خلال الأيام القليلة الماضية، انشغلت مواقع التواصل في مصر، بواقعة انتحار الشابة بسنت خالد (17 عاماً) من مدينة كفر الزيات في محافظة الغربية، التي وقعت ضحية الابتزاز الإلكتروني، ففضلت الموت على أن تواجه أسرتها والمجتمع. وتركت رسالة لوالدتها تطلب منها تفهمها، وسعت للتأكيد أنّ الصور المنشورة لها مفبركة. وكتبت في الرسالة: "ماما يا ريت تفهميني (أتمنى أن تتفهميني) أنا مش (لست) البنت دي (هذه)، ودي (هذه) صور متركبة والله العظيم وقسماً بالله دي ما أنا (هذه ليس أنا). أنا يا ماما بنت صغيرة مستهلش اللي بيحصلّي ده (لا أستحق ما يحصل لي). أنا جالي (أصبت) باكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة أنا بتخنق، تعبت بجد. أنا متربية أحسن تربية".
وفيما تزداد أعداد ضحايا الابتزاز الإلكتروني بالتزامن مع ارتفاع ملحوظ في نسبة التبليغ عن هذه الجرائم من قبل الفتيات والنساء، تبقى القوانين المصرية قاصرة عن ردع هذه الجرائم. وبحسب منظمة الصحة العالمية، يُعَدّ الانتحار رابع سبب للوفاة بين اليافعين من الفئة العمرية ما بين 15 و19 عاماً. ففي عام 2019، انتحر في مصر وحدها 3022 شخصاً، بحسب إحصاءات المنظمة. وتشكك المؤسسات الحكومية المصرية في هذه الأرقام، وتصفها بالتقديرات غير الدقيقة، لكنّها لا تنفي الظاهرة.
وتتكرر حالات الانتحار المشابهة لقصة بسنت في مصر، على الرغم من عدم توافر إحصائيات دقيقة عن مثل تلك الجرائم. لكن وفق دراسة أعدّتها لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب المصري، فقد شهد شهرا سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، تقديم 1038 بلاغاً بجريمة إلكترونية، منها جرائم ابتزاز إلكتروني. ونجحت وزارة الداخلية في ضبط غالبية المتهمين فيها. وصدرت هذه الأرقام بمناسبة إصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في العام نفسه. وبسبب طبيعة الوقائع التي تتصل بالشرف والسمعة، لا تصل الكثير من هذه الجرائم إلى مسامع السلطات. وتخشى الضحية طلب المساعدة، ما يعرضها لاستمرار الابتزاز أو التعرض للإيذاء من أسرتها، على الرغم من أنّ القوانين رادعة للجريمة في التشريعات المصرية.
وتعاقب المادة الـ 26 من قانون الجرائم الإلكترونية رقم 175 لعام 2018 على "استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة أو المساس بالشرف بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه (نحو 6 آلاف و365 دولاراً) ولا تتجاوز ثلاثمائة ألف جنيه (نحو 19 ألف دولار)".
كذلك إنّ المادة الـ 25 من القانون نفسه تعاقب "نشر من طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، معلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة؛ بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه (نحو ثلاثة آلاف دولار) ولا تتجاوز المائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وعن الظروف المشددة في تلك الجريمة، تنص المادة الـ 34 من القانون نفسه على أن "تكون العقوبة السجن المشدد؛ إذا وقعت أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر".
ويعاقب قانون العقوبات المصري مرتكبي جرائم التحرش الجنسي. وتنص المادة الـ 306 مكرر (ب) فيه على أنه "يُعد تحرشاً جنسياً إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها فى المادة (306 مكرر أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليها على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات. فإذا ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات".
كذلك يُعَدّ التهديد والترويع جريمة في قانون العقوبات المصري، إذ تنص المادة الـ 375 مكرر فيه على أنّه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد واردة في نص آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجني عليه أو مع زوجة أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أي أذى مادي أو معنوي به؛ وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر، أو إذا وقع الفعل على أنثى، أو على من لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة. ويقضي في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها".