد الحد الأدنى لسن الالتحاق بالعمل، وحظر أسوأ أشكال عمالة الأطفال.
ويحظر قانون حقوق الطفل في مصر عمل من هم دون 18 عاماً، ويلزم أصحاب المصالح إجراء كشف طبي للأطفال قبل إلحاقهم بالعمل للتأكد من أن لياقتهم البدنية والصحية تتلاءم مع متطلبات الأشغال التي يلتحقون بها. كما يمنع عملهم أكثر من 6 ساعات تتخللها فترة أو فترات راحة لا تقلّ كل منها عن ساعة.

قضايا وناس
التحديثات الحية

إلى ذلك، تتعلق أزمة عمالة الأطفال في مصر بالحالة السيئة لوسائل النقل البدائية المعروفة باسم "المعدية" في نهر النيل، علماً أن أجهزة الأمن اعتقلت مالك "المعدية" وثلاثة آخرين على خلفية حادث سقوط السيارة في النيل، وجددت النيابة العامة حبسهم 15 يوماً على ذمة التحقيق معهم في تهم التسبب في الحادث، والقتل الخطأ الناتج عن الإهمال، وعدم الحصول على التراخيص المناسبة لتسيير "المعدية" التي تعد إحدى أكثر وسائل النقل انتشاراً في المحافظات على ضفاف النيل، رغم مخاطرها.
وتقدر أعداد المعديات في نهر النيل بنحو 9500، بحسب دراسة أجراها مركز الدراسات الاقتصادية الذي أكد عدم وجود تراخيص لأكثر من 95 في المائة منها، وعدم امتلاك 70 في المائة من سائقيها رخصاً.
وعموماً، تعد المعديات إحدى أكبر المشاكل التي تؤرق الريف المصري على ضفاف النيل، إذ إن كثيرا منها متهالك وقديم، ولا يخضع لصيانات.

المساهمون