مصر... أمهات يتحايلن لتجاوز ارتفاع كلفة الوجبات المدرسية

04 أكتوبر 2024
الوجبات المدرسية ضرورية لصحة الطلاب في مصر (محمد الراعي/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه الأسر المصرية صعوبة في توفير وجبات مدرسية صحية بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة تتجاوز 50%، مما يؤثر على الأطفال والأمهات نفسياً.
- تعبر الأمهات عن الحاجة لدعم حكومي أو منظمات غير حكومية لتوفير وجبات بأسعار معقولة، حيث تلجأ بعض الأسر لاستخدام بقايا الأطعمة أو تقليل المكونات الأساسية.
- يشير الخبراء إلى تأثير التغذية الجيدة على الأداء الأكاديمي والصحة العامة للأطفال، ويوصون بحلول مبتكرة مثل برامج دعم الأسر وتعاون المجتمع المدني والقطاع الخاص.

ترى غالبية الأمهات المصريات أن أسعار معظم السلع الغذائية ارتفعت بنسب تتجاوز 50%، ما يجعل من الصعب عليهن تجهيز الوجبات المدرسية لأطفالهن.

مع بدء العام الدراسي الجديد، تجد الأسر المصرية نفسها أمام تحدٍّ كبير يتمثل في صعوبة توفير الوجبات المدرسية لأبنائها مع تزايد أسعار السلع الغذائية، ما يجعل من الصعب على غالبية الأمهات تأمين أطعمة مشبعة ومفيدة لأطفالهن بتكلفة تناسب ميزانية الأسرة التي باتت مثقلة بالأعباء.
وارتفعت أسعار الألبان والجبن والفاكهة والخضروات في مصر، وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، ارتفاع معدل التضخم إلى 26.2% في شهر أغسطس/آب الماضي، بينما سجل معدل التضـخم السنوي 25.6%، وجاء التضخم مدفوعاً بارتفاع أسعار الخضروات بنسبة 14.3%؛ والألبان والجبن والبيض بنسبة 2.1%؛ والفاكهة بنسبة 0.9%؛ والمياه المعدنية والعصائر بنسبة 1.7%.
تعبر كوثر محمد، وهي أم لثلاثة أطفال، عن قلقها لـ"العربي الجديد": "كنت أعد وجبات صحية لأطفالي كل يوم، لكن مع زيادة الأسعار، أصبح من المستحيل توفير طعام جيد، وأحاول الآن البحث عن طرق لإعداد وجبات يمكنني تحمل تكاليفها، فأحياناً أستبدل الخضروات الطازجة بالمجمدة، لكني لا أستطيع فعل ذلك لفترة طويلة. الأزمة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي وحده، بل تترك آثاراً نفسية على أبنائي، كما أشعر بالذنب لأنني لا أستطيع توفير الطعام الصحي لهم كما كنت أفعل في السابق، وأحياناً يرغبون في تناول أصناف محددة، لكنني أخبرهم أنني لا أستطيع تحمل تكاليفها، وهذا يؤثر على نفسيتهم، وعلى علاقتي بهم".

وتقول رقية، وهي أم لطفلين في المرحلة الابتدائية: "يجب أن يكون هناك دعم من الحكومة أو من منظمات غير حكومية لتوفير الوجبات المدرسية، سواء بالمجان أو بأسعار رمزية، فهناك العديد من الأسر التي تعاني، كما أن نقص تغذية الأطفال قد يؤدي إلى جيل هزيل، ويسبّب مشكلات أعمق في المستقبل. الأسعار تتزايد كل عدة أشهر، والبيضة ارتفع سعرها من خمسة جنيهات في العام الدراسي السابق إلى ثمانية جنيهات في العام الحالي، والأجبان ارتفعت بما لا يقل عن 30%، والخضروات ارتفع بعضها بنسبة 150%، والفواكه ارتفعت بما لا يقل عن 75%".
وتشير إلي أنها لجأت إلى تجهيز وجبات المدرسة من بقايا الأطعمة المنزلية التي تجهزها بتكلفة أقل بدلاً من شراء الأطعمة الجاهزة أو المكونات نصف الجاهزة، لافتة إلى استبعاد عدد من المنتجات التي اعتاد عليها الأبناء سابقاً بعد أن تخطت أسعارها الضعف، لأنها لا تستطيع تحمل كلفة هذه الزيادات.

التغذية السليمة تدعم تركيز التلاميذ (محمد الراعي/الأناضول)
التغذية السليمة تدعم تركيز التلاميذ (محمد الراعي/الأناضول)

يتفق معها محمد عادل، ويقول: "الوجبة المدرسية تختلف بين مدرسة وأخرى، وبين طفل وآخر بحسب الإمكانات المادية لكل أسرة، لكن الجميع يعانون ارتفاع الأسعار، وانعكس ذلك على محتويات تلك الوجبات، وفي بعض الأحيان أحاول جاهداً تدبير المصروف لابني بجانب الوجبة، ما يزيد من العبء المادي علي الذي تفاقمه الدروس الخصوصية".
من جانبه، يوضح طبيب التغذية صلاح عيد، لـ"العربي الجديد": "تغذية الأطفال تلعب دوراً أساسياً في أدائهم الأكاديمي، وعندما تكون الوجبات غير كافية أو غير مغذية، فإن ذلك ينعكس سلباً على تركيزهم، وقدرتهم على التعلم، وهذه الأزمة قد تؤدي إلى زيادة معدلات الغياب، أو ضعف الأداء الدراسي، ما يؤثر على مستقبل الأطفال. ينبغي التفكير في حلول مبتكرة، ومن بينها تبني الحكومة برامج دعم الأسر الفقيرة من خلال توفير وجبات مدرسية مجانية أو بأسعار رمزية، وتعزيز التعاون بين المجتمع المدني والقطاع الخاص لتوفير الدعم الغذائي لأبناء العائلات المحتاجة".

بدوره، يشير الخبير الاقتصادي علاء حسب الله، إلى أن "الأسواق المصرية تشهد منذ فترة طويلة ارتفاعاً متكرراً في أسعار الأغذية، ما يمثل تحدياً كبيراً للأسر، ويعود هذا إلى عدة عوامل، من بينها التضخم العام، وزيادة تكاليف الإنتاج، وارتفاع أسعار الاستيراد نتيجة تقلبات أسعار الصرف. في ظل هذه الظروف، تجد الأسر نفسها مضطرة إلى التكيف مع الزيادات، ما يؤثر على نمط الحياة وعلى التغذية، وهو ما يطاول الوجبات المدرسية الخاصة بالأطفال، ومع الارتفاع المستمر في الأسعار يصعب على الأسر توفير وجبات صحية ومتوازنة".
ويوضح حسب الله لـ"العربي الجديد": "يواجه الأهل صعوبة في اختيار مكونات الوجبات الصحية، مثل الفواكه والخضروات، والتي أصبحت كلفتها مرتفعة، ومن ثم تلجأ بعض الأسر إلى تقليل كمية البروتينات أو الخضروات في الوجبات، ويضطر البعض إلى إلغاء الوجبة المدرسية كلها، ما يؤثر سلباً على صحة الأطفال. الحكومة مطالبة بتحمل مسؤوليتها في التخطيط بشكل استراتيجي لتغذية الأجيال المقبلة، بما في ذلك اختيار المكونات التي توفر قيمة غذائية عالية بتكلفة منخفضة، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان صحة الأطفال ومستقبلهم التعليمي".

المساهمون